FINANCIAL TIMES

أفضل طريقة للتعافي من «خربطة» التكنولوجيا

أفضل طريقة للتعافي من «خربطة» التكنولوجيا

قبل عدة أيام عندما وصلت إلى العمل وجدت رسالة بالبريد الإلكتروني من امرأة تعمل في العلاقات العامة لم ألتق بها قط من قبل، تهنئني بوظيفتي الجديدة في "سيتي إيه أم"، وهي صحيفة لم أعمل لديها في أي يوم. ثم أعقبت ذلك برسالة سريعة تقول فيها: "آسفة. من الواضح أن ذهني كان مشتتا".
كان من الممكن أن أتجاهل هذا الأمر، إلا أنه جاء في غضون ساعات من رسالة أخرى بالبريد الإلكتروني من شخص تساءل عما إذا كنت مهتمة بأن أعرف أن قيمة برامج أسهم الموظفين "قفزت إلى أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات ووصلت إلى . مليار جنيه استرليني" نتيجة لارتفاع سوق الأسهم.
قبل أن تتاح لي فرصة أن أقول إنني أجد الأمر مثيرا جدا للاهتمام، هذا الأخير أيضا أرسل لي بريدا إلكترونيا مرة أخرى للاعتذار عن "الخطأ المطبعي المؤسف جدا في رسالتي الإلكترونية الأخيرة".
لم تنته الأمور عند هذا الحد. في اليوم التالي كان الدور على رجلين، أحدهما من بنك استثماري، والآخر من وكالة تصنيف ائتماني. كلاهما أرسلا رسائل عبر البريد الإلكتروني فيها أخطاء فظيعة تحتاج إلى تصحيح.
هؤلاء الأشخاص هم غيض من فيض ممن يرتكبون مثل هذه الأخطاء. الأخطاء الغبية التي نقع فيها أثناء العمل فظيعة، وتزداد سوءا.
أنا أعرف هذا، لأنني ارتكبت الكثير منها. منذ أسابيع أعطيت إحدى زميلاتي عنوانا لبريد إلكتروني اشتمل على خطأ طباعي لشخص ما تحتاج إلى الاتصال به، وآخر كان فيه خطأ في تاريخ الاجتماع. ثم كدت أن أقدم موضوعا للصحيفة يشتمل على اسم شخص واحد مكتوب بطريقتين مختلفتين. لا شيء من هذا الأمر يثير الدهشة بالنظر إلى الإلهاء الرقمي الذي لا هوادة فيها الذي يصيب الحياة العملية.
يحذر الباحثون منذ سنوات من أن الأشخاص الذين يتبادلون باستمرار رسائل البريد الإلكتروني، والنصوص، والرسائل لا يحفظون، أو يديرون أعمالهم بمثل كفاءة الأشخاص الذين يولون الانتباه إلى شيء واحد في كل مرة. ويقال إن التحميل الرقمي الزائد يكلف ما يصل إلى مليار دولار سنويا من حيث فقدان الإنتاجية والابتكار، في الولايات المتحدة فقط. لا عجب في ذلك، لأننا كما يقال، نضغط، ونمرر أصابعنا، وننقر على هواتفنا بمعدل مرة في اليوم.
لم أشعر بالاستغراب ولو من بعيد حين قرأت هذا الشهر أنه حتى مصمم التكنولوجيا الذي اخترع كبسة الضغط الشيطانية لتجديد محتويات الشاشة، يشعر هو نفسه بالقلق من تأثيرها ويحاول فطم نفسه من الهجوم الرقمي. ما يثير ذهولي أكثر من ذلك هو أن مستويات "الخربطة" في المكاتب ليست أسوأ بكثير من ذلك.
لا يزال من النادر نسبيا أن نرى خطأ ضخما، مثل نقل موظف في "دويتشه بانك" ما إجماليه ستة مليارات دولار، عن طريق الخطأ، إلى أحد العملاء قبل عامين. أو المسؤول في بنك إنجلترا الذي أرسل عبر البريد الإلكتروني، عن طريق الخطأ، تفاصيل دراسة سرية عن المخاطر المالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى أحد الصحافيين.
لكن حصيلة الإلهاء الجماعي تتصاعد يوميا. وقد ظهرت صناعة ثانوية لمساعدة الناس على كتم الصوت، وحظر الأشخاص، والسيطرة، وإيقاف الجهاز. معظمنا يعرف كل ذلك من قبل: وضع الفلاتر على بريدك الإلكتروني. أتمتة مشاركاتك. تعلم أن تغلق هاتفك. ممارسة رياضة المشي. جربت الكثير من هذه الحيل. وكلها ممتازة من الناحية النظرية، لكن من الصعب وضعها موضع التنفيذ.
أحد الروس الكبيرة التي تعلمتها هو: إذا حدث أن أرسلت بريدا إلكترونيا يحتوي على أخطاء في العمل، ما لم تكن قد تسببت في انهيار سوق الأسهم، فقط اعتذر وواصل العمل. لا تحاول أبدا أن تتذكر ذلك.
يظهر من بحثي في صندوق البريد الخاص بي أنه كان هناك شهر واحد فقط هذا العام – آب (أغسطس) - لم تصلني فيه رسالة واحدة على الأقل من شخص يعلن أنه "يرغب في التطرق" إلى إحدى رسائل البريد الإلكتروني السابقة. في كل حالة تقريبا، فعلت ما يفعله الجميع. تعقبت الملاحظة الخاطئة لمعرفة الخطأ الموجود. في بعض الأحيان ليست هناك حتى حاجة لفعل ذلك. في اليوم الذي صوت فيه البريطانيون للخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي حاول موظفو العلاقات العامة في "رايان إير" أن يسترجعوا إعلانا كان موعد نشره مرتبطا بساعة معينة، حيث قالت شركة الطيران إنها تطلق عملية بيع على مدار ساعة "للاحتفال بالبقاء في أوروبا".
وما زلت أشعر بالأسف للمرأة التي كانت تعمل في شركة معمارية وحاولت استرداد شيء كانت قد أرسلته لي قبل أسابيع. بدأت رسالة بريدها الإلكتروني باستجابة مهذبة تماما لمقال كنت قد كتبته عن آفة المكتب المفتوح.
وبينما كنت أنتقل إلى أسفل الرسالة لمعرفة لماذا أزعجت نفسها بمحاولة استرداد مثل هذه الملاحظة غير المؤذية، رأيت أنها تتضمن مجموعة مؤسفة لعناوين من البريد الإلكتروني من زملائها، الذين عرضوا أفكارهم حول ما ينبغي أن تقول لي.
قال أحدهم بنوع من الغضب: "الشيء الذي أزعجني حقا حول هذا المقال، هو أنه من الواضح أن الموظفين ليست لديهم فكرة كيف أن المساحة المكتبية يقصد بها دعمهم".
كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ من ذلك. أنا متأكدة من أنني فعلت أشياء أكثر غباء من ذلك بكثير. لكن أشك في أنني كنت سأقرأ هذا لو لم يكن قيل لي إنه ينبغي لي ألا أفعل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES