الطاقة- النفط

الطلب النفطي يلامس 100 مليون برميل يوميا في 2020

الطلب النفطي يلامس 100 مليون برميل يوميا في 2020

أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن توقعات المنظمة المستقبلية للنفط التي سيتم إطلاقها رسميا في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في فيينا تتضمن توقعات بتجاوز الطلب 100 مليون برميل يوميا في عام 2020، وأكثر من 111 مليون برميل يوميا بحلول عام 2040، مشددا على أن الطلب يتزايد سنويا بما يفوق التوقعات المسبقة، ما يؤكد أنه لا توجد ذروة في الطلب النفطي في المستقبل المنظور.
وطالب باركيندو – في كلمته أمس أمام مؤتمر المال والنفط في لندن– منتجي النفط وشركاته بالاستمرار في الاستثمار بكثافة لتعويض معدلات الانخفاض الطبيعي في الحقول النفطية القائمة، مشيرا إلى أن إنتاج الحقول ينخفض بمعدل سنوي قدره 5 في المائة، ما يؤكد أن الصناعة بحاجة إلى إضافة أكثر من أربعة ملايين برميل يوميا كل عام للحفاظ فقط على مستويات الإنتاج الحالية.
وتوقع باركيندو أن تسجل الاستثمارات ارتفاعا طفيفا هذا العام وفي العام المقبل، وعلى الرغم من ذلك ليست قريبة من المستويات السابقة، خاصة أن هناك تركيزا على المشاريع ذات الأمد القصير بدلا من المشاريع ذات الأمد الطويل التي تعد أكثر أهمية لصناعة النفط، لافتا إلى أن دول "أوبك" تحدت هذا الاتجاه واستمرت في الاستثمار خلال فترة تراجع الصناعة، مؤكدا أن المنظمة في وضع يمكنها من أن تظل موردا موثوقا للخام والمنتجات النفطية إلى الأسواق العالمية.
وأوضح باركيندو أن عملية خفض الإنتاج وضبط المعروض النفطي التي تشارك بها 24 دولة منتجة في "أوبك" وخارجها لم تكن دائما تسير في يسر وسهولة نظرا لصعوبة هذه الدورة الاقتصادية في سوق النفط، مشيرا إلى أنه إذا راجعنا وضع السوق على مدى الأشهر التسعة الماضية يمكننا أن نشعر بالرضا، ونكون سعداء مع جهودنا الجماعية للتغلب على تحديات الدورة الأصعب في سوق النفط.
وشدد باركيندو على عدم وجود أدنى شك في أن السوق يستعيد التوازن بوتيرة متسارعة ويحقق الاستقرار بشكل مطرد، معتبرا أن هناك ضوءا أكثر بكثير مما نتوقع في نهاية النفق المظلم بعدما تجاوزنا حالة التهاوي في السوق إلى أسفل على مدى السنوات الثلاث الماضية، مضيفا أن التعاون مع المنتجين المستقلين يكتب فصلا جديدا من الاستقرار المستدام في صناعة النفط العالمية.
ويرى باركيندو أن النجاح الذي تحقق في تعاون المنتجين معا فاق كل التوقعات ورد على كل حملات التشكيك التي بدأت مع بداية التوصل إلى الاتفاق في أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، لافتا إلى أن هناك حالة من الاعتراف بالجهود الواسعة التي بذلها المنتجون منذ اتفاق الجزائر لافتا إلى وجود عدد كبير من المتشككين الذين سخروا من فكرة تعاون "أوبك" مع الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك للمشاركة معا في عملية إعادة التوازن في السوق.
وأعرب باركيندو عن سعادته بأن هؤلاء المتشككين كانوا مخطئين كليا منوها إلى أن الفترة الماضية شهدت مشاورات موسعة وتنسيقا جيدا والتزاما هائلا واجتهادا كبيرا ومرونة واسعة في التوصل إلى حلول وسط في الأمور الخلافية، وذلك منذ إعلان التعاون بين 24 دولة من الدول الأعضاء في "أوبك" والمنتجين المستقلين من خارجها.
وذكر باركيندو أن حملات التشكيك استمرت مع الأسف على مدار تنفيذ الاتفاق وتمثلت في الترويج لفكرة ضعف امتثال الدول الأعضاء لحصص خفض الإنتاج، وذلك على غير الحقيقة أو عدم وجود دعم قوي من الدول غير الأعضاء في "أوبك" وهو الأمر البعيد للغاية عن الواقع، معتبرا أن اتفاق التعاون خدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء وسهل عملية الانتقال إلى استعادة استقرار سوق النفط وتحقيق كثير من الإيجابيات بالنسبة للاقتصاد العالمي.
وأضاف أمين "أوبك" أن هناك شعورا عاما بالتفاؤل في السوق، وهذا الأمر ليس قاصرا على المنظمة، بل لمسته عن قرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن مجموعة متنوعة من وزراء الطاقة والنفط خارج "أوبك"، وجميعهم جزء من "إعلان التعاون" التاريخي وكذلك في الهند، وهي بلد مستهلك رئيس يتوقع أن يقود نمو الطلب على النفط في السنوات والعقود المقبلة.
وقال باركيندو إن نمو الطلب العالمي على النفط قوي وهناك دلائل على وجود اتجاه لنمو مطرد في الفترة المقبلة، لافتا إلى تحقيق نمو عالمي في الطلب على النفط في عام 2017 عند مستوى 1.15 مليون برميل يوميا، وقد تم رفع توقعات الطلب للعام المقبل 2018 إلى 1.5 مليون برميل يوميا.
وبحسب أمين "أوبك"، فإنه من المتوقع استمرار هذه الديناميكية المشجعة في السنوات التالية عند 1.4 مليون برميل يوميا، وهي تقديرات تشترك فيها عديد من المنظمات والوكالات الدولية التي عدلت توقعاتها للطلب نحو مزيد من الصعود في الأشهر الأخيرة، كما يوجد انحسار متسارع في مستوى المخزونات سواء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أو المخزونات البحرية.
في سياق متصل، مالت أسعار النفط أمس إلى الانخفاض، لكنها حافظت على مكاسب سابقة تحققت بفضل تصاعد الصراع على نفط كركوك، إلى جانب استمرار تراجع الإنتاج الأمريكي نتيجة تداعيات الأعاصير التي تسببت في إغلاق وتجميد نشاط عديد من المنشآت النفطية الأمريكية.
وتلقى السوق دعما من التقدم المستمر في تنفيذ خفض الإنتاج الذي تقوده منظمة أوبك بالتعاون مع المنتجين المستقلين، واستمرار المشاورات والتنسيق بين كبار المنتجين تمهيدا للاجتماع المحوري المهم للمنتجين في فيينا في الشهر المقبل.
وتفاعل السوق إيجابيا مع المباحثات السعودية الجزائرية التي جرت في الجزائر ضمن أعمال زيارة المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي بحث فيها مع كبار المسؤولين سبل دعم الاستقرار في السوق وتفعيل جهود التعاون المشترك بين المنتجين سواء في "أوبك" أو خارجها.
وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، دييجو بافيا مدير شركة "إينو إنرجي" للطاقة في هولندا، إن المباحثات السعودية الجزائرية تجيء في إطار الحراك المكثف للمنتجين لتنسيق المواقف وتحقيق أقصى درجات التوافق على خطة العمل في السوق في الشهور المقبلة، خاصة في ضوء احتمال كبير بتمديد اتفاقية خفض الإنتاج إلى ما بعد مارس المقبل.
ونوه بافيا إلى أن الجزائر لعبت دورا محوريا في وضع اللبنات الأولي لاتفاق خفض الإنتاج في سبتمبر من العام الماضي ومازالت تؤدي دورا رئيسا في السوق، مشيدا بعمليات التحضير الجيدة التي تسبق اجتماع الشهر المقبل في فيينا الذي يشارك فيه جميع المنتجين الأعضاء في الاتفاقية سواء في "أوبك" أو خارجها.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، مارك ردولف مدير شركة "أي سي أي إس" للمنتجات النفطية في لندن، أن منظمة أوبك طرحت رؤية جيدة وموضوعية بشأن نمو الطلب وانحسار فائض المخزونات وقرب تحقيق التوازن الكامل والمستقر في السوق، مشيرا إلى أنه يتفق مع "أوبك" في أن التحدي الرئيس في الفترة المقبلة هو زيادة الاستثمارات، خاصة أن تقلص المعروض بات حقيقة مؤكدة، وأن الاستثمارات النفطية لم تعد بعد إلى كامل طاقتها السابقة قبل الانهيار الحاد الذي وقع في منتصف عام 2014.
وأشار ردولف إلى أن جهود التعاون بين المنتجين تزداد قوة بمرور الوقت نتيجة النتائج الإيجابية التي بات يلمسها الجميع في السوق، خاصة تعافي الأسعار وتراجع المخزونات، لافتا إلى أن الإنتاج الأمريكي المنافس يواجه صعوبات الكوارث الطبيعية حاليا، ولكنه من المتوقع أن ينتعش من جديد في العام المقبل 2018.
ومن ناحيتها، تقول لـ "الاقتصادية"، بريدا كوروسيك المستشار الاقتصادي السلوفيني في فيينا، إن حديث شركة "روسنفت" الروسية العملاقة عن أن إمدادات النفط الصخري الأمريكي قد تعرقل استقرار السوق في العام المقبل بها كثير من المبالغة، خاصة أن جهود المنتجين في "أوبك" وخارجها تحقق كثيرا من التقدم المتلاحق، كما أن نمو الطلب من جانب آخر يشهد تحقيق وتيرة متسارعة.
وأشارت كوروسيك إلى أن السوق في العام المقبل ستكون أكثر توازنا بحسب تقديرات كثير من مؤسسات الطاقة الدولية، خاصة إذا أقدم المنتجون على مد أجل العمل بتخفيضات الإنتاج كما هو متوقع.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد انخفضت أسعار النفط أمس لكنها حافظت على معظم المكاسب التي حققتها في الآونة الأخيرة بدعم تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" والتوتر في الشرق الأوسط وتراجع الإنتاج الأمريكي.
وبحسب "رويترز"، فقد انخفض خام برنت 75 سنتا إلى 57.40 دولار وهو ما يزيد على مستويات منتصف العام بنحو 30 في المائة، ونزلت العقود الآجلة للخام الأمريكي 65 سنتا إلى 51.39 دولار للبرميل وهو مستوى أعلى نحو 25 في المائة عن أدنى مستويات حزيران (يونيو).
وقال محللون إن بعض المستثمرين يعمدون إلى البيع لجني الأرباح بعد مكاسب لأسبوعين لكن الاتجاه الصعودي مازال قويا، وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن مخزونات الخام الأمريكية تراجعت نحو 5.7 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 456.49 مليون برميل.
وانخفض الإنتاج الأمريكي 11 في المائة مقارنة بالأسبوع السابق إلى 8.4 مليون برميل يوميا وهو أدنى مستوى منذ حزيران (يونيو) 2014 وذلك بعد إغلاقات نتجت عن إعصار.
وأشار التقرير الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى تراجع متوسط كميات الخام المكرر في المصافي الأمريكية خلال الأسبوع المنتهي في 13 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي إلى 15.4 مليون برميل يوميا بانخفاض قدره 819 ألف برميل خام يوميا خلال الأسبوع السابق.
وبلغ معدل تشغيل المصافي الأمريكية 84.5 في المائة من إجمالي طاقتها الإنتاجية خلال الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه، ارتفع إنتاج البنزين خلال الأسبوع الماضي إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا، في حين تراجع إنتاج الوقود المكرر خلال الأسبوع الماضي إلى نحو 4.8 مليون برميل يوميا.
وبلغ متوسط واردات الولايات المتحدة من النفط الخام خلال الأسبوع الماضي 7.5 مليون برميل يوميا، بانخفاض قدره 134 ألف برميل يوميا عن الأسبوع السابق.
وتعتري الأسواق هواجس بشأن مخاطر الإمدادات بفعل عدم الاستقرار السياسي في مناطق إنتاج مهمة بالشرق الأوسط، فقد انخفضت صادرات النفط من إقليم كردستان العراق أكثر من النصف إلى 225 ألف برميل يوميا، بعدما استعادت القوات العراقية السيطرة على بعض حقول النفط المهمة من البشمركة الكردية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط