Author

القرار الجريء يكلفك لكن يكافئك

|

تخرج حسان الرفاعي من الثانوية العامة وهو لا يعلم إلى أين يولي وجهه. أتاح له معدله العالي فرصة القبول في كل الخيارات التي تقدم إليها، فضل برنامج الابتعاث الجامعي لإحدى الشركات الوطنية الكبرى، ابتعث إلى أمريكا متخصصا في الحاسب الآلي بلا رغبة، في عامه الدراسي الأول أخذ مواد عامة، راقت له مادة محددة وهي أساسيات الهندسة الطبية، أحس بمتعة كبيرة وهو يحضر محاضراتها ويؤدي متطلباتها ويستعد لاختباراتها.
فتحت له هذه المادة الشهية للقراءة عن هذا التخصص، وقع في غرامه، تعلق به بكل جوارحه، اتخذ قرارا جريئا بتغيير تخصصه إلى الهندسة الطبية الذي كلفه خسارة بعثته الدراسية. عانى من تحديات مالية كبيرة واجهها بالعمل الجزئي ودعم والده، تخرج وعاد إلى المملكة باحثا عن وظيفة، قدم ملفه إلى عدة جهات لكن لم يكتب له النجاح، وفي أحد لقاءاته مع والده تلقى الأخير اتصالا من صديقه القديم الذي انتقل إلى لندن منذ سنوات للاستثمار، سأله صديقه خلال المكالمة مساعدته في افتتاح فرع في المملكة لمركز تخزين خلايا جذعية مستخلصة من دم الحبل السري، أجاب الأب بأنه لا يفقه في هذا الموضوع لكن ابنه المتخرج من الهندسة الطبية ويجلس بجانبه قد يملك خلفية أوسع، تحدث الابن مع صديق والده المستثمر، ولم تنته المكالمة إلا واتفق الطرفان على أن ينضم حسان إلى مشروعه ممثلا عن المركز في الشرق الأوسط، رأى حسان أنها فرصة له لخوض تجربة مثيرة، شرع في العمل فورا على افتتاح فرع في المملكة بيد أنه لم ينجح بسبب صعوبة الإجراءات آنذاك، اتجه إلى دبي، ووجد حفاوة كبيرة بالتزامن مع افتتاح المدينة الطبية، أنهى كل الإجراءات خلال فترة زمنية وجيزة، وجهز المركز للانطلاق، لكن قبل التدشين بأيام أعلنت دبي عن بنك خيري للخلايا الجذعية فبات الاستثمار في المركز الذي يعمل عليه حسان بلا جدوى، انصرف حسان إلى مشروع آخر وهو تأسيس عيادات طبية للجالية الفلبينية في الشارقة يعمل بها أطباء فلبينيون، أسس كل شيء وعثر على مستثمرين وحصل على دعم لكن لم ينجح الأطباء الفلبينيون الذين تعاقد معهم في الاختبارات بسبب قلة خبرتهم ودرايتهم بالأمراض الشائعة بالخليج، غيّر استراتيجية العيادات واستقطب أطباء عراقيين أكفاء غادروا وطنهم بسبب التحديات التي يرزح تحت وطأتها، بعد نجاحه في التأسيس والتشغيل شعر بالرغبة في خوض مشروع جديد، التقى مستثمرين يابانيين لديهم تقنية التعقيم الدائم MVXV، حاول نقلها إلى المملكة ولم ينجح، انتقل إلى ألمانيا بعد أن حصل على التراخيص اللازمة، وافتتح فرعا في فرنسا وآخر في أمريكا وبريطانيا، وأجرى تجربة ناجحة حديثا لتقنيته في المسجد الحرام.
قدم حسان درسا مهما للجميع بألا نستسلم، ولا نركن للخيارات التقليدية.
يا صديقي، اتخذ القرار الجريء فمهما كلفك، سيكافئك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها