Author

السعودية الأولى

|
هذا اللقب لا علاقة له بالحاضر، وإنما هو لقب تاريخي حققته شابة سعودية تقدم والدها بطلب الإذن لها بالعمل في المجال الصحي في شركة أرامكو في ستينيات القرن الميلادي الماضي. السعودية الأولى في "أرامكو" التحقت بالعمل مع عدد غير قليل من زميلاتها من الجنسية الأمريكية، لكنها في هذه الأثناء فتحت الطريق أمام توظيف بنات الوطن في مجال جديد، وحققت السبق في المجال. الحديث عن التحديات التي عاشتها هذه الفتاة في وقتها والصعوبات التي تجاوزتها يذكرني بالكم الكبير من الاهتمام الذي يلقاه موظفو الشركة من ناحية التمكين والحصول على الحقوق الوظيفية رغم وجود منافسين من دول أوروبية ومن الولايات المتحدة. تنافس محموم لم يكن ليخسره أبناء وبنات المملكة، وهو مثال يجب أن يؤمن به كل من يعتقد بأسطورة تفوق العامل والموظف الأجنبي. منحت الشركات الكبرى وأولها "أرامكو" الفرصة المهمة للتنافس لمواطن بسيط جاء من الصحراء، منافسة مع من قدموا من أكثر الدول حضارة وسيطرة في المجالين الصناعي والعلمي، لكننا شاهدنا اليوم الأعداد الكبيرة من القادة والتنفيذيين الذين نافسوا وبرهنوا قدرتهم في أصعب ظروف العمل. هذه الملاحم المهمة يجب أن تقود عمليات الدعم الوظيفي لتمكين المواطنين من العمل والترقي في كل القطاعات، ولعل الاعتقاد أن التوفير الذي تحققه عمليات توظيف الأرخص تكلفة الذي يأتي من بيئة اقتصادية محدودة المتطلبات، تدفع باتجاه التخلص من هذه الفكرة. هنا يأتي الدور المهم الذي تحققه مجموعة التشريعات التي تحاول أن تساوي بين تكلفة المواطن ومن يماثله في التخصص والتأهيل، ليصبح العنصر الحاكم في المعادلة المهمة هو الكفاءة الذي يمكن أن نطالب به أبناء الوطن عندما يصبحون على المحك. يبقى الجيل الأول ذا فضل على من تلاه، ويجدر بنا جميعا أن نسهم -كل بقدره- في ضمان ارتفاع مخرجات المواطن في مجال عمله. وعندما تصبح المعادلة أكثر عدالة سيكون لنا أن نفخر بأن الأجيال اللاحقة استفادت من تجارب الكبار. هذا يتم فقط عندما تصبح المؤثرات والدوافع متشابهة. لسيدة "أرامكو" الأولى نجاة الحسيني الشكر على اختراقها مجال العمل، ولكل البارزين الذين أسهموا في نجاحات مماثلة كل تقدير واحترام، ولعل تبني استقبالهم وتقديمهم ما يملكونه من خبرات على شكل محاضرات وورش عمل مفيد في حث الشباب وتحفيزهم للأفضل.
إنشرها