Author

صندوق التنمية الوطني .. وتعظيم المردود التنموي

|

صدر أمر ملكي قبل أيام يقضي بإنشاء "صندوق التنمية الوطني"، يرتبط مباشرة بنائب رئيس مجلس الوزراء. وسيكون هذا الصندوق الجديد مظلة للصناديق التنموية التالية: صندوق التنمية العقارية، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق التنمية الصناعية السعودي، وصندوق التنمية الزراعية، وبنك التنمية الاجتماعية، وصندوق تنمية الموارد البشرية، وأي صندوق أو بنك تنموي يصدر لاحقا. وحسب الأمر الملكي الكريم سيتولى الصندوق الإشراف العام – تنظيميا ورقابيا وتنفيذيا - على الكيانات المذكورة آنفا، إلى جانب رسم سياساتها وخططها التنفيذية وآليات عمل كل منها.
لقد كان هذا الصندوق مجال حديث الزملاء في إحدى الأمسيات الجميلة، إذ أبدى كثير منهم تأييدا كبيرا، لكن كانت هناك تساؤلات كثيرة حول آلية عمل الصندوق الجديد، وطبيعة التغييرات في صلاحيات ومهام مجالس الإدارات لكل صندوق، إضافة إلى طبيعة التغيير في إجراءات عمل الصناديق تحت هذه المظلة الجديدة.
هناك حاجة ماسة إلى إنشاء هذا الصندوق الوطني في هذا الوقت، خاصة أن بعض الصناديق المذكورة آنفا في حاجة إلى ضبط أنشطتها، وتوجيهها التوجيه الصحيح من خلال زيادة فاعليتها وتقييم أدائها، من أجل ضمان تحقيق أهداف كل منها، خاصة أن كل صندوق كان يعمل بمعزل عن الصناديق الأخرى دون تنسيق يذكر، أو استفادة من التجارب المشتركة، كما أن آليات اتخاذ القرارات في بعضها تتسم بالارتجالية وغياب الدراسات الجادة، إلى جانب غياب التقييم الدوري الدقيق من قبل جهات خارجية لأداء كل منها وفاعليته وأثره التنموي.
لذلك سينعكس إنشاء هذا الصندوق على تعظيم المردود التنموي للصناديق التنموية والمردود السياسي والاقتصادي للصندوق السعودي للتنمية، من خلال اختيار مشاريع تنموية مناسبة للدعم مع اشتراط الاستفادة من المنتوجات الصناعية السعودية، وكذلك تفعيل الاستفادة من الكفاءات السعودية في مختلف المجالات.
أتوقع أن تصبح هذه الصناديق أكثر فاعلية بعد إنشاء الصندوق الوطني، وأن تكون مجالس إداراتها أكثر تنوعا وتخصصية في مجال عمل كل منها، وأن تكون قراراتها ومشاريعها مدروسة دراسة عميقة وجادة، وأن ينتج عن ذلك كله تعظيم لمواردها بدرجة أفضل.
إن وجود جهة إشرافية لضبط عمل هذه الصناديق وتقييم أدائها، والتنسيق فيما بينها أمر في غاية الأهمية، سواء على هيئة صندوق وطني أو "وزارة للتنمية" تهدف إلى تنسيق جهود التنمية بين الوزارات والجهات الحكومية والخاصة المختلفة إلى جانب الإشراف على هذه الصناديق. لذلك أقترح إنشاء وزارة للتنمية، لأن أنشطة التنمية ومشاريعها مترابطة، فإنشاء الطرق – على سبيل المثال - لا يمكن أن يكون بمعزل عن الأعمال البلدية أو الأنشطة الصناعية والتجارية وكذلك البيئية، والأمر نفسه يقال بالنسبة إلى إنشاء جامعة في منطقة أو محافظة، لذلك فإن وجود وزارة تنسق هذه الجهود أمر مهم، خاصة أن مهام وزارة الاقتصاد والتخطيط كثيرة ولا يمكن القيام بمهام التنسيق بين الأنشطة التنموية المختلفة التابعة لجهات حكومية وخاصة كثيرة.

إنشرها