Author

الجامعات .. بين الاستقلالية والمرجعية الموحدة

|

منذ إلغاء وزارة التعليم العالي والمراقب يلاحظ أن بعض الجامعات بدأت تتصرف باستقلالية زادت عن حدها، بل أفقدتها التنسيق مع الجامعات الأخرى، الذي يؤدي إلى تكامل منظومة التعليم العالي كما هو المتبع في معظم دول العالم.. وأدى الحمل الثقيل الذي تحمله وزارة التعليم المسؤولة عن التعليم العام بعد إضافة الإشراف على التعليم العالي إليها إلى فقدان بوصلة المرجعية العلمية والإدارية للجامعات.. ولذا فإن الوقت قد حان مع دراسة نظام الجامعات لإعادة النظر في أن يكون للجامعات مجلس أعلى للتنسيق.. وقد كان موجودا من قبل ثم لم نعد نسمع عنه، مع أن الحاجة إلى هذا المجلس في ظل عدم وجود وزارة للتعليم العالي أكثر إلحاحا، وربما الأفضل إعادة "المجلس الأعلى للتعليم العالي"، لكي يقوم ببعض مهام الوزارة السابقة.. ولعل في تجارب الدول الكبرى التي ارتبطت بلادنا معها في الآونة الأخيرة بعلاقات شملت الجانبين التعليمي والثقافي ما يفيد لرفع مستوى جامعاتنا خاصة الناشئة منها، ووضعها على طريق الانفتاح على الجامعات العالمية خاصة في مجال البحث العلمي، وهذه مناسبة أيضا للدعوة إلى تسمية الجامعات الناشئة، بأسماء أعلام وعلماء من العصر الإسلامي المزدهر في مجال الطب والعلوم ليكون أكثر قبولا لدى الجامعات العالمية، التي تدرك دور هؤلاء الأعلام في نشأة العلوم، مثل يعقوب الكندي وابن باجه وابن النفيس وابن رشد وأبو بكر الرازي وغيرهم.
وعودة إلى موضوع التنسيق بين الجامعات، أقول إن جامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن تعتبران من أهم جامعاتنا ولهما وزن وسمعة في المحافل العلمية العالمية، وعليهما الأخذ بأيدي الجامعات الأخرى للتطور، واختيار التخصصات التي تحتاج إليها سوق العمل ليس في بلادنا فقط إنما في منطقة الخليج والعالم العربي، كي تفتح آفاق العمل لشبابنا في الدول المجاورة المحتاجة إلى تخصصات تتوافق مع العلوم والمهارات الحديثة.. وهذا التوجه بطبيعة الحال يتوافق تماما مع "الرؤية الجديدة 2030"، التي تعيد النظر في كل ما يعوق التنمية ويحول دون إدخال جميع الطاقات الشابة من البنين والبنات في منظومة العمل بعد تأهيلهم وصقل مهاراتهم.. كما أن من شأن هذا التوجه تأهيل الجامعات لتكون مختلفة عن معاهد ومدارس التعليم العام، وإذكاء روح المنافسة بينها، لتحقيق مراكز متقدمة في سلم التصنيف العالمي الحقيقي، وليس ما يقصد به الدعاية الإعلامية فقط كما كان يحصل في الماضي.
وأخيرا: قطاع التعليم العالي قطاع مهم، فهو مصنع العقول الحقيقي، وإعادة النظر في تركيبته وتنظيمه بين الحين والآخر هو عين الصواب، وربما إعادة وزارة التعليم العالي تكون أيضا من بين الحلول المطروحة لإيجاد المرجعية الصحيحة التي يتبعها عديد من دول العالم، أو على الأقل كما ذكرت من قبل إيجاد مجلس أعلى برئاسة شخصية علمية مرموقة للإشراف على التعليم العالي في الجامعات والكليات والمعاهد، ولتخفيف العبء على وزارة التعليم، التي يكفيها الإشراف على آلاف المدرسين والطلاب والطالبات في مدارس التعليم العام.

إنشرها