Author

بلا قدم يمنى

|
ولدت نوال صالح الفريح وهي تعاني تشوها في رجلها اليمنى حال دون قدرتها على المشي. بات الكرسي المتحرك صديقها الذي يرافقها طوال اليوم. عانت في طفولتها رفض دخولها بعض المدارس إثر عدم تهيئتها لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة وخشية بعض المديرات أنها لا تستطيع مجاراة أقرانها. اضطر والدها أن يدفع من جيبه الخاص ليبني "منزلقات" لابنته في مرافق المدرسة لتتمكن من الدراسة، فضلا عن مراجعته إدارات التعليم للحصول على خطابات رسمية تفرض على المدارس قبول ابنته. لم تشعر نوال في الصفوف المبكرة باختلافها عن أترابها لكن مع مرور الأيام اكتشفت أنها لا تستطيع أن تتزحلق وتتأرجح وتعدو وتقفز. تسبب إدراكها اختلافها عن غيرها في جرح عميق في نفسها. تأقلمت وتعايشت مع واقعها. تذكر: "منحتني معاناتي مناعة إضافية وقوة غير مرئية". أصبحت نوال أكثر عزيمة وإرادة. تخرجت من المرحلة الثانوية بتفوق وتألق. حينما حاولت متابعة دراستها الجامعية ارتطمت برفض أغلب الجامعات بسبب عدم جاهزيتها لاستقبالها. وفقت في والدين عظيمين دعماها للدراسة في جامعة الأمير محمد بن فهد الأهلية بالدمام. تميزت في الجامعة متخصصة في "تقنية المعلومات" لكنها واجهت تحديا كبيرا في مادة "أمن الشبكات". لم تجد خيارا سوى الانسحاب منها ودراستها مرة أخرى لتفادي الرسوب فيها. في المرة الثانية تحسنت قليلا لكنها لم تحرز درجة تليق بتطلعاتها. عدم تفوقها في هذه المادة كان أكبر دافع لها للتخصص فيها في مرحلة الماجستير. التحقت ببرنامج الابتعاث وغادرت إلى أمريكا برفقة والدتها وتخصصت في "أمن المعلومات" أحد أكثر التخصصات طلبا وتعقيدا ناهيك عن معاناتها الشخصية فيها. برعت فيها وتخرجت متفوقة لتثبت لنفسها أنه لا شيء مستحيل، ولا شيء يفوق قدراتها وإمكاناتها. بوسعها أن تفوز في أي مواجهة. واليوم تعمل نوال في أكبر شركاتنا وأكثرها مدعاة للفخر "أرامكو السعودية". فتخصصها ومهاراتها مطلب الجميع. هذه رسالة لنا أجمعين. لا تسمح لأي عائق أن يعرقلك. لا تدعه يتغلغل إلى داخلك ويخدرك ويضحك عليك وينال منك. واجهه واهزمه. أغلب عقباتنا نفسية. علينا أن نقتلعها ونزرع محلها حلما نرويه بعملنا الجاد ومثابرتنا لينمو ويسمو حتى يأتي اليوم الذي نلمسه ونتذوقه.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها