Author

السلامة أسلوب حياة

|
روى أحد خبراء التعامل مع الحيوانات الخطيرة قصة وفاته بالصور وهو ينازع بسبب لدغة أفعى سامة. هذه الحال تكررت مع أكثر من باحث في المجال، ولعل الاعتقاد السائد أن القدرة البشرية تستمر في السيطرة إلا أن الثقة المفرطة خطرة للغاية في التعامل مع الطبيعة ومكوناتها. يثبت هذا كثير من الحوادث التي نتجت عن التعود على أمر ما، أو المخاطرة التي يمارسها كثيرون. يتعلم الإنسان بمرور الوقت أهمية الخطر الذي تمثله العناصر المختلفة التي يتعامل معها، وفي أحوال كثيرة تكون الاكتشافات متأخرة أو بثمن باهظ يصل إلى الوفاة كما حصل مع صاحبنا هذا وغيره. المعلوم أن كل مكونات الطبيعة تبحث عن البقاء وأهمها وأولها الإنسان. يمكن أن يتحكم الواحد في عدد لا يقدر من حالات البحث هذه، ولكن في النهاية لا بد أن تتمكن إحداها من هزيمته وهو ما حدث للباحثين الذين هزمتهم الأدوات التي كانوا يعتقدون أنهم يسيطرون عليها. هذا التوازن البيئي المهم يدفع للسؤال المتجدد، أين تقف حدود قدرة الإنسان المتفوقة على غيره من الكائنات؟ وهل من المنطقي أن يعمل الواحد منفصلا عن وسائل الحماية المادية عندما يصل لمستوى من الخبرة والقدرة على التوقع لدرجة تضمن سلامته؟ أعتقد أنه مهما كان من أمر فلا بد من الحذر، لأن كثيرا مما نشاهده هو نتيجة إهمال واحد أو أكثر من وسائل السلامة. يعجبني في المجال حال كثير من المؤسسات التي تلزم كل من يعمل فيها أو يأتي لمواقعها بمتطلبات سلامة قد تبدو لغير الخبير مبالغا فيها، لكنها في واقع الأمر محاولة للتعامل مع الأسوأ، وهو ما يجب أن يخطط بناء عليه كل من يريد أن يضمن السلامة. ليس هناك ما يمنع أن نتوقع الأفضل لكن تخطيطنا يجب ألا يكون كذلك. المفهوم نفسه يجب أن يسود في حياتنا سواء في المدارس أو المنازل أو مواقع العمل الأخرى، وكم من حالات الإصابة والوفاة التي حدثت بسبب أمر لم يكن أحد يتوقعه. إذا فما حدث للخبير الروسي الذي ظن أنه مسيطر على واقعه هو درس في السلامة والحذر يجب أن يقف عنده كل من يؤمن بمفهوم من قبيل "لا تدقق" وغيرها من الألفاظ المبتذلة.
إنشرها