Author

«صندوق الصناديق» .. تحفيز الابتكار وريادة الأعمال

|

في قفزة نوعية نحو تحقيق "رؤية المملكة 2030"، وتنمية القطاع الخاص وتعزيز دوره في المشاركة الاقتصادية خاصة في توفير الوظائف، أعلن صندوق الاستثمارات العامة تأسيس "صندوق الصناديق"، وهو يهدف إلى أمرين معا أولهما مباشر والآخر غير مباشر، فالهدف المباشر هو تشجيع القطاع الخاص في المملكة على إنشاء صناديق استثمارات محلية للدخول بقوة في مجال استثمارات المال الجريء واستثمارات الملكية الخاصة. والفرق بينها سهل وبسيط، فالاستثمارات في المال الجريء تعني المشاركة مع رجال الأعمال خاصة المبتكرين والمغامرين الذين لديهم منتجات مبتكرة أو أدوات جديدة من أجل إيجاد منشآت اقتصادية جديدة وابتكارية. وسمي هذا الصندوق بالمال الجريء لحجم المخاطر المرتفعة في المشاريع التي يشارك فيها، فالمنتجات جديدة والأسواق غير معروفة والمنشآت المستهدفة ليس لها تاريخ، وإذا كانت الصناديق الاستثمارية تسعى دائما إلى الحد من المخاطر فإن هذا النوع منها يبحث عن المخاطر المدروسة بشكل جيد على كل حال. فصندوق الاستثمارات العامة من خلال هذه الخطوة المهمة يهدف إلى دعم الشباب الواعد المتقد حماسا ولديه مشروع يمكن أن يحقق نجاحات كبيرة لكن يفتقد تمويل القوي الصبور، فهذا النوع من التمويل يأتي كشراكة وليس كقروض. يسعى صندوق الاستثمارات العامة من خلال الاستثمار في الملكية الخاصة إلى تشجيع الصناديق الاستثمارية على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، القائمة فعلا، فكثير من المنشآت الصغيرة والمتوسطة قد تكون واعدة وتعمل، لكن هناك مشكلات في السيولة والقدرة على الاستمرار نظرا لحجم رأس المال المطلوب، مثل هذه المؤسسات يجب ضمان استمرارها كي تحقق العوائد المرجوة منها للمجتمع والاقتصاد ككل. لكن من المهم إدراك أن الصناديق الاستثمارية في هذه المجالات لا تهتم كثيرا بالتوزيعات النقدية التي تتحقق من هذه المشاريع بقدر ما يهمها تعظيم حقوق الملكية ومن ثم بيع حصة هذه الصناديق في سوق الأسهم وتحقيق أرباح رأسمالية. فالهدف المباشر لصندوق الصناديق هو بناء منظومة استراتيجية لدعم صغار رجال الأعمال والمستجدين منهم، ودعم الأفكار الجديدة الواعدة، وضمان استمرار المنشآت الواعدة. وكل هذا سيعزز من دور القطاع الخاص من جانب كما سيوفر فرصا وظيفية مباشرة قدرت بأكثر من 52 ألفا.
ويأتي اختيار اسم "صندوق الصناديق" من أجل تأكيد أن صندوق الاستثمارات العامة لا يسعى إلى منافسة الصناديق القائمة بل يهدف إلى تشجيعها للاستثمار في هذه المجالات، وسيقوم صندوق الاستثمارات العامة من خلال ذراعه الجديدة "صندوق الصناديق" بتوفير السيولة التي تحتاج إليها هذه الصناديق من أجل العمل بشجاعة في هذه المجالات المصنفة بالأكثر خطورة، فـ"صندوق الصناديق"، الذي يبلغ رأسماله أربعة مليارات ريال، لن يقوم مباشرة بالاستثمار بل سيقوم بالدخول كمستثمر في الصناديق التي ستنشأ لهذا الغرض، ليس هذا فحسب بل سيعمل "صندوق الصناديق" على استقطاب صناديق استثمار رأس المال الجريء والملكية الخاصة الدولية لطرح صناديق في المملكة. فهذا التوجه سيوفر بيئة استثمارية آمنة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحفيز الابتكار وريادة الأعمال في المملكة. وكما أن مثل هذه التوجهات ستسهم في تنمية سوق «نمو» المالية التي ستكون الوعاء النهائي لهذه المنشآت عندما تنتهي فترة الاستثمار والتنمية وتبدأ الصناديق الاستثمارية في بيع حصصها للجمهور، ولأن صندوق الاستثمارات العامة كان شريكا في هذه المنشآت التي ستطرح للاكتتاب، فإن الثقة بها ستكون كبيرة وهو ما يعزز من قيمة الشركة وعودة الثقة إلى السوق المالية مجددا.

إنشرها