Author

جوتيريس .. «الأمين» المضطرب

|
يبدو أن الاضطراب في القيادة والإدارة، الذي أصاب أنطونيو جوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة، منذ عشرات السنين، انتقل معه إلى المنظمة الدولية، وذلك من خلال ما تشهده هذه المنظمة من إرباك وارتباك على صعيد الأداء بشكل عام، وعلى بعض الأصعدة بصورة خاصة. وانعكس التاريخ الإداري المشوش للأمين العام بشكل واضح على عمل الأمم المتحدة، وهو تاريخ ليس سريا، ومعروف لمن تابع مسيرة جوتيريس السياسية والمهنية سواء في بلده البرتغال، أو على ساحات الأمم المتحدة نفسها. وقد تحدث زملاء سابقون له عن طبيعته غير المسؤولة في التعامل سواء على صعيد الحكومة عندما كان رئيسا للوزراء في البرتغال، أو من ناحية عمله كمفوض سامٍ لشؤون اللاجئين. هناك شخصيات عديدة وصلت إلى منصب الأمين العام منذ تأسيس الأمم المتحدة حتى يومنا هذا. ويمثل جوتيريس في الواقع الحالة الأكثر اضطرابا، كما أنه لا يقارن بأمناء عامين دخلوا التاريخ فعلا بإدارتهم لهذه المنظمة، والأهم بمواقفهم الشجاعة حيال عديد من القضايا التي تعد حساسة على الساحة الدولية. ومعروف عن جوتيريس أنه لم يحفظ تعهداته لزملائه في الحكومة البرتغالية أو على صعيد الاتحاد الأوروبي، خصوصا عندما حظي بتأييد شخصيات ودول محورية في هذا الاتحاد، كي يترشح لرئاسة المفوضية الأوروبية. الذي حدث أنه انسحب في آخر لحظة، ووضع مؤيديه في موقف حرج، ما كانوا ليقعوا فيه لولا أنهم وثقوا بهذا السياسي البرتغالي. على الرغم من أن الأمين العام للأمم المتحدة ليس صاحب قرار محوري وحاسم في قضايا رئيسة على الساحة الدولية، إلا أن أداءه إذا اختل على صعيد تمرير القرارات ومناقشتها وطرح أبعادها، يؤثر سلبا في الهدف المرجو من هذا المشروع أو ذاك. وهذا الأمين العام، لم يصل بعد إلى مستوى أداء حتى سلفه بان كي مون الذي اعتبره البعض ضعيفا أساسا، ما يعني أن جوتيريس يمثل إرباكا شديدا للدول الأعضاء من خلال ممثليهم في هذه المنظمة. والحقيقة، رغم أنه لم يكمل العام في منصبه هذا، ظهرت المشكلات أو في أحسن الأحوال الاضطرابات في سير المشاورات والنقاشات والتقارير والاستنتاجات في الأمم المتحدة. يقول زملاء سابقون لجوتيريس، إن هذا الأخير الذي قدم استقالته من حكومة البرتغال بشكل مفاجئ بعد الهزيمة التي لحقت بحزبه الاشتراكي في انتخابات المجالس البلدية، كان لا يستطيع مواجهة حتى وزرائه في الحكومة. وعندما كان رئيسا للوزراء تسبب في أزمات اقتصادية لبلاده لا تزال تدفع ثمنها حتى اليوم. وكان جوتيريس يتراجع بسرعة كبيرة عن قرارات مصيرية اتخذها، ما جعله مثار سخرية ليس من السياسيين في بلاده بل من الرأي العام أيضا. إن مسيرة الأمين العام للأمم المتحدة السياسية لا تترك له أي سمعة على صعيد القيام بمسؤولياته، خصوصا مسؤولياته الراهنة التي تكتسب أهمية حتى أكثر من منصب رئيس وزراء حكومة أي حكومة كانت. إنه يمثل الأمين العام غير الواضح والأكثر اضطرابا قياسا ببقية أمناء الأمم الذي مروا على المنظمة الدولية، بمن فيهم الذين اعتبروا مضطربين فعلا.
إنشرها