Author

تقرير «الأمم المتحدة» وقع في الفخ

|
ليس هناك أسوأ من نتيجة مبنية على الوهم، وفي أسوأ الأحوال قائمة على التضليل، أو مصنوعة حسب طرف واحد من طرفين أو عدة أطراف. وتكتسب المسألة المرارة أكثر، عندما تكون النتيجة صادرة عن جهة دولية تحترمها كل الدول، لأنها ببساطة من أعضائها الأساسيين. من هنا يمكن النظر إلى تقرير للأمم المتحدة حول حقوق الأطفال في اليمن، خلال الحرب الدائرة لاستعادة الشرعية في هذا البلد، وفق قرارات الأمم المتحدة نفسها، والدول الكبرى. المملكة التي تقود التحالف من أجل اليمن وليس ضده، أسرعت عبر مندوبها الدائم في المنظمة الدولية، لتؤكد احترام هذه المنظمة، لكنها عبرت عن اختلافها الشديد معها حول التقرير المشار إليه، لأسباب عديدة، لعل في مقدمتها، أن التقرير استند إلى معلومات غير دقيقة ومضللة. بمعنى أن عملية جمع المعلومات في التقرير كانت قاصرة، بل إن مصادرها غير موثوقة وغير محايدة. وكان هذا طبيعيا أن يبالغ التقرير بتوجيه الاتهامات للتحالف الذي تقوده السعودية، وأن يأتي بأرقام عن الضحايا من الأطفال مغلوطة. فالمملكة لم تقم بهذه الحرب إلا من أجل حماية اليمنيين بكل شرائحهم وانتماءاتهم وطوائفهم. هي في الواقع تسعى إلى تمكين الشرعية المعترف بها من بلدان العالم، وتقوم بكل ما يلزم ليس فقط بتجنب إصابة المدنيين، بل أيضا بمساعدتهم على العيش الكريم في هذه الظروف الاستثنائية القاهرة، ناهيك عن المساعدات والمعونات والدعم الذي توفره للمدنيين في كل المناطق في اليمن، سواء بشكل مباشر، أو عبر المنظمات الدولية المعتمدة. والمفجع بالفعل في هذا التقرير، أن غالبية المعلومات التي تضمنها كان مصدرها عصابات الحوثيين. والعالم أجمع يعرف من هم هؤلاء الحوثيين، الذين يسعون بكل الوسائل التخريبية وغير الإنسانية، ومن خلال التعاون مع جهات شريرة وعلى رأسها إيران، على نشر القتل والخراب وتقويض الشرعية، واستهداف الطوائف الأخرى بأبشع الوسائل. هل يُعقل أن يكون هؤلاء مصدرا صحيحا للمعلومات؟! هل من المعقول أن يشكل القاتل للأطفال والمدنيين مصدرا أمنيا للمعلومات حول عدد ضحاياه؟! هذه هي المشكلة الرئيسة في تقرير الأمم المتحدة. صحيح أنه حمل الحوثيين بعضا من المسؤولية، لكن الصحيح أيضا أنه ظلم أطرافا في هذه الحرب تهدف فقط إلى رفع الظلم عن كل اليمنيين، بمن فيهم الحوثيون الذين لم تتلوث أياديهم بدماء الأبرياء من شعبهم. الأمم المتحدة وقعت في السابق في مطبات مثل المطب الذي وقعت فيها أخيرا. وكل ذلك يعود إلى أن واضعي التقارير ـــ المطبات لم يتبعوا الإجراءات المعروفة في جمع المعلومات والأرقام للوصول إلى الاستنتاج الحقيقي الموجود على الأرض. ومن هنا، كان طبيعيا، مثلا، رفض مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي للتقرير السنوي للأمم المتحدة. هاتان الجهتان توصلتا أيضا إلى النتيجة الحقيقية، وهي أن واضعي التقرير الأممي لم يراعوا الخطوات الفنية في هذا المجال. الحوثيون لا يقتلون الأطفال فحسب، بل يقومون "وبالوثائق والحالات المباشرة" بتجنيدهم في الحرب، وهؤلاء الأطفال صاروا تلقائيا عرضة للضربات العسكرية المختلفة، باعتبارهم أنهم أجبروا أو تم إغراؤهم بخوض المعارك. إنها كارثة من كل جوانبها. والسعودية ما دخلت هذه الحرب ولا قادت التحالف إلا من أجل تفادي الكوارث الحالية أو تلك اللاحقة. إنها تخوض هذا الميدان بمسؤولية كلفت بها نفسها، ولم يكلفها بها أحد، لتحقيق هدفها الرئيس، أن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار والسلام، وأن تكون الشرعية في اليمن هي التي تقود البلاد نحو آفاق جديدة.
إنشرها