FINANCIAL TIMES

الغموض المحيط بمستقبل الاحتياطي الفيدرالي ينعكس على الدولار

الغموض المحيط بمستقبل الاحتياطي الفيدرالي ينعكس على الدولار

في لقاء بلغت قيمة بطاقة الدخول إليه ألف دولار في نيسان (أبريل) الماضي للاستماع إلى أفكار رؤساء الاحتياطي الفيدرالي الأربعة، سئل بول فولكر عما إذا كانت سنوات من السياسة النقدية السهلة تشير إلى أن بعضا من خلفائه وضعوا شرابا مُسكِرا فوق الحد في شراب الفواكه.
قال فولكر هازلا وهو يتظاهر بأنه يتكلم بشكل جدي "أشاهد كل خلفائي بإحساس من التبجيل الكبير".
لكن المستثمرين، بقدر من القلق وليس التبجيل، يراقبون دونالد ترمب وهو يمعن التفكير فيما إذا كان سيتم إعادة تعيين جانيت ييلين رئيسة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، أو اختيار خليفة لها.
من النادر تغيير رئيس جديد برئيس الاحتياطي الفيدرالي. ييلين هي الرئيس التاسع فقط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. واحتمال حدوث تغيير، إلى جانب ملء ثلاثة شواغر أخرى في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يترك جزءا كبيرا من السوق في حالة من اللبس.
بعد أن قضى الدولار معظم العام تحت الضغط، اجتذب المشترين في الفترة الأخيرة. ارتفاعه 2.8 في المائة على مدى الشهر الماضي في المؤشر الذي يقيس الدولار مقابل نظرائه من العملات الرئيسية ربما يظهر متواضعا، لكن من حيث القيمة الاسمية هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بإمكانية الحفاظ على ارتفاعه.
الاقتصاد الأمريكي يبدو قويا، والسوق مقتنعة بتشجيع الاحتياطي الفيدرالي لمزيد من التشديد، والإصلاح الضريبي يعود إلى جدول الأعمال. وأدى ارتفاع نشاط الخدمات الأمريكية إلى ارتفاع الدولار بنسبة نصف في المائة مقابل الين يوم الأربعاء الماضي.
إلا أن الشائعات حول الشخص الذي سيختاره الرئيس لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي كبحت مكاسبه. قبل صدور قرار من ترمب يجد المستثمرون أنفسهم في حالة تخمين لهوية من سيشغل المنصب، جعلتهم يضعون مخططات لتحديد أين يوضع كل مرشح على مقياس الصقور والحمائم.
قال أولريش لوكتمان، من كوميرتزبانك "السباق إلى رئاسة البنك المركزي الأمريكي مفتوح على مصراعيه - ومعه أيضا حصة كبيرة من مستقبل الدولار في سوق العملات الأجنبية".
حساسية السوق انكشفت الأسبوع الماضي أمام تقارير تفيد بأن لائحة المرشحين تحولت إلى الحمائم، ما أدى إلى تراجع مؤشر الدولار.
ويثير اختيار الرئيس سؤالا آخر، هل يتطلع ترمب، الذي لا يبدي احتراما يذكر لتقاليد المكتب البيضاوي، للتأثير بشكل غير ملائم على اتجاه السياسة النقدية؟
إيتاي توشمان، رئيس تداولات العملات الأجنبية في سيتي، قال إن تسييس مجلس الاحتياطي الفيدرالي يشكل "مصدر قلق مشروع للأسواق".
ستين جاكوبسن، خبير الاقتصاد في ساكسو بانك، يصنف اختيار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي على أنه واحد من أهم ثلاثة مخاوف في السوق، إلى جانب مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في الشهر المقبل واتجاه سياسة بنك اليابان. ويقول "السوق ليست متفائلة بشأن الحصول على شخص مستقل".
ما يجري جنبا إلى جنب مع لعبة التخمين هو النقاش حول ما يسعى إليه الرئيس من مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وجهة النظر العامة هي أن البيت الأبيض يريد رئيسا ولجنة سياسة ملتزمة بالإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة، وفي الوقت نفسه تخفيف العبء التنظيمي على المصارف.
قال جاكوبسن "ما يريده ترمب هو سياسة مالية سهلة، لذلك أعتقد أن الاحتياطي الفيدرالي سيكون حمائميا للغاية بحيث يدعم الدولار الأضعف".
إذا كان هذا هو الرأي العام للمستثمرين، فليس من المستغرب أن ارتفاع الدولار يبدو هشا. وقد سبق أصلا اختباره من قبل السوق بشأن عوامل أخرى.
"بانك أوف أميركا ميريل لينتش" يصف ارتفاع الدولار بعد الصيف بأنه "ضحل جدا"، قائلا إن الارتفاعات على خلفية توقعات الاحتياطي الفيدرالي، والبيانات القوية، وتوقعات الإصلاح الضريبي تحولت إلى فرص لإعادة بيع الدولار. يقول المصرف: "الأسواق مترددة في الثقة بالدولار مرة أخرى".
عارف حسين، رئيس الدخل الثابت الدولي في "تي راو برايس"، يعتقد أن السؤال الأهم هو ما إذا كان هناك مزيد من المتاعب أمام الدولار. يقول: "تقريبا جميع العوامل التي كان من المتوقع أن تدفعه إلى أعلى لم نجدها في الساحة، ونحن الآن في مرحلة حيث التوقعات بأن إدارة ترمب ستقدم سياسات تعزيز النمو وصلت إلى أدنى مستوى على الإطلاق".
التوقعات المنخفضة أصبحت متأصلة الآن. ومن المتوقع أن يرفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر)، لكن التوقعات قليلة حول حدوث مزيد من الارتفاعات في العام المقبل، حيث يشعر المستثمرون والاحتياطي الفيدرالي بالقلق إزاء بطء وتيرة التضخم. هذا الشك يقلل من احتمال اتخاذ رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي قرارا يُحدِث الاضطراب في الدولار.
يقول مايكل سنيد، من "بي إن بي باريبا" "إذا كانت السوق تعتقد أن هناك ثلاث زيادات في أسعار الفائدة في العام المقبل، فمن شأن ذلك أن يجعلنا نتوقع أن السوق قابلة للتشوه بحسب الشخص الذي سيتم اختياره. لكن تأثير الذي سيتم اختياره سيكون صغيرا".
وفي حين أن اختيار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو أمر مهم، إلا أن هناك تأثيرات أخرى على الدولار، وهي احتمال إقدام البنوك المركزية الأخرى على تشديد السياسة النقدية، وبالتالي إغلاق ميزة سعر الفائدة التي تحتفظ بها الولايات المتحدة، والتي تعيق الدولار.
مع ذلك، الذين يبحثون عن أسباب ليكونوا إيجابيين بشأن الدولار يمكن أن ينظروا إلى عاملين. يقول حسين "أي تقدم يحرزه ترمب بشأن تنفيذ سياسات أكثر تأييدا للنمو ستظهر آثاره سريعا في سعر الدولار".
كذلك علينا ألا تستبعد القوة الحمائية للدولار. في أوقات الأزمات، الدولار هو العملة المفضلة. بالتالي "وضع الملاذ الآمن لا يزال على حاله".
لكن بالنسبة للسوق الأرحب، وجود إيمان أقوى بمزايا امتلاك الدولار سيكون أيضا دلالة على استقلالية السياسة النقدية لدى الاحتياطي الفيدرالي.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES