منوعات

دبلوماسية الأخوة .. رفع العقوبات عن السودان والدرس لقطر

 دبلوماسية الأخوة .. رفع العقوبات عن السودان والدرس لقطر

الدبلوماسية السياسية بطبعها نفعية ذاتية في الأغلب، ولن يعيبها على ذلك أحد. لكنها وفقا للمبدأ السعودي الأخوي في العروبة والدين تستنير بحديث نبوي شريف يقول "انصر أخاك ظالما كان أم مظلوما". إما بدفع الظلم عنه أو بمنعه من الظلم لو ثبت عليه هذا الأمر. لذلك سعت الدبلوماسية السعودية منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، وانطلاق مبادرات ولي عهده الشاب الأمير محمد بن سلمان، لرفع أذى العقوبات الحاصل على الشعب السوداني الشقيق بكافة السبل الممكنة.
ولن يخفى على أي مراقب في هذا السياق ملاحظة الزيارات المتكررة والمكثفة للرئيس السوداني عمر البشير للملكة منذ 2015 فضلا عن زيارات مقابلة إلى الخرطوم لمسؤولين سعوديين رفيعي المستوى. ليكون هذا الملف وبمتابعة مباشرة من ولي العهد نفسه ذا أولوية تكللت أخيرا بالنجاح، إذ نتج عنها رفع العقوبات الأمريكية المكبلة لاقتصاد السودان الشقيق.
حيث أخذت السعودية بيد الشقيق لتنتشله من محاولات إيرانية مخرّبة سعت بكل ما أوتيت من دسائس وأصابع، لتصدير الأفكار الخمينية الثورية وبثها عبر مراكز اجتماعية وخيرية، أعلنت الخرطوم تزامنا مع العمل على هذا الملف إغلاقها، وترحيل المسؤولين عنها من الإيرانيين، إنقاذا للسودان الشقيق من محاولات شق الصف، التي عرف بها النظام الإيراني. وابتعادا عن مواطن شُبه إرهابية لا يمكن للمتعامل مع طهران إلا أن يوصَم بها عالميا. وهو الدرس الذي لا مناص لحكومة الشقيقة قطر من الأخذ به عوضا عن التغني بـ "شرف" إيران في المحافل الدولية، والطعن في نيات الأشقاء الداعية إلى نبذ الإرهاب ومموليه.
فتجاوب السودان كان لافتا تجاه التخلص من أي علاقات مشبوهة غذّتها في وقت سابق العلاقة بإيران وببعض الجماعات المحسوبة عليها كالقاعدة وغيرها، تنفيذا لالتزام الخرطوم مع السعودية المضي قدما في إغلاق هذا الملف، وصولا إلى مشاركة السودان المؤثرة في التحالف العربي نصرة للأشقاء في اليمن، جنبا إلى جنب مع التزام السعودية دوليا تجاه قضية رفع العقوبات الأمريكية عنه، باعتبارها من صميم قضاياها المحلية.
كل ذلك التعاون والتكامل بين الأشقاء ما ظهر من تفاصيله وما بطن، ما علم عنه المراقبون وما لم يعلموا، بمنزلة مثل ونموذج سياسي وعسكري لدبلوماسية أخوية تروم المصلحة العامة للشعوب العربية والإسلامية بتنوع مصالحها وتعددها، كما أنه تعاون دبلوماسي غير مسبوق يُحسب لولي العهد الشاب بشكل خاص، إذ قدّم مصلحة الأشقاء في السودان ليعطيها من وقته وجهده إيمانا بجذور العلاقة المتأصلة وبوحدة المصير.
يبقى أن تفكيك الخرطوم علاقاتها المشبوهة بطهران وامتثالها لنصائح الشقيقة السعودية المخلصة جنّبها مستقبلا غامضا لم تكن لتحمد عقباه سياسيا وشعبيا في ظل تواصل العقوبات، وهو ما يجب أن تدرك خطورة مآلاته قطر المقاطعَة اليوم لأسباب مشابهة تتعلق بتمويل الإرهاب، وغيرها من الجماعات والأحزاب المزعزعة لأوطانها بأمر الولي الفقيه، كحزب الله لبنان وحوثي اليمن. وفِي المقابل غني عن القول أن التزام الخرطوم تجاه أشقائها وعلى رأسهم السعودية لم يعد عليها فقط برفع العقوبات، بل عاد عليها وقبل رفع العقوبات - وسيعود وفقا لمطلعين بمنافع استثمارية واقتصادية جمّة على المديين القصير والبعيد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من منوعات