Author

اتفاقيات تعكس طبيعة المرحلة الجديدة

|

كما كان متوقعا بل منتظرا لدى الأوساط الاقتصادية والسياسية، ازدحمت الساعات الأولى من القمة السعودية ـــ الروسية، بجملة من الاتفاقيات بعيدة الأمد، ومذكرات التفاهم المبدئية، بين الجانبين في كل المجالات تقريبا. من الفضاء إلى الدواء والنقل والطاقة والتنمية والحماية الاجتماعية، إضافة إلى المجال النووي للأغراض السلمية، وعقود لتوريد أنظمة عسكرية، وأيضا في النطاق الثقافي والإعلامي، إلى آخر القطاعات التي تمثل محاور رئيسة في عملية التنمية ليس فقط في المملكة بل في روسيا أيضا. فهذه الأخيرة تلتزم بالمنهاج الذي اعتمدته المملكة منذ أكثر من عامين، الذي يقوم على بناء اقتصاد يستند إلى تنويع مصادر الدخل، وتطوير الإمكانات الراهنة، وإطلاق مشاريع تنموية جديدة تحاكي الغايات الوطنية. كما زخمت الساحة في موسكو، بسلسلة من الاتصالات واللقاءات والمشاورات بين المسؤولين في مختلف القطاعات لدى البلدين. بما في ذلك بالطبع إطلاق "منتدى الاستثمار السعودي ـــ الروسي"، الذي كان ميدانا آخر لهذه اللقاءات والمشاورات، التي أسفرت عن تلك السلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم. ومن النقاط المهمة أيضا، تبادل وجهات النظر بين الطرفين كل في اختصاصه، بما يدفع نحو تعزيز العلاقات بكل جوانبها، وتفعيل ما هو قائم من مشاريع ومذكرات تفاهم. كل ذلك ينقل العلاقات السعودية ـــ الروسية إلى مرحلة جديدة، هي في الواقع صنيعة مباشرة للزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للعاصمة الروسية. فقد اتفق الجميع على أنها زيارة تطلق في الواقع تاريخا جديدا لعلاقات بين دولتين محوريتين في محيطمها، وعلى الساحة العالمية أيضا. هناك أولويات بالطبع لهذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، لكن المنهج الذي تتبعه القيادة في المملكة، أن تكون مسيرة العلاقات متسارعة لتعكس في الواقع، الحقائق والإمكانات التي يتمتع بها كلا البلدين. وإشارة خادم الحرمين الشريفين في خطابه إلى "رؤية المملكة 2030" يؤكد مجددا الاهتمام السعودي في دفع عجلة التبادل التجاري بكل محاوره مع موسكو، في حين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان حريصا على التشديد على هذه النقطة، نظرا لدلالاتها العملية على أرض الواقع. فروسيا، كغيرها من بلدان العالم الكبرى، مهتمة بالحصول على حصة في برامج هذه "الرؤية"، نظرا لما تتضمنه من فرص، إضافة طبعا إلى ضمانات آتية مباشرة من قوة الاقتصاد السعودي واحتفاظ المملكة بسمعتها الاقتصادية. الساحة باتت جاهزة لتنفيذ كل الاتفاقيات، وتطوير مذكرات التفاهم ونقلها إلى مرحلة التنفيذ أيضا. وقد بدا هذا واضحا من خلال ما طرحه المسؤولون الروس وأصحاب الأعمال، سواء من خلال اجتماعاتهم البينية، أو لقاءاتهم في "منتدى الاستثمار". وكان أيضا لتبادل خريطة الطريق السعودية - الروسية بين وزارة التجارة بالمملكة ووزارة الطاقة الروسية دلالات كبيرة، من بينها ضمان التناغم في الطروحات في هذا المجال بين الطرفين. ناهيك عن التعاون في مجال استكشاف الفضاء واستخدامه للأغراض السلمية. وهذا أيضا محور تنموي جديد بين البلدين. بينما تمثل مذكرة البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية نقلة نوعية جديدة. اتفاقيات، وشراكات، ومذكرات تفاهم مثلت نتائج عملية للقمة السعودية ـــ الروسية حتى قبل أن تنتهي، ومع عملية التحول التاريخية في العلاقات بين الطرفين، ستشهد المرحلة المقبلة عوائد لا حدود لها لكل من الرياض وموسكو. إن زيارة خادم الحرمين الشريفين هذه، قدمت مخرجات بمستواها الحقيقي، ولا سيما أنها تأتي في ظل منهج سعودي مبتكر، يمضي قدما من أجل مستقبل البلاد كلها، في كل قطاعاتها ومحاورها ومكامنها.

إنشرها