Author

إلى أين يتجه العقار السكني؟

|

لا شك أن هذا أكثر سؤال يتردد بين أوساط المجتمع خاصة لمن لديه رغبة في التملك حاليا، بالطبع فمعرفة توجهات السوق وقراءة مؤشراته تعطيان فكرة جيدة لتوجهاته قريبة المدى، ومعرفة أن هناك فرصة لانخفاض الأسعار من خلال معرفة ما يحصل في سوق العقار السكني، سيوفر بعض المال على من يريد شراء المنزل بماله الخاص نقدا، وسيكون التوفير مضاعفا لمن يريد الحصول على تمويل لشراء وحدة سكنية، من أهم المؤشرات التي يجب متابعتها للتمكن من معرفة توجه السوق العقارية هما المؤشر السعري للعقار وكذلك قيمة الصفقات فالأول يعطي فكرة عن مدى انخفاض الأسعار أو ارتفاعها، والآخر يعطي تصورا عن مدى حجم التدفق النقدي والاستثمارات الموجهة لقطاع العقار، كذلك من المهم معرفة التوجهات الحكومية عن سياسات الإسكان لأن سوق العقار تعتبر أكثر سوق تؤثر فيها أنظمة وقرارات الحكومة بشكل مباشر وغير مباشر، ولذلك من المهم استيعاب المستجدات في هذا المجال حتى تكتمل الصورة وتصبح أكثر وضوحا، وأود الإشارة إلى أن المقال هو عبارة عن رأي عام عن السوق العقارية السكنية وفي حال رغب الشخص في اختبار مدى استطاعته للشراء فأنصح بقراءة المقالين "هل أشتري أم أستأجر؟" و"هل لديك القدرة على شراء سكن؟" واللذين سيعطيان للقارئ الكريم مؤشرات مالية وكمية واضحة تسهل اتخاذ القرار ـــ بإذن الله. من حيث المؤشر، يشير تقرير الرقم القياسي لأسعار العقارات للربع الثاني من عام 2017 والصادر من الهيئة العامة للإحصاء إلى انخفاض بنسبة 12.2 في المائة منذ 2014 في أسعار العقار السكني ويقود هذا المؤشر أسعار الأراضي السكنية نظرا لأنها تمثل 95 في المائة كوزن نسبي من المؤشر، ومن المعلوم أن هذا المؤشر يعتبر عاما فلا يمكن تخصيصه لحي معين فقد يكون الانخفاض 30 في المائة في حي معين و2 في المائة في حي آخر وهذا يرجع إلى مدى توافر الأراضي فيه، فالأحياء التي يقل فيها البنيان وتزيد فيها الأراضي البيضاء المطورة في الأحياء الجديدة، فالأصل أنها أكثر عرضة للانخفاض من تلكم التي اكتمل البنيان فيها وتعاني شحا في الأراضي الفضاء، وبهذا يمكن أن نؤكد قاعدة، كلما قل الانتفاع في العقار كان أكثر عرضة للتذبذب في الأسعار فينخفض بشدة في وقت الانكماش الاقتصادي ويرتفع بشدة في وقت الازدهار، فالشقة والفيلا أقل انخفاضا من الأرض بسبب إمكانية الانتفاع بها، فالشقة أسهل تأجيرا من الفيلا في حال عدم إمكانية بيعها، كما أن الحاجة للفيلا الجاهزة أكثر من الحاجة إلى الأرض البيضاء، وهكذا كلما قلت المنفعة والشريحة المستهدفة للعقار سواء بيعا أو تأجيرا كان التأثر في الانخفاض أكبر، أما مؤشر الصفقات العقارية فقد شهد انخفاضا ملحوظا منذ وصول السوق العقارية السكنية إلى قمتها في 2014 وبدايات 2015، فنجد أن إجمالي قيمة صفقات العقار السكني حتى الربع الثالث في عام 2014 بلغت 221 مليار ريال، وانخفضت للفترة نفسها في 2017 إلى 96 مليار ريال، وهذا يعني انخفاضا يصل إلى 56 في المائة في قيمة الصفقات، ويعتبر إحجاما ليس بالهين، ولا شك أن هذه الأرقام والمؤشرات لها تبريرها بسبب الحالة الاقتصادية التي تعيشها السعودية وإعادة الهيكلة التي تتم في كل القطاعات تقريبا، وأسعار العقار ثبت بالدراسات المحكمة ارتباطها بأسعار النفط وذلك في الدول المعتمد دخلها على تصدير النفط كما هي حالة الاقتصاد السعودي. أما من حيث الإجراءات الحكومية فهناك اهتمام مباشر بموضوع السكن وإعادة هيكلة تتم على مستوى سوق العقار بالكامل رغبة في تحسن مستواه وجعله يؤدي وظيفته بشكل أكثر كفاءة ويحقق العقار السكني الهدف الأول وهو توفير وحدات سكنية تتناسب مع دخل أغلبية المواطنين الراغبين في التملك، وهذا الأمر واضح من خلال تصريحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ويدل على ذلك إفراد برنامج السكن كبرنامج مستقل عن برنامج التحول الوطني لما يشكله من ثقل على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، فمن الثابت العلاقة الوطيدة بين تملك المسكن والاستقرار الاجتماعي ودرجة الرفاهية للمواطنين، ومع ما تواجهه وزارة الإسكان من انتقادات إلا أنها دخلت بنموذج عمل جيد خفف الضغط كثيرا عن سوق الإسكان، وجذب كل المطورين الكبار للتعاون معها في بناء وحدات سكنية تراوح أسعارها بين 250 ألفا و800 ألف، وقد بدأت بالفعل استقطاب المهتمين من المواطنين من خلال برنامج سكني لعرض الوحدات السكنية عليهم، ومع أن أقساط الوحدة السكنية تعتبر معقولة حيث تراوح بين 1700 و2500 ريال شهريا وفقا لنوع الوحدة، إلا أن هناك كثيرا من التحديات التي يجب مراعاتها، خاصة أن الوحدة السكنية قد تسلم بعد عدة سنوات. الخلاصة، من خلال استعراض مبسط للمؤشرات المؤثرة في سوق الإسكان والتشريعات الحديثة وآلية تنفيذ مشاريع الإسكان واهتمام القيادة بها، وتوقعات وضع الاقتصاد خلال السنتين المقبلتين مع مزيد من فرض الضرائب والرسوم المختلفة وتوقع رفع الدعم عن الخدمات الأساسية وزيادة الضغط على دخل الأسرة، لا يمكن أن نتوقع إلا استمرار انخفاض العقار السكني والأراضي بالذات.

إنشرها