Author

الصيرفة والتكنولوجيا المالية .. عالم شجاع؟ «5»

|

من الواضح أن الاقتصاد أعقد بكثير من لعبة Go. ولكن على مدار الجيل القادم، من شبه المؤكد أن الماكينات ستقوم بدور أكبر - في مساعدة صناع السياسات، وتقديم تنبؤات آنية، ورصد الفقاعات، والكشف عن روابط مالية/ كلية معقدة. ومن ضمن الأسباب أن هناك عدم يقين كبير بشأن الاقتصاد. والتغيرات في العلاقات الاقتصادية الأساسية ينبغي رصدها، وتقييم مخاطرها. وسيظل التقدير الاستنسابي والتشكك المتواصل من الأقران، والتنوع في الآراء، وحتى وجود بضعة منشقين عن الفكر السائد، أمور ضرورية لتحقيق سياسات جيدة. ولكن ماذا إذا كان بوسع الماكينات القيام بهذا العمل أيضا؟ يلي ذلك مسألة التواصل. فالسياسة النقدية الجيدة، كما نعرف، تتلخص في مهارة الحكي. فالسياسة تكون فعالة إذا كان بإمكانها تقديم تفسير واضح يستطيع من خلاله الجمهور تشكيل توقعات حول السياسة المستقبلية. فهل تستطيع الماكينات بالفعل تفسير قراراتها بلغة واضحة؟ وحتى إذا أمكن التغلب على هذه العقبة، ستظل هناك عقبة واحدة. فحتى في وجود أفضل الخوارزميات والماكينات، هناك أهداف لن تتحقق، وأزمات ستحدث، وأخطاء سترتكب. ولكن هل يمكن مساءلة الماكينات بالفعل - أمام زوجين من الشباب عاجزين عن شراء منزل، أمام الأم العاملة التي تجد نفسها بغير عمل؟ والمساءلة أساسية. فبدونها لا تتوافر لنا الاستقلالية؛ فأي وسيلة أخرى تستطيع إضفاء هذا القدر من القوة على منظمة تكنوقراطية؟ وبدون الاستقلالية، لا بد أن تضل السياسة الطريق، كما يذكرنا هذا المؤتمر بكل وضوح. إذن لا، أنا لا أرى أن الماكينات يمكن أن تتولى مهمة السياسة النقدية. ففي عام 2040، سيظل المحافظ الذي يدلف إلى البنك هو إنسان من لحم ودم، ووراء البوابة الرئيسة ستجد بشرا، على الأقل بضعة منهم. وهكذا، سيكون هناك دائما سيدة عجوز تقيم في شارع ثريدنيدل. وآمل أن تكونوا متفقين معي على أن الحديث مع سيدة بلغت من العمر مبلغا هو من دواعي التنوير! ومع قرب نهاية رحلتنا بالعربة الطائرة، قد يتساءل بعضكم عن السر وراء نبرتي المتفائلة. فبالنسبة لكثيرين، هذا العالم الجديد للصيرفة المركزية أقرب إلى أجواء ألدوس هاكسلي منه إلى ماري بوبينز. "عالم جديد شجاع" يشبه كثيرا ما وصفه هاكسلي في روايته الشهيرة. أعتقد أننا - كأفراد ومجتمعات - لدينا القدرة على تشكيل مستقبل تكنولوجي واقتصادي يعمل لصالح الجميع. وعلينا مسؤولية أن نصل بهذا المسعى إلى النجاح. ولذلك أفضل استحضار العالم الجديد الشجاع الذي تحدث عنه شكسبير في مسرحية العاصفة حين قال: "يا للروعة! كم من الصالحين في هذا العالم! ما أروع البشرية! ويا له من عالم جديد شجاع".

إنشرها