FINANCIAL TIMES

«ألمانيا الشرقية» المهملة سر صعود الاتجاهات النازية الجديدة

«ألمانيا الشرقية» المهملة سر صعود الاتجاهات النازية الجديدة

في العام الماضي، كانت كلاوسنيتز، قرية صغيرة في ساكسونيا، في وسط نقاش وطني حول العنصرية في ألمانيا.
جماهير يمينية حاولت اعتراض حافلة تأخذ طالبي اللجوء إلى نزل: النساء والأطفال الخائفون واجهوا 100 متظاهر. صاح الحشد: "نحن الشعب".
الحادثة، التي وقعت في ذروة أزمة اللاجئين في ألمانيا، أدت إلى بحث مكثف عن الذات. السياسيون والأكاديميون ومحررو الصحف أرادوا معرفة شيء واحد: لماذا هناك الكثير من التطرف اليميني في ساكسونيا؟
عادت هذه الأسئلة إلى الظهور في أعقاب الانتخابات الوطنية التي جرت يوم الأحد قبل الماضي، حيث حصل حزب البديل لألمانيا الشعبوي اليميني على نحو 13 في المائة من الأصوات، نتيجة بالنسبة لنظام مدعوم بتوافق الآراء تعتبر بمنزلة زلزال سياسي.
نتيجتهم على الصعيد الوطني كانت مذهلة بما فيه الكفاية، لكن في الشرق الشيوعي السابق كانت مدهشة.
الحزب، الذي يريد إغلاق حدود ألمانيا وفرض حملة صارمة على الإسلام في نطاق الإسلاموفوبيا، فاز بنسبة 22.5 في المائة في "الولايات الفيدرالية الجديدة".
في ساكسونيا، وهي ولاية صغيرة في جنوب شرقي البلاد يبلغ عدد السكان 4 ملايين نسمة، وقد فاز فيها بنسبة 27 في المائة - متقدما على أي حزب آخر بما في ذلك حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتبع له أنجيلا ميركل، الذي حكم البلاد منذ توحيد ألمانيا في عام 1990.
ما أضاف إلى نتيجة حزب اليسار، أن أربعة من 10 ناخبين في الشرق أدلوا بأصواتهم لأحزاب اليمين المتطرف واليسار المتطرف.
الأحزاب اليمينية وجدت منذ فترة طويلة أن ساكسونيا هي مجال مناسب لها تماما. انتخب الحزب الديمقراطي الوطني النازي الجديد مرتين في السلطة التشريعية في ساكسونيا - في عام 2004 وعام 2009. كما أنها معقل حركة بيجيدا اليمينية المتطرفة – التي تعني الأوروبيون الوطنيون ضد أسلمة الغرب.
قوة التطرف اليميني في ساكسونيا ليس لها سوى تفسير واحد على نجاح حزب البديل لألمانيا. يقول الخبراء إن الحزب استفاد أيضا من عدم ثقة عام في المؤسسات السياسية الألمانية في الشرق التي تعود إلى فترة التوحيد.
يقول فيرنر باتزيلت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة درسدن التقنية: "نظام الحزب هو أقل رسوخا في الشرق مما هو الغرب.
لهذا السبب، فإن أحزاب الاحتجاج - في الماضي كانت الجماعات اليمينية المتطرفة مثل الحزب الديمقراطي الوطني وحزب الشعب الألماني - تجد من السهل أكثر الفوز بالأصوات. وحزب البديل لألمانيا تابع خطاها، فحسب".
الإحباط لا يزال على نطاق واسع في الشرق، بعد 27 عاما من التوحيد.
يقول إريك هاتكي من أتيكوس، وهي منظمة غير حكومية في درسدن، إن الكثيرين هناك لم يعتبروا زوال جمهورية ألمانيا الديمقراطية القديمة انتصارا للديمقراطية، بل هي "حرب خسروها".
يقول إن ما أدى إلى تفاقم الموضوع هو حقيقة أن 25 في المائة فقط من رؤساء الشركات المحلية، و14 في المائة من رؤساء الجامعات، و13 في المائة من القضاة في المنطقة كانوا قد ولدوا ونشأوا في الشرق.
كان هناك مهيجات أخرى. في الأعوام التي تلت التوحيد، أعيد تنظيم الحكومات المحلية في الولايات الشرقية، وعدد المراكز الإدارية انخفض بشكل كبير.
يقول هاجو فانكي من الجامعة الحرة في برلين إن هذا "التراجع في البنية التحتية المحلية" أثار غضب السكان المحليين.
هناك بعض الأجزاء من الشرق، حيث عليك السفر 60 كم إلى أقرب محكمة مقاطعة لإعداد وصيتك أو... تسجيل سيارة". يقول إن عشرات الآلاف من الناس شعروا، نتيجة ذلك، بأنهم "مهملون" - ليس اقتصاديا، مثل بعض ناخبي ترمب في الولايات المتحدة، لكن اجتماعيا وسياسيا.
فانكي يعتبرهم الركن الثالث لناخبي حزب البديل لألمانيا، إلى جانب المتطرفين اليمينيين (الذين هم جزء صغير من قاعدة دعمه) والناخبين الذين شعروا بخيبة أمل من تحول حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى اليسار.
هذا التحول تجسد بقرار المستشارة في عام 2015 بالسماح بدخول أكثر من مليون مهاجر. هذه الخطوة حولت "المهملين" الساخطين إلى ناخبين نشطين لحزب البديل لألمانيا - وساكسونيا إلى بؤرة المعارضة للسيدة ميركل.
دراسة أجريت العام الماضي توصلت إلى أن 58 في المائة من سكان ساكسونيا يعتقدون أن ألمانيا "يسيطر عليها بشكل خطير" الأجانب؛ 39 في المائة دعموا الحظر على هجرة المسلمين؛ و18 في المائة اعتقدوا أن الألمان "بطبيعتهم" متفوقون على الأمم الأخرى - عشر نقاط أكثر من المتوسط الألماني العام.

كثيرون في ألمانيا الغربية يتساءلون عن السبب في وجود هذا القدر الكبير من مشاعر العداء ضد الهجرة في المناطق التي يشكل فيها المهاجرون نسبة ضئيلة من السكان – في ساكسونيا النسبة لا تتجاوز 2.2 في المائة – وحيث أداء الاقتصاد في كثير من المناطق هو أفضل من المتوقع.
شهدت المنطقة قدرا كبيرا للغاية من الاستثمارات الداخلة في التكنولوجيا العالية إلى درجة أنه يطلق عليها الآن تعبير "ساكسونيا السيليكون". شركة بورش تصنع جميع سياراتها الهجينة هناك، وبدأت فولكس فاجن في تصنيع سياراتها موديل إي – جولف في درسدن.
يقول باتزيلت إن مفارقة المشاعر المعادية للأجانب في واحدة من أقل الولايات تعددا من الناحية العرقية لا تأتي مما يراه الشرقيون على المستوى المحلي، وإنما من تصوراتهم عن مدن ألمانيا الغربية، حيث الهجرة واسعة النطاق التي تسببت في عدد لا بأس به من المشاكل الاجتماعية.
ويقول: "يوجد لديهم شعور في الشرق بأن كل شيء على ما يرام، وأن البلدات تبدو جميلة، والبطالة تحت السيطرة، وأننا نريد أن يتعرض ذلك للدمار بسبب سياسات الهجرة الفاشلة في الغرب".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES