FINANCIAL TIMES

افتقاد القطاع المصرفي الرسملة الكافية سبب عدم الارتياح

افتقاد القطاع المصرفي الرسملة الكافية سبب عدم الارتياح

قبل أكثر من عشرة أعوام بقليل، شهدت المملكة المتحدة، من خلال بنك نورثرن روك، أول ذعر مصرفي مرئي للعيان منذ قرن ونصف أدى بالعملاء إلى سحب أرصدتهم من المصرف.
هذا تبين أنه حدث صغير في أزمة هائلة. أبسط سؤال تثيره هذه الذكرى هو ما إذا كنا نملك الآن نظاما ماليا آمنا. مع الأسف، الجواب هو لا. القطاع المصرفي يبقى أقل أمانا مما يمكن أن يكون بشكل معقول. هذا قرار متعمد.
المصارف توفير الأموال كمنتج ثانوي لأنشطتها في الإقراض. الإقراض بطبيعته محفوف بالمخاطر. هذا هو الغرض من الإقراض، لكن التزامات المصارف هي في معظمها من المال.
الغرض الأهم للمال هو أن يكون بمنزلة مصدر آمن للقوة الشرائية في عالم غير مؤكد. السيولة التي لا شك فيها هي الهدف من المال، لكن الأموال المصرفية هي أقل موثوقية عندما يصبح التمويل أكثر هشاشة. لا تستطيع المصارف تقديم ما يريده الجمهور من المال عندما يكون جل رغبة الجمهور منها هو أن تفعل ذلك.
هذا النظام مصمم ليفشل. للتعامل مع هذه الصعوبة، وهي مصدر لعدم الاستقرار الشديد على مر القرون، قدمت الحكومات كميات متزايدة من التأمين والتنظيمات التي تعوض ذلك. التأمين شجع المصارف على اتخاذ مخاطر أكبر بكثير.
المنظمون توصلوا إلى أن من الصعب جدا المواكبة، لأن المصرفيين يتفوقون عليهم من حيث الحوافز والموارد والنفوذ.
اقترح عدد من الناس الجادين إصلاحات جذرية. كما أوصى خبراء اقتصاد من مدرسة شيكاغو القضاء على نظام البنك المركزي الجزئي في الثلاثينيات.
ميرفين كينج، محافظ بنك إنجلترا السابق، جادل أن المصارف المركزية ينبغي أن تصبح "المقرضين لكل المواسم": بالتالي، فإن التزامات المصارف السائلة لا يمكن أن تتجاوز قيمة الضمانات المحددة لأصولها.
هناك كتاب مثير للاهتمام، ’نهاية القطاع المصرفي‘، من تأليف جوناثان ماكميلان، يوصي بإزالة الوساطة الشاملة للتمويل.
كل هذه المقترحات تحاول فصل اتخاذ المخاطر عن حيازات الجمهور من الأصول السائلة الآمنة التي لا شك فيها. الجمع بين هاتين الوظيفتين في فئة واحدة من المؤسسات هو وصفة لحدوث كارثة، لأن الوظيفة الأولى تقوض الثانية، وبالتالي تتطلب تدخلات ضخمة ومعقدة من قبل الدولة. هذا ببساطة ليس حلا قائما على مفهوم السوق.
الإصلاحات الجذرية مرغوبة. اليوم هذا مستحيل سياسيا. بدلا من ذلك، علينا البناء بتنفيذ الإصلاحات التي أدخلت منذ الأزمة. شاركت في التوصيات من اللجنة المستقلة للقطاع المصرفي في المملكة المتحدة من أجل زيادة قدرة استيعاب الخسائر وتقييد مصارف التجزئة البريطانية. كلاهما خطوة في الاتجاه الصحيح.
مع ذلك، كما أشار السير جون فيكرز، رئيس اللجنة، في خطاب ألقاه حديثا، أن الإصلاحات لم تجعل بعد دور المصارف كوسطاء لاتخاذ المخاطر يتسق مع دورها كمزودي التزامات آمنة. هذا إلى حد كبير لأنها تبقى ذات رسملة غير كافية، بالنسبة إلى المخاطر التي تتحملها.
يجادل كبار المسؤولين أن متطلبات رأس المال زادت عشرة أضعاف، لكن هذا صحيح فقط إذا كنا نعتمد على العمليات السحرية التي اسمها موازنة المخاطر.
في المملكة المتحدة، انخفض الرفع المالي الفعلي إلى النصف، إلى نحو 25 إلى واحد. باختصار، انتقل من الجنون إلى مجرد السخافة.
كلما كان تمويل حقوق الملكية في البنك أصغر، كان أقل تحملا للخسارة قبل أن يتعرض للإفلاس. لا يجب أن يسمح للبنك القريب من الإفلاس بالعمل، لأن المساهمين لن يبقى لديهم ما يخسرونه من اتخاذ الرهانات الكبيرة.
مع ذلك، هناك طريقة بسيطة لزيادة ثقة دائني البنك في قيمة مطلوباته (دون الاعتماد على الدعم الحكومي). إنها خفض رفعه المالي من 25 إلى واحد إلى، مثلا، خمسة إلى واحد، كما جادل أنات أدماتي ومارتن هيلفيج في كتاب ’ملابس المصرفيين الجديدة‘.
كما يشير السير جون، هذا سيفرض تكاليف خاصة على المصرفيين، ولهذا السبب يكرهون الفكرة، لكنها لن تفرض تكاليف كبيرة على المجتمع ككل. نعم، ستكون هناك زيادة متواضعة في تكاليف الائتمان المصرفي.
يمكن القول إن الائتمان المصرفي كان رخيصا دون الحد. نعم، نمو الأموال التي توفرها المصارف قد يتباطأ، لكن توجد هناك طرق بديلة ممتازة لتوفير المال، خاصة من خلال الميزانيات العمومية للمصارف المركزية.
نعم، المساهمون قد لا يحبون ذلك. لكن القطاع المصرفي خطير فوق الحد على نحو لا يجوز معه أن يترك لهم وحدهم. ونعم، يمكننا ابتكار التزامات السندات التي يرجح لها أن تتحول إلى أسهم في الأزمات.
هذا من المرجح أن يتبين أنه من الصعب أن ينجح في حال الأزمة، وعلى أية حال، هو بديل لا لزوم له عن حقوق الملكية.
الاستنتاج بسيط. المصارف هي في وضع أفضل الآن، على جبهات عديدة، مما كانت قبل عقد من الزمن (على الرغم من أن المعالجة المشكوك فيها للدخل والأصول في الحسابات المصرفية تستمر بجعل قوتها المالية غير مؤكدة للغاية).
ميزانياتها العمومية لا تزال قائمة على أساس لا يمكنها من النجاة في حال وقوع عاصفة كبيرة. كان هذا صحيحا في عام 2007. وهو لا يزال صحيحا في الوقت الحاضر. وإياكم أن تصدقوا أي شيء خلاف ذلك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES