Author

طاقة الرياح .. زخم علمي أم إعلامي؟ «4»

|
مختص في شؤون الطاقة
عود على بدء، تناولت في المقال السابق موضوع "مزرعة الرياح" وهي المنطقة المخصصة لاستيعاب عدد كبير من توربينات الرياح بغرض إنتاج كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية. تطرّقت بعد ذلك إلى آلية التوزيع الجغرافي لتوربينات الرياح وأنه ليس عشوائياً كما يظن البعض، بل إنّ هناك حدا أدنى للمسافة يجب أن يراعى بين كل توربين وآخر كي لا تتأثر كفاءة الإنتاج سلبا، وقد شرحت باختصار طريقة حساب هذه المسافة وضربت مثالا توضيحيا على ذلك. في هذا المقال الذي أختم به هذه السلسلة من المقالات عن طاقة الرياح، سأعرج في عجالة إلى المقارنة بين الطاقة الكهربائية الناتجة من توربينات الرياح والطاقة الكهربائية الناتجة من حرق النفط. الهدف من ذلك هو تبسيط الصورة للقارئ الكريم وربطها بالواقع الذي يعيشه. لنأخذ عام 2012 كمثال حيث استهلكت السعودية‬ ما يقارب 1.6 مليون برميل من النفط‬ المكافئ وذلك لإنتاج 60 ألف ميجاواط من الكهرباء. ‏بمعنى أن كل "برميل واحد" من النفط‬ المكافئ تم حرقه في ذلك العام قد أنتج لنا ما يعادل 0,037 ميجاواط من الكهرباء. السؤال الذي يهم القارئ الكريم، كيف نربط ذلك بطاقة الرياح؟ لنأخذ توربين الرياح الذي تم تدشينه في مدينة طريف شمال المملكة الذي ينتج نحو 2.75 ميجاواط من الكهرباء، وهي طاقة كهربائية كافية لسد حاجة 250 وحدة سكنية. ‏لو أردنا معرفة كم توربين رياح نحتاج مثل توربين مدينة طريف‬ الذي ينتج 2.75 ميجاواط، لإنتاج طاقة كهربائية تساوي الطاقة الكهربائية الناتجة من حرق 1.6 مليون برميل من النفط المكافئ، فإننا نحتاج إلى 21818 "توربينا" تقريبا. قد يتطلب عدد توربينات الرياح السابق لمساحة تقديرية قد تصل إلى 2800 كيلومتر مربع وهي مساحة ليست بالصغيرة. ختاما لهذا المقال ولهذه السلسلة من المقالات هل يعتقد القارئ الكريم أن طاقة الرياح زخم علمي؟ وأن هناك تطورا صناعيا ملحوظا خلال السنوات العشر الأخيرة التي تضاعفت فيها القدرة الإنتاجية العالمية ثماني مرات لتصل إلى 838 تيراواط "1 تيرا يساوي 1000 جيجا". أم أن هناك زخما إعلاميا كبيرا ومبالغة كبيرة في كل ما يتعلق بالطاقة المتجددة على وجه العموم وطاقة الرياح على وجه الخصوص؟ عندما نعلم أن طاقة الرياح لا تشكّل إلا 2 في المائة تقريبا من مصادر الطاقة العالمية التي يتربع الوقود الأحفوري على رأسها. وجهة نظري التي قد يخالفني فيها كثيرون، أن هناك بلا شك عملا لا يستهان به لتطوير هذه الصناعة المهمة والواعدة. أمام هذه الصناعة كثير من التحديات لرفع كفاءة الإنتاج وتطوير المواد المستخدمة في صناعة توربينات الرياح لمقاومة عوامل التعرية لتخفيض وقت وتكلفة الصيانة وغيرهما. لكن من يتابع الإعلام بقنواته المختلفة من غير المختصين والمهتمين سيعتقد أن طاقة الرياح تلّبي نسبة كبيرة من احتياج العالم للكهرباء وهذا غير صحيح. لذلك أعتقد أنه زخم إعلامي أكثر من كونه علميا.
إنشرها