Author

وفرة السيولة .. وقلة فرص الاستثمار

|

قد يعترض البعض على الجزء الأول من العنوان قياسا على شح السيولة لدى الناس الذين يكثرون الشكوى من هذا الموضوع وما أكثرهم.. لكنني لا أعني تلك الشريحة التي تدعي الحاجة ثم تحزم حقائبها في الصيف للسفر في كل عام وإلى أغلى بلاد العالم، ولكنني أعني الشريحة التي دخلت سوق العقار وخرجت منها إلى سوق الأسهم، وبقي معها مبلغ متواضع لا يتحمل مزيدا من المضاربات أو المغامرات، ولكنه يتناقص مع الأيام إن لم يجد نافذة آمنة للاستثمار. وقد وصلت إلى قناعة بتوافر السيولة لدى تلك الشريحة بعد أن أعلن تغطية الاكتتاب عشرين مرة وفي وقت قياسي في صندوق عقاري طرح أخيرا.. ويؤكد هذا الخبر الحاجة إلى فرص استثمارية تناسب تلك الشريحة المتوسطة التي لا تصنف ضمن كبار رجال الأعمال المطلعين على فرص الاستثمار في الداخل والخارج عبر دراسات تعد لهم من بيوت خبرة معتمدة لديهم، وليسوا أيضا ضمن المؤسسات الصغيرة التي تعمل الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على خدمتهم وفق استراتيجية يتم وضعها حاليا.. والشريحة المتوسطة التي أشير إليها واجهت كثيرا من المصاعب حينما دخلت في المساهمات العقارية عند وجودها دون ضوابط وإنما ثقة بأصحابها الذين لم يكن بعضهم في مستوى الثقة، ثم رضيت بالتسويات غير العادلة وانتقلت بباقي ما لديها من رأسمال إلى سوق الأسهم في بدايتها أيضا وحينما كان البيع والشراء عن طريق مكاتب يبيع بعضها أسهما لا تتوافر لديه ثم حين يقع الفأس في الرأس يغلق المكتب ويختفي.. وحينما نظمت عملية تداول الأسهم استمر بعضهم وحقق أرباحا عوضته عن الخسائر في مرحلتي العقار والأسهم في بدايتها، ثم جاءت الطامة الكبرى فسقطت سوق الأسهم من 21 ألف نقطة إلى ما هو عليه الآن يرتفع خمسين نقطة ثم ينخفض 100 نقطة وهكذا.. وتلفت البعض إلى سوق العقار مرة أخرى لكن تحذيرات من يزعمون أن سوق العقار ستنهار ويحذرون من دخوله في هذه الفترة جعلت كلا منهم يغلق صندوقه بأكبر الأقفال فلا أسهم ولا عقار.. فأين البديل؟!
والسؤال موجه إلى وزارة التجارة حيث أضيف لها نشاط الاستثمار، وكذلك الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة النقد العربي السعودي للعمل على دراسة الفرص الاستثمارية المناسبة لهذه الشريحة المتوسطة سواء كانت على شكل صناديق أو مشروعات إنتاجية أو خدمية، والمهم أن تكون تحت إشراف الجهات التي وجهت الرسالة إليها.. أما الغرف التجارية فلم تعد تذكر حيث تحولت إلى منصات للتصوير فقط ولم نسمع يوما أنها أعدت دراسة لفرص الاستثمار في قطاع معين وهي القريبة للسوق ومتطلباتها.
وأخيرا: نريد من الجهات الحكومية المعنية بالاستثمار أن تعطي المستثمر المحلي، خاصة الشريحة الوسطى، اهتماما خاصا وألا يكون تركيزها فقط على المستثمر الأجنبي، وستجد أن الشريحة الوسطى لديها من السيولة ما يحرك الاقتصاد ويشغل الأيدي العاملة ويرتقي بهذه الشريحة إلى العمل الاستثماري الصحيح والمنظم والمستمر بدل أن تظل في انتظار الاكتتاب في الأسهم والصناديق ثم تبيع أسهمها عند إدراجها ولو بربح قليل.

إنشرها