FINANCIAL TIMES

«وول ستريت».. أسهم التكنولوجيا رهان محفوف بالمخاطر

«وول ستريت».. أسهم التكنولوجيا رهان محفوف بالمخاطر

في الوقت الذي يحل فيه الربع الأخير من العام، تظل الأسهم الأمريكية في منطقة الأرقام القياسية وتقلبات السوق هادئة.
بعد أن خاضت أشهرا من الاضطرابات السياسية في واشنطن واستمدت قوتها من التحسن الاقتصادي العالمي، تبدأ الأسهم في الربع الرابع بجدول أعمال تسيطر عليه فرصة الحصول على تخفيضات ضريبية كبيرة بالنسبة للشركات، ساعدت على تحفيز السوق عندما فاز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية. وفي أيلول (سبتمبر) تفوق أداء مؤشر رسل 2000 للشركات الصغيرة، التي تعد بمنزلة أكبر المستفيدين من التخفيضات الضريبية.
عاد الإصلاح الضريبي، أحد الأركان، التي يقوم عليها جدول أعمال ترمب، إلى الواجهة مع كشف النقاب في الأسبوع الماضي عن "إطار عمل" يهدف إلى تخفيض معدل ضريبة الشركات الرسمية إلى 20 في المائة، بدلا من 35 في المائة. وحقق مؤشر رسل مكاسب تقارب 6 في المائة مقابل 1.4 في المائة حققها مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
يقول مايكل أندرهيل، كبير الإداريين الاستثماريين في "كابيتال إنوفيشنز" "ما نشهده الآن هو البيئة المحتملة التي استعد لها الناس وأسرعت إليها أسواق الأسهم في كانون الثاني (يناير) – أي "تداولات الإنعاش". لكنني لا أعتقد أننا نشهد حركة جامحة من المضاربات. سيكون الأمر أكثر توازنا واستمرارية".
الفشل في إقرار نظام الإصلاح الضريبي سيتسبب في تطلع المستثمرين لعوامل أخرى من أجل تشكيل الربع الأخير من العام، الذي شهد ارتفاعا في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بلغ 12 في المائة. وتلك العوامل تشمل نمو أرباح الشركات، وآفاق أسهم شركات التكنولوجيا، وسياسة الاحتياطي الفيدرالي، والتصعيد في الخطاب بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
ونظرا لأن الكونجرس وإدارة ترمب فشلا في إلغاء نظام "أوباما كير" للرعاية الصحية هذا العام، لا يرفع بعض المستثمرين من مستوى آمالهم في الحصول على تخفيضات ضريبية. بوب براون، كبير الإداريين الاستثماريين في "نورثرن تراست أسّيت مانيجمنت"، يصف الإصلاح الضريبي بأنه "خيار حر تقريبا أمام السوق في هذه المرحلة". بدلا من ذلك، يركز على النمو العالمي المتزامن الذي يعتقد أنه هو المحرك الرئيسي لكل هذا الوضع.
يقول: "نواصل التركيز على قصة النمو العالمي. وهذه الدعامة الأساسية هي ما يسمح للسوق بتجاهل الضجيج القادم من واشنطن والمخاطر الجيوسياسية من الخارج".
وفي غياب التخفيضات الضريبية التي ينبغي أن تركز على تناوب في القطاعات الدورية التي تستفيد من وجود اقتصاد أقوى، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سوق أداؤها هذا العام هو علامة كبيرة على ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا ـ وفقا لمؤشر ستاندرد آند بورز 500، ارتفعت أسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات 25 في المائة تقريبا.
هذا الأداء أدى إلى شعور بعض محللي المصارف ومديري الصناديق المشتركة بالقلق من أن أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبيرة أصبحت تداولات مزدحمة بشكل خطير. ويبدو أن توافق الآراء يرى أن أسهم FAAMG - الاسم المختصر الذي تشير به وول ستريت إلى فيسبوك وأبل وأمازون ومايكروسوفت وجوجل - أصبحت رهانات محفوفة بالمخاطر. فقد ارتفعت جميعها بنسبة لا تقل عن 18 في المائة حتى الآن، مع ارتفاع أسهم فيسبوك 44 في المائة.
في الواقع، لاحظ محللو مصرف جولدمان ساكس في حزيران (تموز) كيف تسبب "هذا التفوق في الأداء (من جانب أسهم FAAMG) في إيجاد تعاملات متطرفة، وتزاحم في العوامل وتعبيرات عن المخاطر من الصعب فهمها".
لكن في الوقت الذي يشعر فيه بعضهم بالقلق إزاء أسهم التكنولوجيا الآخذة في الارتفاع إلى مستويات قياسية، يواصل المستثمرون من ذوي الأتباع في اقتناء كميات كبيرة منها في محافظهم الاستثمارية. ستانلي دركينميلر، الذي كان سابقا يأتي في المرتبة الثانية بعد جورج سوروس الذي اشتهر بشرائه أسهم التكنولوجيا تماما قبل انفجار فقاعة الدوت كوم، استثمر 33.4 في المائة من أصول مكتبه العائلي في أسهم أربع شركات فقط في نهاية الربع الثاني: مايكروسوفت وفيسبوك وألفابت وأمازون، وفقا لبيانات مقدمة إلى الأجهزة التنظيمية في الولايات المتحدة.
في الوقت الذي ارتفعت فيه أسهم FAAMG بشكل كبير هذا العام، لا تبدو جميعها باهظة الثمن نسبة إلى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا، ولا يزال بعضها في الحقيقة يُتداول بسعر مخفض. يتم تداول ألفابت على أساس العائد على التدفق النقدي الحر للسنة الماضية، بما ينسجم مع مؤشر ستاندرد آند بورز، باستثناء أسهم الشركات المالية، في حدود 4 في المائة، في الوقت الذي تقدمت فيه كل من أبل ومايكروسوفت بنسبة أعلى بكثير بلغت 6 و5.5 في المائة، على التوالي. فقط فيسبوك وأمازون يتم تداولهما بعلاوات كبيرة على السوق.
الأساس المنطقي لامتلاك أسهم شركات التكنولوجيا هو علامة على آفاق النمو القوي فيها وتوليد تدفقات نقدية ضخمة، في مقابل اقتصاد راكد. الفترة المستمرة من عائدات السندات الحكومية المنخفضة دفعت بعضهم إلى إطلاق لقب تداولات Tinaعلى هذا الوضع، وهي الأحرف الأولى من عبارة باللغة الإنجليزية معناها "لا يوجد بديل" بينما يدفع المستثمرون قطاع التكنولوجيا إلى مستويات أعلى.
ويزيد هذا من المخاطر التي يحتمل أن تواجهها أسهم القطاع، إضافة إلى سوق الائتمان، فيما لو واصلت عائدات السندات ارتفاعها الذي شهدناه في الفترة الأخيرة. بعد التهديد بالتراجع إلى ما دون 2 في المائة في بداية أيلول (سبتمبر)، عائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات تغلق الربع عند مستوى أعلى من 2.30 في المائة بعد أن تسببت تعليقات أكثر تشددا قدمها صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي في إثارة توقعات بحدوث رفع لأسعار الفائدة في كانون الأول (ديسمبر). ومن المحتمل أن تعمل التخفيضات الضريبية على إشعال حركة إلى الأعلى في العائدات.
ويبدي بعض مديري الائتمان قلقهم من أن سوق السندات لا تزال لا تظهر علامات على الخطر الحقيقي المترتب على ارتفاع أسعار الفائدة. يقول هنري بيبودي، من إيتون فانس: "احتسبت السوق من قبل ما شهدناه أصلا هذا العام، ولم تحتسب ما يخبرنا به الاحتياطي الفيدرالي. هناك قدر كبير من المخاطر في أسعار الفائدة وكذلك في الائتمان على أساس ارتفاع الأسعار فقط. والناس غير مستعدين لذلك".
بالنسبة لجزء كبير من العام، استبعد المستثمرون احتمال تنفيذ واشنطن الإصلاح الضريبي، بما في ذلك التخفيضات الكبيرة في معدل ضريبة الشركات. لكن إن تمكنت من ذلك، فمن الممكن أن يعمل هذا على تشكيل الفصل الأخير من العام الذي تحدد من خلال أسهم قطاع التكنولوجيا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES