FINANCIAL TIMES

الديون السيادية للأسواق الناشئة تقفز من 5.2 تريليون دولار إلى 11.7 تريليون

الديون السيادية للأسواق الناشئة تقفز من 5.2 تريليون دولار إلى 11.7 تريليون

الأسواق الناشئة لم تُخيّب آمال المستثمرين هذا العام. السندات السيادية التي باعتها، سواء بالعملات الأجنبية أو المحلية، حققت وفقاً لمؤشرات "جيه بي مورجان"، عوائد بلغت 9 في المائة.
بشكل عام، حجم السندات الصادرة عن حكومات الأسواق الناشئة زاد أكثر من الضعف خلال العقد الماضي، من 5.2 تريليون دولار إلى نحو 11.7 تريليون دولار، لأن البلدان اقترضت مبالغ قياسية لسد الثغرات في المالية العامة.
ومع أن هذا الارتفاع العجيب في حجم الديون يُسبب حالة من القلق، إلا أن بحثا جديدا من بنك التسويات الدولية يُظهر أن التغييرات في تكوين الديون، مثل الزيادة في الأوراق المالية المقومة بالعملات المحلية، والأوراق المالية ذات الفائدة الثابتة أكثر وتواريخ الاستحقاق الأطول، تُعزز استدامة الموارد المالية العامة، على الرغم من ارتفاع عبء الديون.
تقول كريستينا بيكتياكوفا، من بنك التسويات الدولية، المعروف على نطاق واسع بأنه البنك المركزي للبنوك المركزية: "هذه الاتجاهات ينبغي أن تُساعد في تعزيز استدامة الموارد المالية العامة، من خلال الحد من حالات التباين بين العملات ومخاطر التحويل".
وعلى الرغم من أن الديون السيادية المُستحقة تضاعفت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الأزمة المالية العالمية في عام 2007، إلا أنها ارتفعت فقط من 41 في المائة إلى 51 في المائة، كما يُشير بنك التسويات الدولية. وهذا ارتفاع أصغر بكثير مما هو في البلدان المتقدمة.
علاوة على ذلك، نحو ثمانية تريليونات دولار من الديون تخص البرازيل والصين – حيث تشكل نسبة متواضعة نسبياً تبلغ 46.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي - والهند حيث انخفضت في الواقع كنسبة من الناتج الوطني منذ عام 2007.
العملات التي اقترضت بها الحكومات تُقلل أيضاً من خطر إثارة أزمة ديون مالية بسبب التراجع في عملاتها المحلية مقابل الدولار أو اليورو. فمن أصل 23 اقتصادا ناشئا كبيرا - باستثناء الصين - 14 في المائة فقط من ديونها الحكومية المستحقة، البالغة 4.4 تريليون دولار في نهاية عام 2016، كانت مقومة بالعملات الأجنبية، مقارنة بـ 32 في المائة في نهاية عام 2001.
ويلاحظ بنك التسويات الدولية أن هناك "ارتفاعا حادا" في متوسط استحقاق الديون، الأمر الذي يُقلل خطر عدم قدرة البلاد على تدوير سنداتها في حالة حدوث أزمة مؤقتة.
خلال العقد الماضي، متوسط الاستحقاق للسندات السيادية في الأسواق الناشئة ارتفع من 6.5 عاما إلى 7.7 عام، وهو ينسجم تقريباً مع متوسط لمدة ثمانية أعوام في الأسواق المتقدمة، حيث أصبح المستثمرون على استعداد أكثر لربط أموالهم فترات أطول في العالم الناشئ.
المكسيك والفلبين وكوريا الجنوبية جميعها ضاعفت متوسط مدة سنداتها إلى نحو متوسط العالم المتقدم.
جنوب إفريقيا ذهبت أبعد من ذلك، من خلال زيادة فترة استحقاق سنداتها إلى 16 عاماً، بشكل يزيد كثيرا، وعلى نحو مريح، عن الأعوام الـ 5.6 في الولايات المتحدة و6.5 في كندا وألمانيا وإسبانيا، على الرغم من أنها تبقى أقل من معدل 17.5 عام في المملكة المتحدة. تقول بيكتياكوفا إن فترات الاستحقاق الأطول والزيادة في السندات ذات سعر الفائدة الثابت تدعم أيضاً التوسع والتطور الأوسع في أسواق رأس المال في العالم الناشئ، مع منحنيات عوائد حكومية أطول توفر مؤشرا أفضل للشركات التي تُصدر السندات الخاصة بها.
لكنها تُحذّر من أن زيادة المدة تعني أن الأزمة العالمية في عوائد السندات "يُمكن أن يكون لها تأثير أكبر من السابق في القيمة السوقية للسندات، ما قد يزيد من مخاطر التدوير وآليات التغذية العكسية الأخرى".
مارتن جان باكوم، كبير خبراء استراتيجية الأسواق الناشئة في "إن إن إنفيستمنت بارتنرز"، وهي شركة هولندية لإدارة الأصول، يوافق على أن التغييرات في تكوين السندات السيادية في الأسواق الناشئة عملت على تخفيض المخاطر، وباتت جداول الدفع "أكثر قابلية للإدارة والتوقع"، لا سيما في أوقات التقلبات الشديدة. ويُشير على وجه الخصوص، إلى أن الأوراق المالية في الأسواق الناشئة المقومة بالعملات المحلية أصبحت "أداة رئيسية أكثر بكثير" خلال العقد الماضي.
لكن باكوم يحذر من أن بعض البلدان، مثل جنوب إفريقيا وتركيا والبرازيل، لا تزال لديها قضايا تتعلق بالاستدامة المالية. "جنوب إفريقيا وتركيا لديهما مشاكل أكبر مما كان لديهما قبل عشرة أعوام، لكن البرازيل هي المشكلة الكبيرة. ما زلت أشعر بقلق كبير".
ويضيف: "لا يزال هناك بعض الأمل في أنها ستسن إصلاحات أمنية اجتماعية، لكن من حيث ديناميكيات السندات البرازيل تُسبب المشاكل. العجز الاسمي في المالية العامة قريب من 10 في المائة. وهذا مرتفع فوق الحد".
ويرى باكوم أن معدل الزيادة في الحجم المُطلق لكومة الديون في كل أنحاء الأسواق الناشئة يجب أن يتباطأ. "لا ينبغي أن تنمو الديون بهذه السرعة إلى الأبد. يجب أن نأمل أنه في الأعوام العشرة المُقبلة، أو أكثر، لن نشهد أي مُضاعفة أخرى".
سيزار ماسري، خبير الاستراتيجية في جولدمان ساكس، يُحذّر من أن "نقطة الضعف" المحتملة للأسواق الناشئة هي توسع حالات العجز في المالية العامة فيها، الذي ارتفع من متوسط 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى 2.3 في المائة الآن، وذلك وفقاً لحساباته.
ويُشير بشكل خاص إلى تدهور أرصدة المالية العامة في تشيلي والبرازيل وتركيا وكولومبيا والفلبين، حيث متوسط الأرصدة الآن على مستوى الأسواق الناشئة أضعف مما كان خلال الأزمة المالية الآسيوية عام 1998/1997.
يقول إن العجز الأوسع في المالية العامة هو مقياس "لضعف الأسواق الناشئة في وجه الصدمات". لكن على الرغم من هذا "الفرق في أسعار الفائدة بين السندات السيادية في الأسواق الناشئة والسندات القياسية يتجه نحو أضيق مستوياته منذ أعوام".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES