Author

فائض العرض قد يستمر في 2018

|

منذ بعض الوقت، كانت توقعات أسعار النفط أكثر تفاؤلا مما انتهت عليه في الواقع، حيث إن اتفاق "أوبك" وحليفاتها من خارج المنظمة لخفض الإنتاج والنمو القوي للطلب العالمي على النفط فشل في وضع نهاية سريعة لفائض النفط في الأسواق. وقد بدأت هذه النظرة المفرطة التفاؤل لأسواق النفط تفقد بريقها نتيجة لذلك، وظهر ذلك جليا في أحدث الدراسات الاستقصائية لأسعار النفط التي أظهرت تنقيحا هبوطيا واسع النطاق لتوقعات أسعار خام بحر الشمال برنت ولأسعار الخام الأمريكي القياسي غرب تكساس المتوسط لما تبقى من هذا العام و2018.
وتظهر النظرة العامة لتوقعات أسعار النفط انتعاشا متواضعا في أسعار النفط خلال عام 2018، مع عدم توقع أن يكسر المتوسط السنوي لمؤشر خام برنت العالمي حاجز 55 دولارا للبرميل في العام المقبل. كما تقلص الفارق بين التوقعات المرتفعة والمنخفضة مع تزايد عدد الدراسات الاستقصائية التي تتقبل بصورة متزايدة توقعات "أسعار أقل لفترة أطول" أو "أقل إلى الأبد"، مع التخلي أيضا عن توقعاتها الهبوطية الأكثر دراماتيكية. في الدراسات الاستقصائية كان هناك فقط عشرة دولارات للبرميل فرق لتوقعات أسعار النفط لعام 2018 التي شملتها الدراسات؛ كما لم يعد هناك مخاوف من حدوث انخفاض كبير جدا نحو 20 دولارا للبرميل، إلا أن الآمال ضعيفة لعودة أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل في المستقبل القريب.
العامل المهم وراء هذه التوقعات المنخفضة لأسعار النفط هو استمرار النمو في المعروض من خارج منظمة أوبك. على الرغم من أن كبار المنتجين غير الأعضاء في "أوبك" مثل روسيا والمكسيك وقعوا على اتفاق خفض الإنتاج كجزء من الاتفاق العام بين الطرفين، إلا أن تراجع الإنتاج الطبيعي شكل جزءا كبيرا من امتثال هذه الدول ـــ هذا التراجع كانت ستشهده الأسواق على أي حال، وبالتالي ليس جهدا غير عادي لخفض الإنتاج والمساعدة في التخلص من فائض المخزون. وفي الوقت نفسه، هناك منتجون آخرون من خارج "أوبك" مثل الولايات المتحدة، كندا وكازاخستان على استعداد لزيادة الإنتاج في العام المقبل. وقد قللت هذه الحقائق ثقة المحللين بقدرة "أوبك" على إدارة سوق النفط، حتى لو كان سجل امتثال المنظمة ممتازا بشكل عام.
إحدى النقاط المثيرة للقلق أن السعودية عليها أن تتحمل وحدها الجزء الأكبر من التخفيضات لتعويض ضعف الامتثال من جانب بعض دول المنظمة مثل العراق والإمارات العربية. كما أن المحللين أقل تفاؤلا حول احتمالات قيام "أوبك" بإجراء مزيد من التخفيضات أو انضمام الأعضاء المعفيين مثل ليبيا ونيجيريا إلى الاتفاق. ومن التحذيرات المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار هي أن عديدا من التوقعات السعرية قد قدمت قبل إعصار هارفي، الذي أغلق بعض الإنتاج الأمريكي وبعض عمليات التكرير. ومع ذلك، فإن تأثير العاصفة قد يكون أكثر "هبوطيا" على الطلب من "تصاعديا" على العرض.
وعلى الرغم من وجود توافق متزايد في الآراء حول أسعار النفط، إلا أن هناك مخاوف من أن المحللين مرة أخرى وراء الحدث، حيث إن توقعاتهم مبنية على عوامل أخذتها الأسواق بالفعل في الحسبان. ففي "أوبك"، أدت انقطاعات خطوط الأنابيب، والاضطرابات الاقتصادية والسياسية في فنزويلا، إلى جانب التزام بعض الدول بخفض الإنتاج أعلى من الحصص المقررة، إلى انخفاض إنتاج المنظمة بنحو 80 ألف برميل في اليوم في آب (أغسطس) مقابل تموز (يوليو) إلى ما يزيد قليلا على 32.7 مليون برميل في اليوم. كما أن نمو إنتاج النفط الخام الأمريكي يبدو قد انحسر أيضا، حيث يرى عديد من المحللين أن إنتاج النفط الخام الأمريكي سيصل إلى عشرة ملايين برميل في اليوم في العام المقبل. في حين أن الطلب العالمي على النفط يمكن أن يسجل تناميا أقوى مما كان متوقعا سابقا لبقية هذا العام وفي عام 2018.
وتتوقع كل من منظمة أوبك، وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن عملية إعادة التوازن في أسواق النفط لا تجري فقط بل إنها تتسارع. في هذا الجانب، قامت منظمة أوبك أخيرا بتنقيح توقعات الطلب العالمي على النفط بمقدار 50 ألف برميل في اليوم في عام 2017 و70 ألف برميل في اليوم في عام 2018، في حين قامت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بمراجعة توقعاتها بخفض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 100 ألف برميل في اليوم لهذا العام و110 آلاف برميل في اليوم في العام المقبل. وفي الوقت نفسه، انتقل منحنى أسعار «برنت» القياسي العالمي إلى حالة التراجع حتى حزيران (يونيو) 2018، حيث يتداول برميل التسليم الفوري بعلاوة على التسليم في المستقبل - إشارة إلى أن الأسواق متشددة.
ومع ذلك، ثبت دائما أن عملية إعادة التوازن في أسواق النفط أبطأ مما كان متوقعا، ويشير ميزان العرض والطلب إلى أن عمليات بناء المخزون لا تزال مطروحة. واعتبارا من آب (أغسطس)، بقيت مخزونات الخام التجاري في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أكثر من 216 مليون برميل فوق متوسط السنوات الخمس، مع وجود معظم هذه الكمية في الولايات المتحدة. ويرى عديد من المحللين أن فائض العرض سيستمر في التأثير في الأسواق خلال عام 2018، على الرغم من أن الانقطاعات غير المخطط لها وارتفاع الطلب على النفط قد يحد من هذا الفائض في المستقبل.

إنشرها