Author

طاقة الرياح .. زخم علمي أم إعلامي؟ «3»

|

عود على بدء، تناولت في المقالين السابقين من هذه السلسلة تعريف طاقة الرياح، كمصدر من مصادر الطاقة العالمية موضحا الصورة الذهنية الخاطئة التي رسمها الإعلام بقصد أو بغير قصد عن جدوى هذه الصناعة وترتيبها بين مصادر الطاقة الأخرى. عرّجت بعد ذلك بعجالة على تاريخ استخدام هذه الطاقة ومراحل تطورها وتطبيقاتها المختلفة من تحريك للسفن الشراعية وطحن للحبوب حتى توقفت عند استخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية بواسطة توربينات الرياح ومم تتكون هذه التوربينات؟ سأسلط الضوء في هذا المقال على "مزرعة الرياح" التي تعني المنطقة المخصصة لتوليد كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية بوجود عدد كبير من توربينات الرياح موزعة في هذه المنطقة التي قد تكفي لسد حاجة مدينة كاملة أو عدد كبير من المنازل والمصانع. أود أن أوضح أن عملية التوزيع الجغرافي لتوربينات الرياح في مزرعة ما للرياح ليس بالعمل العشوائي. بل إن هناك دراسات مختصة قام بها مختصون لتحديد المسافة المناسبة بين كل توربين للرياح والآخر، والحد الأدنى لهذه المسافة. عدم مراعاة هذه المسافة يؤدي إلى انخفاض كفاءة الإنتاج بسبب تأثير قرب المسافة من الحد الأدنى على حركة المراوح. هناك من حدد أن تكون المسافة بين كل توربين وآخر بواقع ستة أضعاف قطر الدائرة التي تصنعها حركة المراوح، ومنهم من حدد المسافة بما يساوي أربعة أضعاف، ومنهم من قال إن الحد الأدنى هو ثلاثة أضعاف القطر. لتتضح الصورة للقارئ الكريم سأترجم ذلك إلى مثال مبسط على مزرعة رياح افتراضية. لو أردنا توزيع عدد أربعة توربينات للرياح في أرض ما على شكل مصفوفة تتكون من عمودين وصفين 4 × 4 يحتوي كل صف على عدد أربعة توربينات ويحتوي كل عمود على العدد ذاته، ولنفرض أن طول الشفرة الواحدة للمراوح يساوي 100 متر. هذا يعني أن القطر الذي تصنعه حركة المراوح يساوي 200 متر "طول الشفرة يساوي نصف قطر الدائرة التي تصنعها حركة المروحة" وبذلك يمكننا حساب الحد الأدنى للمسافة بين كل توربين وآخر في هذه المصفوفة التي تساوي 600 متر "تحسب من قاعدة التوربين إلى قاعدة التوربين الآخر". أود أن أشير إلى أن المثال السابق للتوضيح فقط لتصل المعلومة جلية للقارئ الكريم، فليس شرطا توزيع التوربينات على شكل مصفوفة دقيقة فذلك يعتمد على طبيعة الأرض الجغرافية ومساحتها، المهم هنا هو التقيد بالمسافة بغض النظر عن آلية التوزيع. قد يتم توزيع التوربينات جميعها على شكل صف واحد مواز لأحد السواحل على سبيل المثال، وقد يكون التوزيع عشوائيا في حال كانت مساحة الأرض كبيرة. في المقال المقبل من هذه السلسلة سأسلط الضوء بإذن الله على المقارنة بين الطاقة الكهربائية الناتجة من توربينات الرياح والطاقة الكهربائية الناتجة من حرق النفط.

إنشرها