Author

«كبار العلماء» .. مؤسسة العطاء والتسامح

|

في تقديري لا توجد مؤسسة في بلادي نالت من الأذى والتشويه والهجوم الإعلامي الممنهج من الداخل والخارج مثل ما نالت "هيئة كبار العلماء" التي تعد واحدة من أهم مؤسسات "المجتمع المدني" وإن ظهرت كمؤسسة مستقلة ومختصة بالشؤون الدينية. ولا يمكن أن تذكر مؤسسات الدولة الفاعلة دون ذكر "هيئة كبار العلماء" وما لعبته من دور في حمل رسالة الإسلام الصحيح ونبذ الأفكار المتطرفة وتوضيح المخالفات الشرعية في الداخل والخارج. إضافة إلى دورها في وحدة الصف والتصدي للدعوات المشبوهة التي تظهر بين فترة وأخرى، وتستهدف زعزعة أمن واستقرار هذا البلد العظيم. وحين أقول هذا الكلام الذي يعرفه العقلاء والمنصفون ورجال الدولة في بلدنا والبلدان الإسلامية الأخرى؛ فلا أقوله من فراغ بل برهنت الأحداث التي مرت بها الدول منذ ظهور الجمهوريات العربية والأنظمة الاشتراكية مرورا بأحداث فلسطين، وحربي الخليج الأولى والثانية، وحرب أفغانستان والعراق، وأحداث 11 أيلول (سبتمبر)، وفتنة الثورات في الدول العربية، سقطت دول وخرج حكام وظهرت الفتن، وتغير كثير من الدعاة والعلماء واضطربت مواقفهم يمينا وشمالا. إلا علماء هذه البلاد المباركة فهم ثابتون على مبدئهم، لم يحرضوا طرفا على الآخر، ولم يفتوا بالقتل أو التفجير أو العمليات الانتحارية أو مساندة أحزاب سياسية أو مذهبية أو التشهير بالحكام والخروج عليهم. تحملوا كثيرا من الأذى والتشكيك والتحريض الإعلامي والمذهبي، فكانوا قدوة في الصبر واتباع الحق والبعد عن مواطن الشبهات والفتن واستباحة الدماء مهما كانت الضغوط. وحين فشل الأعداء في النيل من هذه المؤسسة الرائدة أو استمالتها نحو مصالحهم الحزبية والمذهبية جندوا كثيرا من دعاة الجهل والظلام وضخموهم إعلاميا وأعلوا من شأنهم ليكونوا بديلا للعلماء الربانيين الراسخين في العلم الواعين بمسؤوليتهم التاريخية تجاه أمتهم. فظهر لنا دعاة العنف والخراب والقتل فهناك مفتي «القاعدة»، وهناك مفتي "داعش" وهناك "مفتي كتائب الجهاد" في جزيرة كذا، أو دولة كذا فاستبيحت دماء الناس، وهتكت الأعراض وسلبت الأموال وسقطت أنظمة، وساد الخراب والدمار بفعل هؤلاء الحمقى والجهلة المرجفين الذين ضلوا وأضلوا! وأدركنا أخيرا أن الهجوم الممنهج الذي كانت تتعرض له هذه المؤسسة المدنية في الفضائيات ومواقع التواصل والصحف الإلكترونية المشبوهة لم يكن مصادفة أو ناتجا عن اختلافات في الرأي كما يقال دائما، بل أمر مقصود تماما لتفقد هذه الهيئة هيبتها ووقارها لدى الناس ومن ثم تستباح الثوابت الدينية والوطنية، وتعم الفوضى بفعل فتاوى دعاة الجهل والشر والفساد. "وهيئة كبار العلماء" لم تكتف بهذا الدور في الدفاع عن الوطن وتوحيد كلمة المسلمين والتصدي لدعوات الفوضى والدمار، بل حملت رسالة الإسلام والتسامح ونشر الدعوة؛ فآلاف الكتب تطبع سنويا وتوزع في الداخل والخارج، وعشرات البعثات تجوب الدول وتعلم الناس أمور دينهم بإشراف الهيئة، ومحاضرات تسمع وتذاع في كل الفضائيات لا تجد فيها رأيا أو فتوى دون دليل من صريح الكتاب أو السنة. وفي مكاتب الهيئة وفروعها تباشر الهيئة آلاف القضايا بشكل يومي فهناك الفتاوى، وهناك إصلاح ذات البين ومساعدة المحتاجين، وهناك الإرشاد والنصح والاستشارة من رجال يعملون بصمت نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ووطنهم. إنه سلامة المنهج والعقيدة والرسوخ في العلم. حفظ الله علماءنا وبارك فيهم.

إنشرها