FINANCIAL TIMES

إعصار إيرما يفاقم فجوة اقتصاد كوبا المتداعي

إعصار إيرما يفاقم فجوة اقتصاد كوبا المتداعي

كان اقتصاد كوبا في الأصل قريبا من الوقوع في ركود اقتصادي عندما ضربها الإعصار إيرما الأسبوع الماضي. عمل الدمار والضرر الذي تسبب فيه الإعصار على تفاقم حالة اللبس التي تواجه الجزيرة، في الوقت الذي تعمل فيه فنزويلا على تقليل إمدادات الوقود المدعوم، ويستعد الرئيس راؤول كاسترو للتنحي عن منصبه مطلع العام المقبل.
قتل إعصار إيرما، أقوى الأعاصير على الإطلاق في منطقة المحيط الأطلنطي، عشرة أشخاص في الجزيرة وحطم 300 ميل من الساحل الشمالي المليء بالمنتجعات، في الوقت الذي تسببت فيه رياحه التي تبلغ سرعتها نحو 270 كيلو مترا في الساعة بأسوأ ضرر لحق بشبكة الكهرباء في البلاد، من أي وقت مضى.
إلى الغرب، غمرت الموجة العاصفة أيضا المناطق المنخفضة في هافانا. غالبا ما تضيف أعمال إعادة التعمير ما بعد الكوارث دفعة للاقتصادات، لكن كوبا تفتقر إلى الموارد المالية من أجل تمويل أعمال إعادة البناء.
وإضافة إلى الأضرار المادية، يمكن للدعاية السيئة المحيطة بالإعصار أن تضر بقطاع صناعة السياحة الآخذ في الازدهار في كوبا.
قال المختص الاقتصادي الكوبي بافيل فيدال، وهو مسؤول سابق في البنك المركزي ويعمل الآن في حقل التدريس في جامعة خافيريانا كالي في كولومبيا "لقد كان إعصارا قويا جداً، لقد داهمنا فجأة عندما كان الاقتصاد يتعرض لأزمة في الأصل".
قبل إعصار إيرما، الإعصار الأقوى الذي يضرب كوبا منذ 80 عاما، كان هنالك نقص متفرق في كل شيء بدءا من الأدوية والوقود، وصولا إلى الورق الصحي والزبدة.
بدأت الدولة الشيوعية في خفض وارداتها والعجز عن تسديد المدفوعات للموردين في العام 2015، عندما بدأت فنزويلا في خفض شحنات النفط المسلمة إلى كوبا كمدفوعات للأطباء والخدمات الطبية.
منذ ذلك الحين، تراجعت التجارة ما بين البلدين بنسبة 70 في المائة وشحنات النفط بنسبة تفوق الـ 40 في المائة. وكان يتعين على غيرهم من الدائنين التجاريين الانتظار لحين الحصول على المدفوعات.
ما زاد من سوء الوضع هو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قام في شهر حزيران (يونيو) بتغيير مسار التقارب التدريجي الذي تتبعه واشنطن منذ عامين مع هافانا بشكل جزئي. قال ممول غربي عمل لسنوات في كوبا "سيكون التصور هو أن الجدارة الائتمانية تأثرت بإعصار إيرما، وإن الحكومة الكوبية ستستفيد بلا شك من تلك التصورات للمضي قدما من خلال أي تأجيل يمكنها فرضه".
مع ذلك، قال بعض أكبر المستثمرين الأجانب في كوبا "إن تلك العمليات بالكاد تأثرت". فقالت شركة شيريت الدولية، شركة تعدين كندية، "إن مشاريع النيكل والطاقة تعرضت لضرر ضئيل".
أما شركة بيرنو- ريكار، الشركة الفرنسية التي تنتج مشروب الروم لهافانا من خلال مشروع مشترك للدولة، فقد قالت نفس الشيء.
يحتمل أن هنالك ضررا أكبر يتعرض له قطاع السياحة، الذي حظي بزيادة نسبتها 23 في المائة في عدد الزوار الأجانب خلال النصف الأول من هذا العام، الذي كان بشيرا بمستقبل جيد لبقية قطاعات الاقتصاد.
قالت شركة آكور، التي تدير منتجعا سياحيا شمالي كايو كوكو، "إنها ستكون قادرة على إعادة بناء المرافق الضرورية الخاصة بموسمها السياحي في فصل الشتاء".
قال إيريك باير، ممثل عن شركة آكور "أضمن أنها ستفتح أبوابها قبل عيد الميلاد". وقالت شركة كروز لاينز النرويجية، التي تعمل على تشغيل السفن السياحية ما بين ميامي وهافانا، "إنه كان قد تم منذ الآن استئناف تقديم خدماتها".
الحياة التي كانت صعبة ومحبطة في الأصل بالنسبة إلى كثير من سكان الجزيرة ستصبح الآن أكثر سوءا، بحسب ما يقول المختصين، وهم يسخرون من الوعود التي يقدمها الحزب الشيوعي المتمثلة في بناء "اشتراكية أكثر ازدهارا وأكثر استدامة". قال كاسترو هذا الأسبوع بعد ضربة إعصار إيرما "المهمة التي علينا إنجازها الآن هائلة، لكن مع وجود شعب مثلنا، سنفوز في هذه المعركة الأهم وهي: الانتعاش".
عقب الركود الذي ساد في عام 2016، توقعت الحكومة حصول نمو اقتصادي نسبته 1 في المائة هذا العام، لكن هذا أمر غير محتمل نظرا للتعرض لإعصار إيرما، وبسبب التباطؤ في تحرير الإصلاحات الاقتصادية لأن كاسترو، البالغ من العمر 86 عاما، يستعد للتنحي عن منصبه الرئاسي في شباط (فبراير) المقبل، والتنازل عنه لأول رئيس من غير عائلته بعد فترة تناهز 60 عاما.
قال المختص الاقتصادي الكوبي أومار إيفيرليني "سيكون لإعصار إيرما أثر كبير في الاقتصاد هذا العام، وهذا يمكن أن يجعل النمو الذي تأمل الحكومة تحقيقه أمرا صعبا".
وأضاف إيفيرليني، الذي طرد من عمله العام الماضي من جامعة هافانا بسبب دعوته للإصلاح بشكل حثيث جدا، "إنه ينبغي للدولة أن تخفف العبء المفروض على كاهل المزارعين، وفتح القطاع الخاص بشكل أكبر والبدء في تشغيل مشاريع استثمار أجنبي متوقفة منذ زمن طويل".
لا توفر كوبا معلومات دقيقة حول مواردها المالية، لكنها قالت "إنها دفعت نحو خمسة مليارات دولار العام الماضي للدائنين، بمن فيهم الموردون التجاريون".
مع ذلك، يقدر المصرفيون والدائنون الغربيون أن الحكومة قد تخلفت بمبلغ يزيد على مليار دولار، ويقولون "إن كوبا تسعى لفترات دفع تدوم لعامين أو أكثر".
قال فيدال "تضاعفت درجة تعقيد حل الأزمة المالية. سيرى الشعب كيف سينخفض مستوى الاستهلاك لديهم بشكل أكبر".
اندفعت عين العاصفة إيرما بسرعة مدمرة خلال المنتجعات السياحية على طول المناطق المرجانية الشمالية والوسطى، حيث دمرت ربع فنادق كوبا من فئة أربعة نجوم وخمسة نجوم، إلى جانب البنية التحتية المساندة لتلك الفنادق. معظم الفنادق في المناطق الساحلية المرجانية مملوكة من قبل شرطة جافيوتا السياحية، التابعة للجيش، لكنها تدار من قبل شركات دولية من شاكلة أكور، وسول ميديا، وبلو دياموند، وإيبروستار.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES