default Author

قوة تأثير وسائل إعلام أصحاب المصالح «1 من 2»

|

لم تعد وسائل الإعلام الرئيسة تفرض الأجندة العامة، فقد أصبحت للمعنيين وسائل إعلام خاصة بهم وبدأ صوتهم يعلو فوق الجميع.
تمكنت توجهات عديدة خلال العقد الماضي من إنهاك وسائل الإعلام الرئيسة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وأعدت مساحة لمنافس غير متوقع. أدى تركز ملكية وسائل الإعلام لدى عدد قليل من المالكين إلى تغذية صعود شبكات إعلامية متحيزة سياسيا، وكان ادعاؤها التوازن والموضوعية قد أدى إلى إقناع غالبية الجمهور بأنه لم تعد هناك وسائل إعلام تتمتع بمصداقية كاملة. في الوقت ذاته، أدى تقليص عدد الموظفين إلى إنقاص الموارد البشرية في القطاع الإعلامي لتتولد فجوة في المحتوى تصدت لها وكالات العلاقات العامة. أشاح الجمهور ببصره باتجاه آخر، فقد مكنت اتصالات الإنترنت السريعة ووسائط الشبكات الاجتماعية مستهلكي الأخبار من متابعة أصحاب التأثير الذين يتماشون مع قيمهم ومشاهدة المحتوى الأنسب لهم. وكان معظم ذلك المحتوى ونفوذ الأفكار والآراء المصاحبة ملكا لوسائل "إعلام أصحاب المصالح".
تشمل وسائل إعلام أصحاب المصالح كلا من القنوات والأنساق التي تتحكم فيها جماعات ذات اهتمامات ومنتديات الجمهور ومواقع النشطاء وكثير غيرها. وقد تتضمن هذه صفحات "فيسبوك" أو تغريدات على "تويتر"، لكن الأمر يتجاوز مجرد السعي وراء الإعجاب. فهذه الوسائط وجدت بهدف الاطلاع والدفاع والتوعية بأهداف مجموعات محددة ولممارسة النفوذ على مؤسسات وخاصة الحكومات والشركات. تظهر بحوثنا الجديدة في صحيفة "كاليفورنيا منجمنت ريفيو"، و"جورنال أوف بزنس إيثيكس"، كيف تحقق وسائل الإعلام هذه تلك الأهداف؟
يظهر في تلك البحوث أن وسائل الإعلام التي تتحكم فيها المنظمات غير الحكومية مثل "جرين بيس"، وأصحاب المصالح المسؤولون ومنتديات المستخدمين وموظفو الشركات ومواقع الرقابة الأهلية، يمكن أن تعزز التحالفات التي تدعم أو تشل استراتيجيات الإدارة سواء كانت وسائل الإعلام الرئيسة تولي اهتمامها بتلك القضايا أم تتجاهلها.
أساس عملنا في تلك الأوراق هو ديناميكية النظام، وهي أداة تدرس كيف تجتمع قوى مختلفة بطرق غير متوقعة مع الوقت لتؤثر في ناتج استراتيجيات الإدارة.
وفي ورقة بحث جديدة قمنا بنشرها نتابع فيها احتجاجات نشطاء البيئة ضد عمليات الحفر القطبية، حيث أسس النشطاء تحالفات فعلية مع العمال في شركة بي بي. وكانت النتيجة أشبه بفخ هائل أحكم قبضته التدريجية على شركة بي بي حتى قبل وقوع سلسلة من الحوادث الكارثية التي دمرت سمعة الشركة. وفي ورقة بحث أخرى، قمنا بمقارنة ثلاث حالات لأزمات المؤسسات التي استخرجت من دراساتنا على مدى العقد الماضي، ووجدنا أنهم يشاركون في نظام مشترك من تفاعل أصحاب المصالح. قمنا بعمل نموذج عمل لذلك النظام، وهي خطوة أولى لتوقع استفحال أزمات محددة وكيف يمكن أن تدار بشكل أفضل.
هناك مفارقة في عملنا لأننا نتحدث عن ظاهرة ونحللها رغم أنها كانت ظاهرة للعيان. وقد بدأت الإنترنت بين أيدي باحثين بتمويل حكومي في جامعات، وساعد على نموها توليد وتوسيع مجتمعات أصحاب المصالح منذ عام 1992، عندما ظهرت منتديات للصحافيين، باسم جي فورم على موقع كمبيو سيرف لتمكن الإنترنت القناة لمجتمعات أصحاب المصالح من ممارسة نفوذها من خلال الإعلام في الولايات المتحدة، في السبعينيات بصورة موازية لتطور البريد المباشر الذي أصبح وقتها وسيلة ترويج سياسية للمحافظين. يزخر تاريخ الإعلام بلاعبين بنوا قنواتهم الخاصة لتوصيل رسالتهم متجاوزين بذلك القوى المهيمنة في عصرهم.

إنشرها