default Author

المصارف .. والمخاطر المالية المحتملة «2 من 2»

|

على سبيل المثال، يمكن للمصارف العمل مع عملائها على الحيلولة دون توقفهم عن السداد من خلال خفض مدفوعات السداد أو تأجيلها مؤقتا. وحتى إذا توقف المقترض عن السداد، يكون لدى المصرف وقت كاف للعمل مع العميل على إعادة هيكلة القرض بغرض الحد من الخسائر قدر الإمكان. أما المخاطر متسارعة النمو، فتتطور سريعا وتتسبب في أضرار على مدى فترات قصيرة للغاية. ولا تعطي عادة أي إنذارات موثوقة، ولذلك يكون من الصعب للغاية التنبؤ بالوقت الذي تتحول فيه المخاطر متسارعة النمو إلى أحداث مسببة للخسائر. وأهم مثال على المخاطر متسارعة النمو هو مخاطر السوق ــــ أي الخسائر المحتملة التي قد تنتج عن التغيرات في الأسعار السوقية للأصول. ففي هذه الأيام التي تشهد أسواقا تعمل لمدة 24 ساعة يوميا وعمليات متاجرة يتم تنفيذها باستخدام أجهزة الكمبيوتر وشبكات اتصالات إلكترونية، يمكن أن تتغير الأسعار السوقية تغيرا حادا خلال دقائق أو ثوان. فعلى سبيل المثال، شهدت أسواق الأسهم والسندات حول العالم انخفاضات مفاجئة خلال السنوات الأخيرة، حيث تراجعت الأسعار السوقية خلال دقائق بأضعاف التغيرات السعرية اليومية المعتادة. ونظرا لأن المخاطر متسارعة النمو لا يمكن التنبؤ بها، فإنها تفرض تحديات خاصة على المديرين الماليين الذين يحاولون التربح من الاستثمارات المنكشفة لهذه المخاطر. فإذا قدر المديرون المخاطر متسارعة النمو بأقل من حجمها الحقيقي ــــ وتسببت هذه المخاطر في خسائر أكبر كثيرا من المتوقع ــــ قد ينخفض رأسمال الشركة انخفاضا كبيرا على الفور. وفي حالة المخاطر متسارعة النمو، لا يمكن عادة التخفيف من حدة أضرار الخسائر وقت (أو عقب) وقوعها. وبالتالي، تجب إدارة المخاطر متباطئة النمو والمخاطر متسارعة النمو بطريقة مختلفة. كذلك قد تتعين هيكلة وتنظيم الشركات التي تتحمل هذه المخاطر بشكل مختلف. ولهذا السبب، فإن الجمع بين هذه الأنواع المختلفة للغاية من المخاطر في المؤسسة نفسها قد يكون خطيرا ـــ لأن هذين النوعين من المخاطر لا يتوافقان مع بعضهما بعضا بالضرورة. فعلى سبيل المثال، قد يوجد مصرف كبير (أو شركة قابضة مصرفية) يقبل الودائع ويقدم القروض، ولكنه يتضمن أيضا شعبة تستثمر في الأوراق المالية الحكومية. وتتحمل شعبة الأنشطة المصرفية مخاطر الائتمان متباطئة النمو الناتجة عن الإقراض، بينما تتحمل شعبة الاستثمار المخاطر السوقية متسارعة النمو الناتجة عن الاستثمار والمتاجرة. وتقدم شعبة الأنشطة المصرفية عددا محدودا نسبيا من القروض الجديدة في اليوم الواحد، بينما يتغير باستمرار حجم الحافظة لدى شعبة الاستثمار نتيجة شراء وبيع الأوراق المالية الحكومية والصيرفة والمتاجرة. تتطور مخاطر شعبة الأنشطة المصرفية ببطء نظرا لأن التغير اليومي في حجم الانكشاف الكلي لمخاطر الائتمان محدود، كما أن مخاطر الائتمان من المخاطر المالية متباطئة النمو. بينما قد تتطور مخاطر شعبة الأنشطة الاستثمارية تطورا حادا من يوم إلى آخر أو حتى من دقيقة إلى أخرى. والمخاطر السوقية ليست من المخاطر متسارعة النمو فحسب ـــ فقد تنهار السوق في أي لحظة ـــ ولكن قيام شعبة الاستثمار بالمتاجرة بشكل مستمر يمكن أن يؤدي إلى تغيرات سريعة في حجم انكشاف شعبة الاستثمار للمخاطر السوقية. وفي الواقع، نظرا لأن مديري الاستثمار يمكنهم تعديل حجم انكشاف المصرف حسب المخاطر متسارعة النمو بصورة لحظية، فإنهم قادرون على تحديد المخاطر الكلية التي يتحملها المصرف بدقة. ويوجد جانبان لهذا المزيج، فمن ناحية، يمكن لشعبة الأنشطة المصرفية والمؤسسة ككل الاستفادة منه ـــ تسهم الأرباح المتوقعة لشعبة الاستثمار في تنويع إيرادات المؤسسة ككل، ومن ناحية أخرى يمكن احتجاز جزء من أرباح شعبة الاستثمار لزيادة الاحتياطيات الرأسمالية الكلية للمصرف ــــ التي تساعد على الأمان أولا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها