Author

نظام الجامعات الجديد .. والمناقشة المفتوحة

|

إن طرح نظام الجامعات الجديد أمام المجتمع للاطلاع والمناقشة من أجل استقطاب مرئيات أصحاب الشأن يعد مبادرة رائعة وغير مسبوقة، تسجل للوزارة وللوزير، ولا شك أن هذا سيضيف كثيرا ويتيح المجال للإسهام في تطويره وحسن استقباله وتبني العمل به. ويحمل هذا النظام تغييرات جذرية للنظام الحالي، ويمنح كثيرا من المرونة والاستقلالية للجامعات، وهذا ما كنا نطالب به – معشر الأكاديميين - منذ سنوات. وتحقيقا لرغبة الوزارة، يسرني أن أطرح بعض الملاحظات التي لا تُقلل من شأن هذه الوثيقة ولا تنكر التغييرات الكبيرة والتطويرات الرائعة التي ستنعكس – بإذن الله – على تقدم جامعاتنا من خلال إيجاد بيئة محفزة للإبداع العلمي (البحثي) والتعليمي والإداري، ومن أبرز الملاحظات ما يلي:
1) من إيجابيات النظام الجديد تصنيف الجامعات إلى (بحثية، وتعليمية، وتطبيقية) بحيث تركز الجامعات البحثية على البحث العلمي والدراسات العليا، وتركز الجامعات التعليمية على التعليم في مرحلتي البكالوريوس والماجستير، في حين تركز الجامعات التطبيقية على التعليم التطبيقي في مرحلتي الدبلوم والبكالوريوس. هذا التوجه سيوفر الجهود ويحفظ الموارد، بدلا من السباق المحموم بين الجامعات لتكون – في النهاية - نسخة من بعضها!
2) حمل النظام بشائر كثيرة مثيرة للبهجة، خاصة فيما يتعلق بـ"استقلالية" الجامعات في كثير من الشؤون، ومنح الصلاحية بإنشاء شركات لاستثمار ممتلكاتها بحرية، وذلك وفق ما ورد في المادة الرابعة بالنص "تتمتع كل جامعة بشخصية معنوية مستقلة ذات ذمة مالية تعطيها حق التملك، والتصرف والاستثمار، والتقاضي، ويكفل لها هذا النظام الاستقلال التام علميا، وماليا، وإداريا".
3) اشتمل النظام على مرونة رائعة عند التعامل مع البحث العلمي وشؤونه من خلال إضافة مسمى وظيفة "مساعد باحث"، وكذلك منح الجامعة صلاحية "إقرار القواعد المنظمة لتشجيع البحث العلمي والابتكار والتأليف والترجمة والنشر، إضافة إلى منحها صلاحية "تفريغ أعضاء هيئة التدريس للبحث العلمي أو التدريس بشكل دائم أو مؤقت". ومن المؤكد أن هذه التغييرات ستنعكس – إيجابا – على الحراك البحثي في الجامعات.
4) بخصوص مجلس الجامعة، أعتقد أن العدد كبير جدا، وينبغي ألا يشتمل على جميع عمداء الكليات، بل يُكتفى بخمسة منهم، ويمكن أن يحضر المجلس عمداء من خارج المجلس عند دعوتهم من قبل رئيس المجلس.
5) أعتقد أن آلية اختيار عمداء الكليات يحتاج إلى إعادة نظر، فمن المفترض أن يتم انتخاب عميد الكلية من قبل أعضاء هيئة التدريس، بدلا من الترشيح من قبل لجنة اختيار العمداء والتكليف من قبل مدير الجامعة.
6) ورد نص حول "اقتراح سلالم رواتب مشتركة للجامعات تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء"، وأخشى أن يكون في ذلك تضييق على الجامعات عند رغبتها في استقطاب أعضاء هيئة تدريس مميزين من داخل المملكة وخارجها.
7) كنت أتمنى أن يعتمد تخصيص ميزانيات الجامعات أو الدعم الحكومي بناء على مؤشرات النشاط البحثي والأداء التعليمي وفق معايير ومؤشرات معروفة ومعلنة.
8) بخصوص المادة (52) الخاصة بإنشاء مجلس استشاري لأعضاء هيئة التدريس برئاسة مدير الجامعة، أقترح أن ينتخب رئيس المجلس من بين أعضاء هيئة التدريس.
9) يُفهم من خلال النظام أن الدراسة قد تكون برسوم، خاصة الدراسات العليا، لكن هل الجامعة مخولة لإقرار ما تراه مناسبا؟ وفي كل الأحوال ينبغي وضع قواعد منظمة للرسوم لكي لا يساء استخدمها، مع ضرورة وضع حوافز تشجيعية لأبناء كل منطقة إدارية تقع فيها الجامعة، وذلك من أجل تشجيع الطلاب للالتحاق بالجامعة التي تقع في مناطق إقامتهم الدائمة.
10) أغفل النظام الموافقة على حضور المؤتمرات، إذ من المفترض أن تكون من ضمن صلاحيات مجلس الجامعة أو المجلس العلمي أو مدير الجامعة، كما أنه أشار إلى التعاقد مع غير السعوديين، ولكنه أغفل كيفية استقطاب وتوظيف أعضاء هيئة التدريس عموما، وقلص من الاستعانة بالمتخصصين السعوديين ووصفهم "زائرين" لفترة محددة فقط! وأخيرا أقترح أن يكون عدد أعضاء مجلس الأمناء فرديا وليس زوجيا! ولا أعتقد أن تكفي سنة انتقالية واحدة لتطبيق النظام كما تنص المادة 66!
في الختام، لا يتسع الحيز المخصص للمقال لمزيد، فأكتفي بالدعاء للجميع بالتوفيق في النهوض بجامعاتنا لخدمة وطننا، خصوصا والإنسانية عموما.

إنشرها