FINANCIAL TIMES

«أبل» تختبر ولاء عملائها بـ «آيفون» سعره 1000 دولار

«أبل» تختبر ولاء عملائها بـ «آيفون» سعره 1000 دولار

تختبر "أبل" ولاء زبائنها وحماسهم، وقوتهم الشرائية، عندما تكشف اليوم عن أول جهاز آيفون تصل تكلفته إلى 1000 دولار.
الجهاز الذي يتم طرحه بمناسبة الذكرى العاشرة لصدور أول آيفون، يُقدّم تحديثات كبيرة في الشاشة، والكاميرا، والتصميم العام، وسيُطلَق في المقر الرئيس الجديد لشركة أبل في كوبرتيو، كاليفورنيا.
الموديل الراقي هو إضافة لما يتوقع أن يكون تحديثات أكثر تقدمية لجهازي "آيفون 7" و"7 بلاس" اللذين صدرا العام الماضي.
ويعتقد محللون أن الإطلاق سيُساعد "أبل" على التغلّب على مشكلة نموها خلال الآونة الأخيرة. ففي أسواق مثل أمريكا وأوروبا، حيث مُلكية الهاتف الذكي قريبة إلى الإشباع وكثير من الزبائن يتمسّكون بالأجهزة لفترة أطول، أفضل طريقة لدفع نمو الإيرادات أسرع تكون من خلال استيفاء أسعار أكثر لكل جهاز، بدلاً من الاعتماد على نمو عدد الأجهزة.
وتجلب "أبل" مكونات جديدة مُكلفة تشمل شاشات OLED التي تُمكّن المجموعة من تحويل الجزء الأمامي من الهاتف إلى شاشة واحدة مستمرة، وكاميرات ذات استشعار عميق تُقدّم ميزات "الواقع المُعزز" الجديدة التي تسمح بفتح الجهاز من خلال التعرف على الوجه، بدلاً من البصمة.
موديل واحد على الأقل من جهاز الآيفون التالي من المتوقع أن يتمتع بميزة تكنولوجيا التقاط الصور التي تستطيع استشعار العُمق وتعقّب الوجوه والتعابير. ويتضمن أيضا مجموعة من الرموز التعبيرية الجديدة، بما في ذلك القردة والروبوتات، التي تعكس تعابيرها المتحركة صورة عن وجه مستخدم جهاز الآيفون.
لكن المكونات المتقدمة ليست موجودة بكثرة، ويُمكن أن تترك كثيرا من الزبائن ينتظرون طويلاً بعد أيلول (سبتمبر) للحصول على الجهاز الجديد. وهذا يُمثّل فرصة للمنافسين مثل سامسونج مع جهازها "نوت 8"، أو "إيسنشيال"، شركة صناعة الهواتف الذكية بقيادة المؤسس المُشارك لنظام الأندرويد، أندي روبن، التي تستهدف الزبائن المميزين مع جهازها الأنيق الذي تبلغ قيمته 699 دولارا.
ويُقال أيضاً إن "جوجل" تستعد لتحديث هاتفها الذكي "بيكسل"، الذي أثبت شعبيته مع أوائل المستخدمين.
مع هذه المنافسة في السوق الراقية ستعتمد "أبل" على ولاء زبائنها لعائلتها المترابطة من المنتجات والخدمات. لكن حتى تُحافظ الشركة على هوامش أرباحها الرائدة في الصناعة، يقول محللون إن تكاليف المكونات الأعلى تُشير إلى النسخة الخاصة من جهاز الآيفون الذي لا تقل تكلفته عن 1000 دولار - ربما يكون السعر أكثر من ذلك بالنسبة لموديلات ذات سعة تخزين أعلى.
دراسة أجرتها "كرييتف ستراتيجيز" و"سيرفاي مونكي" وجدت أن 21 في المائة من الناس الذين يخططون لشراء جهاز الآيفون الجديد سيفعلون ذلك مهما كانت تكلفته، على الرغم من أن 33 في المائة من مستخدمي جهاز الآيفون قالوا إنهم لن يقوموا بالتحديث إذا كان مُكلفاً فوق الحد.
تقسيم السوق بهذه الطريقة هو أمر شائع في الأسواق الناضجة التي تراوح من التلفزيونات إلى السيارات، فضلاً عن تشكيلة منتجات أبل الحالية.
أجهزة الكمبيوتر المكتبية من "أبل" تراوح من 500 دولار لجهاز ماك ميني إلى أربعة آلاف لجهاز ماك برو. ساعة أبل، عندما أصدرت، كانت تشتمل على موديل بنسخة ذهبية بتكلفة تصل إلى عشرة آلاف دولار. يقول جيف بلابر، من شركة سي سي إس إنسايت: "أصبحت "أبل" سيدة تصنيف المحفظة إلى مستويات سعرية مختلفة جداً".
ويُضيف محلل: "نميل إلى النظر إلى الرقم (1000 دولار) الذي يتصدر العناوين الرئيسة ونعتقد أن هذه منطقة جديدة بالنسبة لـ "أبل"، لكنها في الواقع تمتلك محفظة أوسع بكثير مما يُدركه كثير من الناس".
مع ذلك، يُمكن أن توجد تصوّراً بأن "أبل" تنهب أموال زبائنها المعروفين بالولاء والثراء. يقول بلابر: "سيكون هناك الكثير من سوء الفهم بأن هذا يعني أن "أبل" ستعمل على استخلاص أكبر قدر ممكن من المال من زبائنها".
ويتوقع محللو "سيتي ريسيرتش" أن تكون "فاتورة المواد" وتكاليف التجميع لموديل الإصدار الخاص 100 دولار أعلى مما هي لجهاز "آيفون 7" الذي يكلف 387 دولارا. نصف التكلفة الإضافية المذكورة هي بسبب شاشات OLED، المتوافرة بكميات محدودة من شركة التوريد "سامسونج إلكترونيك".
واين لام، من مجموعة الأبحاث "آي إتش إس"، يتوقع أن تضطر "أبل" إلى تسعير الجهاز بنحو 1000 دولار للحفاظ على هامش الربح الإجمالي عند 46 في المائة. يقول: "ليس سراً أن "أبل" تملك هوامش الربح الأعلى في التاريخ. هذا العام سيختبر مرونة السعر لدى المستهلكين المنتظمين".
يقول المحللون إن بعض الزبائن على استعداد للدفع أكثر مقابل هواتفهم الذكية لأن الجهاز أصبح أمرا محوريا في حياتهم. شركات أخرى لصناعة الهواتف الذكية تستفيد من ذلك: جهاز "جلاكسي نوت 8" من سامسونج، الذي سيُصدر الأسبوع المُقبل، يُكلف 960 دولارا. الدفعات الشهرية من خلال عقود مُشغّلي الهواتف الخليوية، أو الخدمات المُجمّعة مثل بث الموسيقى يُمكن أن تُخفف الضربة.
حتى هاتف بسعر 1000 دولار يُكلّف أقل من إنفاق كثير من زبائن ستارباكس السنوي على القهوة باللاتيه. لكنه أكثر مما يُنفقه معظم الناس على أجهزة الكمبيوتر هذه الأيام. يقول لام: "بالنظر إلى أن الهواتف لا تدوم بالضرورة أكثر من عامين، فإنه استثمار كبير. يجب أن يكون هناك حساب اقتصادي مع تكاليف الأجهزة المتزايدة".
الحماسة في انتظار جهاز الآيفون الجديد الأحدث مرتفعة وسعر أسهم الشركة ارتفع بنسبة 40 في المائة هذا العام. ما يشتمل عليه ذلك هو توقع أنه بعد المزايا العادية لجهاز الآيفون 7 العام الماضي، سوف يصطف مالكو أجهزة الآيفون الحاليون بأعداد كبيرة من أجل التحديث. كان يبدو بديهياً فيما مضى أن المستخدمين سوف يرغبون في شراء جهاز جديد كل عامين، بدعم من الوصلات الأسرع (رقائق الجيل الثالث في عام 2008 والجيل الرابع في عام 2013)، التصاميم الجديدة (جهاز الآيفون 4 المميز) والتحسينات المستمرة في الكاميرات والشاشات ومزايا أخرى. اشتراكات الهواتف الخليوية، حيث كانت تكلفة الجهاز تُدرج ضمن الرسوم الشهرية وغالباً ما كان بإمكان المستخدمين الحصول على هاتف “مجاني” كل عامين، يضمن أيضاً الطلب على الاستبدال.
كان هناك على الأقل بعض العلامات المُشجّعة لإطلاق هذا العام. الدراسات عن نوايا المشترين تُظهر اهتماماً كبيراً بالجهاز الجديد. ولا تزال أبل تُضيف مستخدمين جُدد بشكل ثابت: ارتفعت قاعدة تثبيتها أكثر من 10 في المائة في الربع الأخير. كما ترتفع الآمال أيضاً بعودة في الصين بعد تراجع مفاجئ هناك. كما تتحوّل أبل أيضاً إلى زيادة تجزئة المنتجات، من أجل إثارة الطلب وتعظيم إيراداتها على حد سواء.
كان واضحاً لفترة من الوقت ما تحتاج أبل إلى القيام به: العثور على المزيد من الطرق لكسب المال من الزبائن الحاليين. وهي جمعت قاعدة مستخدمين عالميين أثرياء مُثيرة للحسد، بفضل العلامة التجارية القوية والنظام البيئي القوي للالتزام الذي يجعل من الصعب على الزبائن التبديل بدون تعطيل التطبيقات والخدمات التي أصبحوا يعتمدون عليها. الآن هم بحاجة إلى فتح محافظهم في أحيان كثيرة. الوعد بمضاعفة إيرادات الخدمات في الأعوام الأربعة المُقبلة هو علامة واحدة على المكان الذي يكمُن فيه التركيز الجديد.
في واحد من أبرز أصوات الثقة بقوة امتياز أبل، وارن بافيت، الذي حبه للشركات ذات العلامات التجارية الاستهلاكية القوية معروف بقدر كراهيته لأسهم التكنولوجيا، ضاعف حصته في الشركة إلى نحو 2.5 في المائة في بداية هذا العام.
ثم أعلن أن الأسهم ذات قيمة كاملة، وبعدها ارتفعت بنسبة 25 في المائة أخرى. الطلب على أحدث أجهزتها قد ينتهي بتسديد تكاليف تلك الثقة. لكن حتى يحتفظ سعر السهم بمستواه خلال فترات الصعود والهبوط في دورات المنتجات المستقبلية، تحتاج أبل إلى القيام بالمزيد لتحويل أعمالها في مجال جهاز الآيفون إلى دخل سنوي قابل للتنبؤ.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES