Author

دول «البريكس» والمملكة

|
مستشار اقتصادي
عقد الاجتماع السنوي لمنظمه دول "البريكس"- BRICS، التي ترمز لأول حرف لكل من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، الأسبوع الماضي في الصين. تأسست هذه المنظومة لتمثل الدول النامية الصاعدة مقابل التنظيمات الدولية التي تقودها الدول المتطورة التي يقودها الغرب. هذه المنظومة أسهمت بنصف النمو الاقتصادي العالمي في عام 2016، وتشكل أكثر من نصف سكان العالم، وتبلغ حصة هذه الدول 12 في المائة من الاستثمارات الخارجية في العالم. الرقم الأخير يغلب عليه دور حصة الصين. علاقة المملكة التجارية "الاقتصادية" مع هذه المنظومة أكبر من علاقة المملكة مع الدول الغربية وربما أكثر ديمومة، فالصين أكبر مستورد للنفط في العالم (حصة المملكة في النصف الأول 2017 بلغت 12.47 في المائة من وارداتها، بعد روسيا وأنجولا وبنسب قريبة) وأغلب صادرات المملكة من البتروكيماويات تذهب لدول شرق آسيا وخاصة دول البريكس. علاقة المملكة مع بعض دول المنظمة وخاصة الصين مهمة وفي تطور كما شهدت الاجتماعات الأخيرة بين المملكة والصين. هناك حالة خاصة تشجع المملكة على تطوير العلاقة مع المنظومة بل البحث في تأطيرها رسميا. هناك ظرف دولي متغير لعل أحد عناوينه الاقتصادية دعوة الدول الغربية لسياسات حمائية، بينما نجد منظمة البريكس والصين تدعوان لانفتاح تجاري أكثر تحررا، كما أن السياسات البيئية في دول المنظمة أقرب للمصالح النفطية، حيث أن المملكة تشارك هذه الدول في منظمة دول العشرين. كما أن الصين تركز على الاستثمارات في إفريقيا بينما تنادي "الرؤية" الاقتصادية للمملكة لتعظيم الموقع الاستراتيجي للمملكة التي منها القارة الجارة ـــ إفريقيا، فهناك تكامل مع الصين ويأتي مكملا لمشروع جسر الملك سلمان مع مصر. أسست المنظمة البنك الاستثماري الآسيوي للتنمية لتمويل البنية التحتية الذي أسهمت المملكة فيه بـ 2.7363 في المائة (يمكن للمملكة أن تزيد الحصة للحصول على مقعد في مجلس الإدارة يمثل دول المنطقة). أسس العلاقة قائمة ولم يبق إلا إيجاد الإطار المناسب إما بصفة مراقب أو عضوية في مرحلة مقبلة. هناك مؤشرات من الصين ترحب خصوصا باستهداف الدول النامية من دول مجموعة العشرين. هناك تغير في الظرف الدولي لعل أحد جوانبه البعيدة المدى أن مركز الثقل الاقتصادي العالمي ينتقل من الغرب إلى الشرق، سياسيا عبر عنه تردد الدول الآسيوية في قبول حرب على كوريا الشمالية مقابل استعداد الغرب لخوض حروب في منطقتنا، التعبير الأساس عن التحول اقتصادي ولكن الجوانب السياسية ليست بعيدة وهذه ليست دعوة لتغيير منظومة العلاقة مع الدول الغربية الاقتصادية أو غيرها، ولكن دعوة لتعظيم مصلحة المملكة الاستراتيجية وخاصة الاقتصادية والتكيف مع الحالة الجديدة عالميا. دول المنطقة مهمة للصين وغيرها من دول المنطقة، ولذلك قد تكون فرصة للمملكة لتعظيم التمركز الاستراتيجي والاقتصادي والمعنوي. أحد نواحي العلاقة بين القطبين أن التعليم في الدول الغربية أفضل وأسهل، ولكن التقنية أسهل للحصول عليها من دول شرق آسيا اقتصاديا وتنظيميا، فدول المنظمة تسعى للتعليم في الجامعات الغربية وخاصة الأمريكية، ولكن الحصول على التقنية من الدول الغربية مرتفع التكاليف المالية والتنظيمية. التعامل مع طرف لا يعني إلغاء الطرف الآخر ولكن ممارسة سياسة أكثر انتقائية وأكثر دقة لما يخدم مصالح المملكة مستقبليا.
إنشرها