Author

انخفاض التكاليف وتنوع مصادر الإمدادات يربكان التوقعات

|
هناك عبارة تحذير شائعة في القطاع المالي تقول إن الأداء السابق ليس ضمانا للنتائج المستقبلية. هذه المقولة صحيحة الآن بالنسبة لتوقعات الإنتاج العالمي للنفط. التوقعات هي دائما ممارسة محفوفة بالمخاطر، ولكن في السابق كانت الصناعة النفطية قادرة على حشد توافق عام في الآراء حول اتجاهات العرض والطلب، والاستثمارات وفقا لذلك. الآن، هناك مجموعة جديدة من المتغيرات تتحكم في أسواق النفط، مسببة مستويات متباينة من عدم اليقين تتحدى الخبرات السابقة. وهذا الواقع الجديد يكمن وراء المجموعة الواسعة من وجهات النظر حول ما إذا كانت أسواق النفط تتجه إلى نقص كبير في المعروض، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى سيأتي؟ إن التخفيضات السريعة في التكاليف بسبب إعادة النظر الجذرية في تعقيد المشاريع، حجمها ونطاقها قد أعادا صياغة أسعار تعادل هذه المشاريع حتى لو أدت زيادة النشاط إلى عودة بعض التضخم في التكاليف. وفي الوقت نفسه، مهدت المشاريع العملاقة الطريق لعشرات المشاريع الأصغر حجما، حيث إن التركيز انتقل من المشاريع الجديدة بالكامل Greenfield إلى ربط الحقول الجديدة مع الحقول القائمة وتحسين معدلات الإنتاج. كما أدى الانتشار السريع لمشاريع النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى مزيد من التقلص في دورة التطوير السائدة في هذه الصناعة، ما يوفر للشركات مرونة جديدة في التحكم في النفقات الرأسمالية صعودا أو هبوطا بصورة أسرع بكثير مما كانت عليه في الماضي. لو نأخذ جميع هذه المتغيرات والمستجدات معا، فإن توقعات إمدادات النفط الآن أصعب بكثير مما كانت عليه في السنوات السابقة، حيث إن النماذج Models المتبعة في توقعات العرض التقليدية تعتمد بشكل كبير على مشاريع ضخمة أو حقول عملاقة توفر سنوات طويلة من الإنتاج المستمر، وتستحوذ على الجزء الأكبر من الإنفاق الرأسمالي للصناعة، لكن يتعين على المتنبئين الآن أن يتصدوا لعديد من مصادر الإمدادات الصغيرة التي - حتى لو أمكن تجميعها - قد تبدأ أو لا تبدأ بالإنتاج؛ نظرا للمرونة الجديدة الفائقة في الإنفاق التي تتمتع بها الشركات العاملة في مثل هذه المصادر. تستغرق المشاريع الكبرى فترة زمنية طويلة بين اكتشاف النفط وبدء الإنتاج قد تصل إلى عقد من الزمان، هذه الفترة ضغطت الآن بين سنة وثلاث سنوات، حيث تحتاج موارد النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى أكثر من سنة، وتوسعات الحقول الحالية قد تستغرق فترة تصل إلى ثلاث سنوات. وهذا يمثل كثيرا من العرض الذي يستجيب بسرعة لإشارات الأسعار. في نماذج العرض الجديدة، أصبحت هذه الإمدادات التي تستجيب بسرعة والطاقات الاحتياطية داخل "أوبك" ــ ولا سيما المملكة العربية السعودية ــ تمثل المنتجين المتأرجحين الجدد. باستخدام نماذج Models توقعات العرض التقليدية. يشير المحللون إلى أن العالم يحتاج إلى ما لا يقل عن أربعة ملايين برميل يوميا من الطاقات الجديدة كل عام لتعويض الطلب المتزايد على النفط والانخفاضات الطبيعية Natural Decline Rate في حقول الإنتاج القائمة. هذه التنبؤات التقليدية في العرض تستخدم اتجاهات أداء الحقول الماضية، للتنبؤ بمعدل النمو أو الانخفاض، ولكن مع زيادة الاستثمارات في توسيع الحقول المنتجة بالفعل، يتعين تعديل معدلات الانخفاض الطبيعي. هذه الثغرات أدت إلى إخفاق النماذج التقليدية عندما تعلق الأمر بتنبؤ نقص المعروض في وقت مبكر عندما انهارت أسعار النفط وانكمش الإنفاق الرأسمالي على المشاريع الجديدة. ففي هذا الجانب، توقع عديد من مراكز المعرفة الرئيسة عدم وجود فجوة أو نقص في العرض في السنوات الخمس المقبلة، ولكن للفترات الأبعد من ذلك كانت التوقعات متباينة، وتختلف النبرة العامة التي تناقش فيها حالة قطاع النفط اختلافا كبيرا. على سبيل المثال، حذرت كل من الوكالة الدولية للطاقة والسعودية من ارتفاع كبير في الأسعار نتيجة تراجع الاستثمارات، احتمال حدوث تراجع كبير في الطاقات الإنتاجية الاحتياطية "الوكالة"، نقص محتمل في المعروض "السعودية". في حين كان البعض الآخر، بما في ذلك إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، و"أوبك" نفسها، أكثر تفاؤلا: متوقعين أن سيكون هناك نفط. منذ قرار "أوبك" في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 إبقاء الإنتاج دون تغيير وترك الأسعار إلى آليات السوق، انخفضت أسعار النفط وانكمشت الاستثمارات بشكل حاد، من المحتمل جدا حدوث فجوة كبيرة في العرض. التوقعات الأولية كانت تشير إلى ظهور نقص عام 2018، سرعان ما أصبح 2019، والآن تتضاءل إلى ما بعد 2021. والبعض الآخر يعتقد أن يكون بعد 2027 ــ في الوقت الذي لا أحد لديه أي وضوح. وفي مواجهة عدم اليقين هذه، تضع شركات النفط هدفا مشتركا في الاعتبار، وهو أن تكون آخر منتج يقف إلى جانب المملكة العربية السعودية إذا ظلت أسعار النفط عند 50 دولارا أو أقل من ذلك، أو أن الطلب على النفط يبلغ ذروته عاجلا وليس آجلا. ولكن هذا التفكير يوجه الاستثمارات نحو موارد النفط منخفض التكلفة وقصير الأجل ــ نحو أنواع الموارد التي جعلت من إمدادات النفط المستقبلية من الصعب على نحو متزايد التنبؤ بها بدقة. وتأتي موارد النفط الصخري في الولايات المتحدة في مقدمة هذا الاتجاه، حيث إن المنتجين الرئيسين مثل شركة شيفرون يحولون جزءا كبيرا من نفقاتهم الرأسمالية إلى النفط الصخري. لقد خفضت شركات النفط الكبرى بصورة عامة تكاليفها بشكل كبير عبر عملياتها المختلفة، وتسعى شركات النفط الوطنية منخفضة التكاليف إلى إضافة طاقات إنتاجية جديدة في أماكن مثل العراق، الإمارات العربية المتحدة، الكويت وإيران. ويبقى السؤال قائما عما إذا كانت مزايا تطوير الموارد الأصغر حجما يمكن أن توفر إمدادات كافية بعد 2020 مثلما فعلت الحقول العملاقة ذات دورة التطوير والإنتاج الطويلة في السابق؟
إنشرها