Author

الابتكار في الشركات العائلية

|
أظهرت الدراسات أن الشركات العائلية يمكن أن تمثل نماذج ناجحة في الابتكار على الرغم من كونها شركات محافظة في أسلوب إدارتها. تتصف الشركات العائلية غالبا بافتقارها إلى العلاقات الاجتماعية والثقة بالوضع الاقتصادي. ويؤخذ عليها اعتمادها على الروابط الأسرية، وتحفظها في خطواتها المستقبلية، كما أنها لا تحبذ إضافة ديون أو تمويل خارجي خوفا من فقدان السيطرة على زمام الأمور. جميع هذه السمات من شأنها أن تحد من القدرة على الابتكار. هناك طرح مفاده أن الشركات العائلية غير مهتمة بتحقيق الأرباح على المدى القصير وتظهر توافقا أكبر بين الملكية والإدارة، وجميع هذه الخصائص من شأنها تحفيز السلوك الإبداعي. جميع هذه الصفات ترسم صورة متناقضة للشركات العائلية، ما يثير التساؤل حول قابلية نموذج أعمالها على الحد أو تعزيز قدرة الشركة على الابتكار. تدعم الدراسات التي أجريت حديثا الطرح الذي يؤيد فرضية أن الشركات العائلية تعزز من كمية ونوعية الابتكارات، ويتضح ذلك من عدد ومضمون براءات الاختراع على مستوى الشركات. في بحثنا "ذا نيو ليركس أوف ذا أولد فولكس: دور الشركات العائلية في الابتكار" ، قمنا أنا وزملائي "بو هسوان هسو" أستاذ مساعد في التمويل من جامعة هونج كونج، و"ستيرلينج هوانج" أستاذ مساعد في المحاسبة من جامعة سنغافورة للإدارة، و"هونج زانج" أستاذ مساعد في التمويل من جامعة إنسياد بدراسة عينة شاملة لمجموعة من الشركات العامة في الولايات المتحدة عن الفترة الممتدة من سنة 2000 حتى 2010، لاختبار نقاط القوة التي تقوم عليها النظريات المعارضة لربط الشركات العائلية مع الابتكار. النتيجة كانت واعدة. وجدنا أن الشركات العائلية سجلت طلبات براءة اختراع بنسبة 11 في المائة أكثر وحصلت على براءة الاختراع بنسبة 12 في المائة أكثر من غيرها. كما حصدت نسبة أعلى بـ 14 في المائة في الإبداع ونسبة 30 في المائة أعلى بالعموم (الابتكارات القائمة على البراعة)، مثبتة بذلك تميزها ليس فقط بعدد براءات الاختراع، بل أيضا بتفوقها على الشركات الأخرى من حيث جودة هذه الابتكارات. كان من المستغرب النتيجة التي توصلنا إليها عند قياس مستوى إنفاق الشركات على البحوث والتطوير في مقابل الابتكارات، حيث وجدنا أن الشركات العائلية تنفق القليل في مجال البحوث ولكن استثماراتها كانت أكثر كفاءة في هذا المجال. أي أنها أنتجت عددا أكبر لبراءات الاختراع وأفضل من حيث المحتوى. ما الأسلوب الناجح الذي تتبعه الشركات العائلية؟ بنظرة فاحصة على البيانات تم تحديد ثلاث قنوات تروج للابتكار. التركيز على القيمة الطويلة الأمد: يوفر نموذج أعمال الشركات العائلية الحماية للمديرين من الوقوع تحت الضغوط على المدى القصير، التي يسببها قصر نظر المستثمرين وتفكيرهم غير المنطقي، وذلك عن طريق تشجيعهم على متابعة التطور التكنولوجي الذي يركز على القيمة الطويلة الأمد. تقليل القيود المالية: هناك طرح آخر يفيد بميل المقرضين إلى الثقة بالشركات العائلية وذلك من شأنه تقليل القيود المالية على الشركات التي تحد من الابتكار. مع أنه نادرا ما تلجأ الشركات العائلية إلى سوق المال أو الشركاء الاستثماريين أو أية طريقة تمويل خارجي أخرى وذلك في معرض جهودها الرامية إلى إحكام سيطرتها على زمام الأمور. تطوير الإدارة: بناء على الافتراض المتعارف عليه على نطاق واسع الذي يفضي بأن مشاركة المستثمرين يعد مؤشرا لإدارة أفضل ويشجع على الابتكار، وجدنا أن الشركات العائلية تعد بديلا للمستثمرين، يستبدل آليات الإدارة الأخرى في تحفيز الابتكار من خلال خفض التكاليف وتعزيز السيطرة. يتغير الدور الذي تلعبه الشركات العائلية في مجال الابتكار مع مرور الوقت. وجدنا أن كفاءة الابتكار في الشركات التي درسناها تتحسن مع تقليل الضرائب، ما يشير إلى قدرة الشركات العائلية على التكيف مع بيئة العمل المؤسسي. تشكل الشركات العائلية جزءا كبيرا من الأنشطة التجارية، وتشكل العمود الفقري للتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم ولكن دورها في الابتكار غير واضح بما فيه الكفاية. على الرغم من أنه يمكن للشركات العائلية أن تعرقل الابتكار "حيث إن الأسلوب المحافظ والمحسوبية يؤديان بها إلى تبني سياسات غير سليمة كما يؤديان إلى ارتفاع تكلفة رأس المال بسبب عدم التنوع وتفاقم المشكلات الإدارية" بيد أنها من الممكن أن تحث على الابتكار. فمن الممكن للشركات العائلية تعويض هذه الخصائص السلبية من خلال استغلال وسائل الاقتصاد المختلفة التي تركز على القيمة الطويلة الأمد لتخفيف القيود المالية وتطوير أسلوب الإدارة، وأيضا من خلال تحقيق التوازن بين الأسلوب التقليدي والعصري لمواجهة المتغيرات.
إنشرها