Author

مخاطر الإمدادات يمكن أن تدفع أسعار النفط إلى أعلى

|

فقدت أسعار النفط زخمها أخيرا على أثر تراجع معدلات امتثال منظمة أوبك والمخاوف من استمرار العرض المفرط. لكن تشدد أسواق النفط ما زال مستمرا، وهناك بعض الدلائل على أن التوقعات الأكثر تشاؤما بشأن أسعار النفط يمكن أن تكون مبالغا فيها.
في بداية تعاملات الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط، وعزا المحللون الانخفاض إلى ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي وضعف بيانات الطلب الصيني على النفط لشهر تموز (يوليو). ولكن في الوقت الذي تتغير فيه الدوافع الآنية للأسعار من يوم إلى آخر، فإن التوقعات للأرباع القليلة المقبلة لا تزال هي نفسها: ففائض المخزون قد يستمر على حاله، حيث إن تخفيضات "أوبك" يقابلها ارتفاع الإنتاج في أماكن أخرى.
على سبيل المثال، تراجعت المشاعر المتفائلة من أرقام نمو الطلب التي نشرتها وكالة الطاقة الدولية في بداية هذا الشهر لأنها لا تتجاوز سوى المستوى الحالي من تخفيضات "أوبك". وبعبارة أخرى، لن يكون هناك أي عجز كبير في العرض في النصف الثاني من العام، لذلك من غير المرجح أن يكون هناك أي مزيد من التخفيض في المخزون. لا تغيير في المخزون؛ لا تغيير في أسعار النفط.
ولكن كثيرا من الافتراضات المتعلقة بالحالة المستمرة من العرض المفرط تستند إلى العودة السريعة لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، إضافة إلى ارتفاع الإنتاج من ليبيا ونيجيريا، وكل ذلك سيعوض تقريبا تخفيضات الإنتاج التي حققتها بقية دول "أوبك". ارتفاع عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة من المفترض أن يؤدي إلى مزيد من الإنتاج؛ ما يلقي ظلالا من الشك على جهود إعادة التوازن. ويتوقع عديد من المحللين أن يعود ميزان العرض والطلب إلى فائض أكثر وضوحا خلال عام 2018، ما يؤدي إلى عودة ارتفاع المخزون وضغوط قوية على الأسعار.
ومع ذلك، فإن مكاسب الإنتاج هذه ليست مضمونة. لنأخذ ليبيا على سبيل المثال وهي معفاة من اتفاق خفض الإنتاج، كما أنها قد قطعت شوطا طويلا لاستعادة إنتاجها المفقود. ففي الآونة الأخيرة، أضافت ليبيا أكثر من 150 ألف برميل في اليوم في شهر تموز( يوليو)، ليتجاوز إنتاجها حاجز المليون برميل في اليوم. ولكن مستوى الإنتاج هذا، ناهيك عن مزيد من المكاسب، لا يزال هشا. وفي الآونة الأخيرة، شهد أكبر حقل نفط في ليبيا، وهو الشرارة، انخفاضا في إنتاجه بنسبة الثلث بسبب الاحتجاجات في محطة التصدير في زويتينة، التي أوقفت شحنات التصدير. ما أدى إلى انخفاض إنتاج حقل الشرارة من 300 ألف برميل في اليوم إلى 200 ألف برميل في اليوم فقط. في هذا الجانب، قالت وكالة بلومبرج إنه بعد أشهر من زيادة إنتاج النفط، يبدو أن ليبيا تعاني حاليا اضطرابات في الإنتاج.
وفى الوقت نفسه، اقتحم مئات المتظاهرين منشأة نفطية مملوكة لشركة رويال داتش شل في نيجيريا الأسبوع الماضي، الأمر الذي قد يؤدي إلى قطع التصدير من ميناء بوني. لقد عانت نيجيريا اضطرابات شديدة في العام الماضي نتيجة الهجمات التي وقعت في دلتا النيجر، والسلام الهش الذي شهدته البلاد حتى الآن في عام 2017 قد ينهار في أي وقت.
لذلك، لا يمكننا أن نفترض أن ليبيا ونيجيريا ستستمران في إضافة مزيد من الإنتاج. ولكن ماذا عن الولايات المتحدة، حيث الأمور مستقرة والنفط الصخري لا يزال في تصاعد؟ هذا هو المكان الذي من المحتمل أن يشهد مفاجأة أكبر.
في الحوض البيرمي، كانت هناك بعض التقارير المثيرة للقلق في الأسابيع الأخيرة تشير إلى أن عمليات الحفر آخذة في التباطؤ وهناك مشكلات في الآبار الحالية، حيث تتصاعد معدلات تراجع الإنتاج الطبيعي. كما أن بعض الآبار تنتج نسبة أعلى من الغاز إلى النفط أكثر من المتوقع. وقد أثارت أرقام شركة بايونير ناتشورال ريسورسز من الربع الثاني المخيبة للآمال، بعض القلق من أن الحوض البرمي قد لا يصل إلى مستوى الإنتاج المتوقع. يبقى أن نرى ما إذا كانت معاناة شركة بايونير تدل على اتجاه أوسع في المنطقة. من جهة أخرى، محللون مثل وود ماكنزي يقللون من شأن المخاوف في الحوض البيرمي - ففي تقرير جديد، ترى وود ماكنزي أن إنتاج الحوض البيرمي سينمو بمقدار 300 ألف برميل في اليوم آخر بحلول نهاية العام.
ولكن الحقيقة هي أن معظم المحللين يتوقعون نموا قويا جدا في الإنتاج من الولايات المتحدة – حيث ترى إدارة معلومات الطاقة أن إنتاج النفط الأمريكي سيرتفع من من 9.3 مليون برميل يوميا في عام 2017 إلى أعلى مستوى له على الإطلاق وهو 9.9 مليون برميل يوميا في العام المقبل. هذه المكاسب داخلة في توقعات الجميع، بما في ذلك توقعات منظمة أوبك. ومن الممكن تماما أن تبدأ الزيادة في إنتاج النفط الصخري في التراجع، الأمر الذي من شأنه أن يقلب افتراضات الإنتاج لبقية هذا العام حتى عام 2018.
ثم هناك فنزويلا، لا أحد يعرف ما يحمله المستقبل القريب لها، ولكن اتجاه إنتاج النفط في البلاد سلبي بشكل واضح. والسؤال الوحيد هو عن مدى سرعة تراجع الإنتاج. والإعلانات الأخيرة الصادرة عن شركات النفط العالمية بسحب موظفيها من فنزويلا علامة سيئة، غير أنه من غير الواضح ما يعنيه هذا بالنسبة لإنتاج النفط.
باختصار، في الوقت الحاضر لا توجد مخاطر من نقص إمدادات النفط في الأسواق. ولكن إذا بدأت المكاسب في ليبيا ونيجيريا في الانعكاس، فإن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة لا يحقق النمو المتوقع، وفنزويلا تفقد الإنتاج بمعدلات متزايدة، حينها فقط يمكن أن تبدو أسواق النفط أكثر تشددا حتى نهاية هذا العام مما يفترض الجميع.

إنشرها