FINANCIAL TIMES

شركات الأدوية المقلدة بحاجة إلى مسكِّن لصداع الأسعار

شركات الأدوية المقلدة بحاجة إلى مسكِّن لصداع الأسعار

إذا كانت أي شركة تكسب المال من تقليد ابتكارات الآخرين، فهل يحق لها الحصول على حصة كبيرة من الأرباح؟
هذا هو السؤال الذي يُردده المستثمرون في شركات صناعة الأدوية البديلة، بعد ربع ثان صعب أدى إلى محو مليارات الدولارات من القيمة السوقية لأكبر شركتين، "تيفا" و"ميلان".
يقول جيمي روبن، المحلل في "جولدمان ساكس": "هذه صناعة حافظت على ما يُقارب 30 في المائة من هوامش الأرباح التشغيلية على مدى فترة طويلة، مع تحسينات سنة بعد سنة. نحن ندخل فترة حيث نشهد هوامش الربح تتدهور". ويضيف: "إلى أي مدى يُمكن أن تنخفض هوامش الربح؟ وهل يُمكنها العودة إلى ما كانت عليه من قبل؟".
ستنخفض لتصبح أدنى من قبل. وبالنسبة للعودة، فلن يحدث ذلك خلال أي وقت قريب. تلك هي الإجابات المُتفق عليها بين المستثمرين الذين تخلّوا عن أسهم تيفا وميلان في الأسابيع الأخيرة، بعد أن فشلت الشركتان في تحقيق توقعات وول ستريت للأرباح والمبيعات وخفضتا التوقعات.
انخفضت القيمة السوقية المجتمعة لكلتا الشركتين بما يقارب 19 مليار دولار منذ بداية هذا الشهر.
كذلك انخفضت يوم الجمعة أسهم شركة الحكمة للأدوية المُدرجة في لندن إلى أدنى مستوياتها منذ شباط (فبراير) 2014، بعد أن خفّضت توجيهاتها لمبيعات الأدوية الشاملة لعام 2017 وحذّرت بشأن الإيرادات.
شركات التصنيع التي تنسخ إصدارات مئات الأدوية التي انتهت صلاحية براءة اختراعها قد لا تبدو أعمالاً مُربحة، لكن في الأعوام الأخيرة تيفا وميلان حافظتا على حماية الربحية من خلال خفض التكاليف وبناء الحجم عبر سلسلة من عمليات الاستحواذ.
الآن هي تقع ضحية جولة من حالات وحدة الصف بين زبائنها الرئيسين في الولايات المتحدة: شركات تجارة الجملة مثل ماكيسون، والصيدليات مثل والجرينز، وشركات إدارة مصالح الصيدليات مثل "سي في إس" و"إكسبرس سكريبتس".
كثير من هذه الشركات اتّحدت معاً لتشكيل "مشترين كبار"، أو ما يعرف باسم المنظمات الشرائية العامة، التي يُمكنها الحصول على خصومات كبيرة.
في البداية استخدمت هذه التحالفات ثقلها الجديد لاستخلاص الوفورات من شركات صناعة أجهزة الاستنشاق للربو ذات العلامة التجارية، مثل جلاكسوسميث كلاين، وشركات صناعة الإنسولين، مثل سانوفي ونوفو نورديسك.
شركات صناعة الأدوية البديلة هي التي تشعر بالألم الآن، وفِرق الإدارة حذّرت من أن الألم سيدوم.
في الأسبوع الماضي، الرئيسة التنفيذية في ميلان، هيذر بريش، أخبرت المستثمرين أن انخفاض الأسعار السنوية بـ "أرقام فردية مرتفعة ربما سيبقى هنا في المستقبل المنظور".
يقول أوري هيرشكوفيتز، كبير الإداريين للاستثمار في صندوق التحوط، نيكسثيرا كابيتال، إن هناك عاملاً أسهم في تفاقم الموضوع، وهو العرض الكبير من شركات صناعة الأدوية البديلة الهندية التي زادت حصتها في السوق الأمريكية، على الرغم من المخاوف المتعلقة بالجودة.
ويُضيف: "عندما نحصل على هذا المزيج من العرض المُفرط والتوحيد على جانب الطلب، فهذه وصفة لكارثة"، علماً أنه يُقدّم المشورة للعملاء الذين يراهنون ضد سعر أسهم تيفا من خلال بيع أسهم الشركة على المكشوف.
اضطرت شركات صناعة الأدوية البديلة إلى التعامل مع فترات الانكماش من قبل، فقط لتنتعش هوامش الربح بمجرد أن تفقد مجموعة من الأدوية ذات العلامة التجارية الحصرية وتنتهي فترة صلاحية "براءات اختراعها".
هذه الفترة التي تتبع على الفور انتهاء صلاحيات براءة الاختراع كانت مُربحة بشكل تقليدي لشركات صناعة الأدوية البديلة. أول شركة تُنتج نُسخة مُقلّدة تتمتع بفترة من الحصرية تدوم عدة أشهر، وبإمكانها فرض أسعار قريبة من أسعار الأدوية ذات العلامة التجارية. ولا ينخفض سعر الحبوب إلى بنسات إلا عندما تدخل بدائل كثيرة إلى السوق.
مع ذلك، المجموعة التالية من الأدوية التي من المُقرر أن تفقد براءات اختراعها ليست أدوية من السهل تقليدها، وإنما هي أدوية "حيوية" تؤخذ من الخلايا الحية. من الممكن صناعة نُسخ شبه متطابقة أو "مماثلة بيولوجياً" من هذه الأدوية، لكن العملية معقدة ومُكلفة.
انتشار الأدوية المماثلة بيولوجياً كان أبطأ من حبوب الأدوية البديلة، جزئياً لأن الأطباء لا يشعرون بالراحة بعد من تحويل المرضى إلى شيء مماثل لكن ليس الشيء نفسه بالضبط.
وفي حين أن ميلان وتيفا لديهما وجوداً في مجال الأدوية المماثلة بيولوجياً، إلا أنهما ستضطران إلى التنافس مع شركات صناعة الأدوية ذات العلامة التجارية التي دخلت إلى الساحة أيضاً، مثل أمجين، شركة التكنولوجيا الحيوية، وفايزر.
هناك مشكلة محتملة أخرى في الأفق هي أن سكوت جوتليب، الذي عيّن أخيرا مفوّضاً لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية، حدد زيادة المنافسة في سوق الأدوية البديلة على أنها واحدة من أولوياته.
مثل هذا الموقف يُمكن أن يكون مفيداً لمجموعات مثل ميلان، التي كانت مُحبطة من التأخير في تأمين الموافقة على نسختها من دواء الربو "أدفير" الذي تنتجه جلاكسوسميث كلاين. لكن من ناحية أخرى شركات صناعة الأدوية البديلة غالباً ما يُمكنها فرض أسعار مرتفعة على أدوية قديمة لأنها المزوّد الوحيد، أو واحدة من مجموعة صغيرة. وإذا فتحت إصلاحات جوتليب المجال لمنافسة أكبر في وجه هذه الأدوية، يُمكنها تقليص هوامش الربح أكثر.
وتواجه الشركتان تحديات في أجزاء أخرى من أعمالهما: كلتاهما تستمد جزءا من الأرباح ليس من الأدوية البديلة، لكن من عدد من العلاجات الرائجة ذات العلامة التجارية التي تواجه المنافسة.
واضطرت ميلان إلى تخفيض سعر EpiPen الخاص بها بعد صيحات غضب تعالت من سعر الدواء البالغ 600 دولار وإدخال منتجات منافسة، في حين ستضطر تيفا إلى التعامل مع النسخ المُقلّدة الأرخص لدوائها كوباكسون، المستخدم لعلاج تصلب الأنسجة المتعدد.
وكلتاهما اقترضت بشكل كبير لتمويل عمليات استحواذ، في حالة ميلان لشراء ميدا، الشركة السويدية التي تصنع علاجات بدون وصفات طبية للسعال ونزلات البرد، وهي صفقة تأمل أن تعمل على تخفيف الضربة من انكماش أسعار الأدوية البديلة.
الأمر الأسوأ بالنسبة لتيفا هو أنها أصرت على الأدوية البديلة من خلال دفع 40 مليار دولار مقابل وحدة أكتافيس التابعة لشركة أليرجان، تماماً قبل أن تبدأ الأسعار في الانهيار وبعد تحذير بعض المستثمرين ضد الصفقة. وهي تعاني أيضاً من أجل العثور على رئيس جديد بعد الانفصال عن رئيسها السابق قبل أكثر من ستة أشهر.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES