Author

مبادرات البيئة والزراعة والمياه .. ووقفة كلها أمل

|

ابتهج كثيرون بإعادة هيكلة وزارة "الزراعة" واستحداث وكالة خاصة بـ"البيئة" ضمن مسؤوليات الوزارة الجديدة، فقد كان حلما يتمناه كل المهتمين بالبيئة، خاصة مع تدهور البيئة وضعف الوعي تجاه البيئة والحياة الفطرية. ولا شك أن المسؤوليات كبيرة وطموحات القيادة في حماية البيئة وتنمية الوعي البيئي أكبر. فالأمل أن تتمكن الوزارة من كسب الوقت وتحقيق الطموحات أو بعضها لوقف التدهور البيئي المتسارع. ومما يسعد القلب ويثلج الصدر أن هناك جهودا تقوم بها الوزارة لا يمكن تجاهلها، فموقعها على شبكة الإنترنت يزخر بالمبادرات والأنشطة والفعاليات. قبل أيام قليلة أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة عددا من المبادرات الطموحة التي ستسهم بإذن الله في تنمية الموارد المائية والحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية الزراعية والثروة الحيوانية. ولعل من أبرز هذه المبادرات "برنامج الاستقصاء والسيطرة على الأمراض الحيوانية" الذي يعد وجوده ضروريا، خاصة مع انتشار كثير من الأمراض مثل "كورونا" و"إنفلونزا الطيور" و"حمى الوادي المتصدع" وغيرها. ولا تقل عن ذلك أهمية مبادرة "إنشاء مركز لمعلومات البيئة والأرصاد والإنذار المبكر" وهو مركز طال انتظاره، لأهميته القصوى في الحفاظ على صحة الإنسان وحماية البيئة. وحول هذه المبادرات الطموحة أود الإشارة إلى بعض الملاحظات والمقترحات التالية:
1)لا شك أن مبادرة إنشاء وتطوير مرافئ الصيد في المناطق الساحلية في غاية الأهمية، ولكنها ستزداد أهمية لو أخذت الوزارة على عاتقها حماية السواحل والشواطئ الطبيعية من تمدد الملكيات الخاصة والاستيلاء على أفضل المناطق الساحلية في المملكة، وأهم من ذلك أن تسعى الوزارة لإصدار نظام للسواحل يمنع ملكية السواحل، لتصبح سواحلنا ممتدة ومتاحة للجميع، كما هو سائد في كثير من الدول.
2)اشتملت المبادرات على تأسيس شركات، مثل إنشاء شركة مملوكة للدولة تقدم الخدمات الزراعية مجانا لصغار المزارعين، وشركة وطنية لإدارة وتأجير بعض مواقع المراعي والغابات وتنميتها، وتأسيس شركة ثالثة حكومية تعمل على زيادة عدد المتنزهات الوطنية من 5 إلى 24 متنزها. وأخشى أن تترهل إداريا هذه الشركات الحكومية أو شبه الحكومية وتفقد فاعليتها كغيرها، كما أخشى أن تمنح هذه الشركات امتيازات تمكنها من الاحتكار الذي لا يخدم المستهلك. أعتقد أن من الأفضل أن يقتصر دور الوزارة على تهيئة البنية الأساسية المناسبة، مثل الأنظمة المحفزة وتوفير الحوافز المناسبة، ومن ثم ترك المنافسة بين منشآت القطاع الخاص من أجل الإبداع في تقديم الأفضل.
3)مما يثير الاستغراب عدم إشارة الوزارة إلى البرامج والمبادرات السابقة لا من قريب ولا من بعيد، ومن الأفضل أن تكون بعض المبادرات امتدادا لمبادرات وبرامج سابقة، بدلا من إعطاء الانطباع بنسف الجهود السابقة أو بعضها، كذلك فقد كان من المتوقع أن تقوم الوزارة بإجراء تقويم شامل لجميع البرامج الموجودة حاليا قبل إطلاق مبادرات جديدة، ومن ثم تصحيح بعض البرامج المتعثرة أو إيقاف بعضها، ثم إطلاق مبادرات جديدة.
4)لم تقدم الوزارة تقييما لوضع مبادرة الملك للاستثمار الزراعي السعودي في الخارج، وكذلك شركة "سالك" المملوكة بشكل كامل للدولة، التي انطلقت أعمالها – كما يبدو لي - في مطلع عام 2012م، للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي عبر الاستثمار في سلع استراتيجية في المجالين الزراعي والحيواني. أليس من المفترض أن تكون لدى الوزارة الشجاعة الكافية والشفافية الضرورية للحفاظ على الثروات الوطنية، وتوضيح الوضع الحالي للمبادرات السابقة التي استنزفت مبالغ طائلة؟
في الختام، أدعو الله أن يوفق الوزارة في تحقيق كثير مما ينتظره المواطن منها.

إنشرها