FINANCIAL TIMES

رغم الصين والدولار .. الجو الصحو مستمر في الأسواق الناشئة

رغم الصين والدولار .. الجو الصحو مستمر في الأسواق الناشئة

على عكس التوقعات عام 2017 يثبت أنه عام الأسواق الناشئة. فعند حساب القيمة بالدولار ارتفعت أسهمها 21 في المائة، في حين تمتعت سنداتها وعملاتها بارتفاع بنسب راوح بين 6 و8 في المائة.
ووفقا لبيانات من معهد التمويل الدولي، الهيئة الخاصة بالصناعة، ضخ المستثمرون 140 مليار دولار في أصول البلدان النامية هذا العام عبر تدفقات مستمرة دون انقطاع، على نحو ما شهدنا خلال معظم عام 2016. وشكل انتخاب الرئيس دونالد ترمب في الولايات المتحدة مناسبة لانقطاع استمر شهرين، لكنه لم يكن العقبة الكبيرة التي اعتقد كثيرون أن لغته الحمائية سوف تؤدي إليها.
بالنظر إلى موجة الأموال التي تم صبها، من المفهوم أن يتساءل بعضهم عما إذا كان هذا الارتفاع في أصول الأسواق الناشئة يتجه نحو نهاية فوضوية، مثل حالات ارتفاع أخرى سابقة.
يقول بريان كارتر، رئيس سندات الأسواق الناشئة في "بي إن بي باريبا" لإدارة الأصول: "مررنا حتى الآن بخمسة أرباع من اندفاع الأسواق الناشئة ولا يزال هناك الكثير من المعارضين. عند كل منعطف هناك ألف سبب لكون الارتفاع مبالغا فيه أو أننا سنشهد تراجعا أو انهيارا في الطريق".
ويستبعد قلة من المحللين احتمال التصحيح على المدى القريب، فيما يجادل كثير من المحللين والمستثمرين بأن هناك أسبابا تدعو للاعتقاد بأن الاندفاع أمامه فترة أطول يستمر فيها.
يضيف كارتر: "من رأينا أن هذا هو الأمر الحقيقي وأنه سيكون ارتفاعا لعدة أعوام في أصول الأسواق الناشئة. نحن نرى أدلة لا لبس فيها على أن المستثمرين يستثمرون مرة أخرى في الأسواق الناشئة وأنهم يبدأون من قاعدة منخفضة من حيث تعاملاتهم في هذه الأسواق".
بعض من هذه الثقة يأتي من حجم التدفقات الخارجة من أصول الأسواق الناشئة بين عام 2013 وأوائل عام 2016.
جورج إيوانيكي، خبير الاستراتيجية الكلية للأسواق الناشئة في "جيه بي مورجان" لإدارة الأصول، يجادل بأن التدفقات هذا العام لا ينبغي أن تكون سببا للقلق. فلا التدفقات الداخلة إلى الأسهم ولا الداخلة إلى سندات الأسواق الناشئة منذ العام الماضي تكفي حتى الآن، كما يقول، للتعويض عن التدفقات الخارجة التي شهدناها من فئتي الأصول هاتين بين عام 2013 وأوائل عام 2016، مستشهدا في ذلك بأرقام من شركة تزويد البيانات "إي بي إف آر جلوبال".
أما بالنسبة للتقييمات، فهو يقبل بأنها ليست رخيصة كما كانت في السابق. مثلا، مؤشر مورجان ستانلي المركب لأسهم الأسواق الناشئة يتم تداوله الآن بمعدل سعر/ قيمة دفترية يبلغ 1.73، أي أعلى من أدنى مستوياته البالغ 1.32 في شباط (فبراير) 2016. ويقول إن هذا لا يزال أقل من المتوسط على المدى الطويل، البالغ 1.8.
بالمثل، معدل السعر إلى الأرباح المعدلة دوريا، التي تعمل على تسوية الأرباح على مدى فترة من عشرة أعوام، يبلغ 16.1. وهذا المعدل أقل بكثير من المتوسط التاريخي البالغ 24.2، وأرخص من أسهم العالم المتقدم.
ويوفر التاريخ أيضا مزيدا من الراحة للمؤمنين بالسوق الصاعدة للأسواق الناشئة. بن إنكر، رئيس تخصيص الأصول في "جي إم أو"، شركة إدارة الأصول التي يوجد مقرها في بوسطن، يشعر بالراحة بشأن مخاطر عملية بيع كبيرة من النوع الذي جاء لاحقا في عام 2013، عندما أشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنئذ، بن برنانكي، إلى أن البنك المركزي سينهي برنامج التحفيز الذي أطلقه في وقت سابق.
ويلاحظ إنكر أن أزمات الأسواق الناشئة السابقة كانت بشكل عام مدفوعة من "حالات انفجار" إما في أسواق العملات وإما في أسواق الائتمان، ولا يبدو أي منها مرجحا الآن.
ووفقا لحساباته، كانت قيمة عملات الأسواق الناشئة مبالغا فيها بما لا يقل عن 1.5 انحراف معياري، مقارنة بمتوسطها على المدى الطويل، قبل عمليات البيع المكثف في الأعوام 1997/1998 و2008/2009 و2011-2015. لكن اليوم، على الرغم من الارتفاع من أدنى مستوياتها في أوائل عام 2016، إلا أنها لا تزال أقل من قيمتها الفعلية بمقدار 0.2 انحراف معياري.
حتى بالنسبة للواثقين بالمزيد من المكاسب في أصول الأسواق الناشئة، من الخطورة تجاهل المخاطر المحيطة بالصين.
يقول إنكر إن مستويات الائتمان في الصين لا تزال "مرتفعة"، ما يشير إلى أن خطر العدوى من ذلك البلد يظل "احتمالا واردا". ويضيف: "خطر العدوى الواسعة في (الأسواق) الناشئة من حادث ائتماني في الصين ليس مرتفعا بشكل فظيع، لكن يجب أن نكون مدركين للخطر".
ويرى آخرون مخاطر مختلفة تنشأ من الصين. فبالنسبة إلى إيوانيكي، الخوف يكمن في أن قرار إزالة تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي يعني أن النمو من المرجح أن يتباطأ في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حتى في الوقت الذي يرتفع فيه في أماكن أخرى.
الخطر الآخر الذي يتصوره إيوانيكي يطارد أيضا بعض المستثمرين في الأسواق المتقدمة، وهو التهاون. ويتمثل هذا الخطر في المستويات المنخفضة القياسية للتقلب في الأسواق المالية. لكن في هذه المرحلة، هو "يشعر بالقلق، لكنه لا يشعر بالخطر بعد"، من تلميحات التهاون، بالنظر إلى أن تقلبات دورة الأعمال - كما هو موضح من مقاييس مثل استقرار الأرباح لكل سهم - انخفضت أيضا، ما يوفر "الدعم الأساسي" للتعويض عن أية تقلبات.
الدولار المتعثر ضخ مزيدا من الزخم إلى اندفاع الأسواق الناشئة هذا العام، لذلك أي عودة للعملة الأمريكية ستكون مصدرا للقلق. ومن الممكن أن يظهر هذا القلق إذا بدأت سوق العمل الأمريكية الضيقة أخيرا بالنزيف والتوجه نحو التضخم الأعلى، وهو ما تشير النظرية الاقتصادية أنه ينبغي أن يحدث، ما يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع مما كان متوقعا وسحب المال من بقية العالم.
دانيال سولتر، رئيس استراتيجية أسهم الأسواق الناشئة في "رينيسانس كابيتال"، المصرف الاستثماري الذي يركز على الأسواق الناشئة، يلاحظ أن الارتفاع في التضخم الأمريكي إلى نحو 3 في المائة سبق عمليات البيع المكثف في الأسواق الناشئة في الأعوام 1994، و1997، و2000، و2007، و2011.
أشارت محاضر اجتماع صناع السياسة في الاحتياطي الفيدرالي عن شهر تموز (يوليو) إلى أن مستوى التضخم الواهن في الولايات المتحدة يصبح مصدر قلق أكبر بالنسبة لبعض المسؤولين.
جنيفر وو، وهي عضوة في فريق أسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ والأسواق الناشئة في "جيه بي مورجان" لإدارة الأصول، تجادل بأن "التضخم، على الصعيد العالمي، لا يضطر البنوك المركزية فعلا إلى رفع أسعار الفائدة بقوة".
هذا يتجمع ضمن خلفية تحافظ على الطلب على أصول الأسواق الناشئة، لكن أيضا يزيد مخاطر التهاون.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES