أخبار اقتصادية- عالمية

الأمن الغذائي العالمي .. عجز في القمح والأرز والذرة وتدهور في نوعية التربة

الأمن الغذائي العالمي .. عجز في القمح والأرز والذرة وتدهور في نوعية التربة

يكرِّس اليوم العالمي للغذاء، الذي يُصادف 16 تشرين الأول (أكتوبر)، نشاطه هذا العام على نقطة محددة، وهي "تأثير تغير المناخ في الأمن الغذائي"، حسبما علمت "الاقتصادية" من منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو".
وتشير المنظمة إلى أن "أول ضحايا ارتفاع درجات الحرارة والكوارث المناخية هو الأمن الغذائي، وهو النظام الأكثر هشاشة في الدول النامية والأقل نمواً، ويمس أكثر الناس ضعفاً وأقلهم موارد".
وتقول لجنة الأمن الغذائي في "فاو"، "هناك في الوقت الراهن انخفاض عالمي في إمدادات المياه، وتدهور نوعية التربة، وإزالة الغابات، ما يسهم في نحو 11 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، وما يسفر عنه من تغير المناخ الذي يؤثر تأثيرا شديداً في الموارد الطبيعية والنظم البيئية للكوكب". وقالت "كل هذه الظروف السلبية تأتي في وقت نشهد فيه أكثر من ثلث الإنتاج الغذائي العالمي يضيع أو يُبذَّر".
وقالت اللجنة في أحدث بيانات رفعتها للمجلس العام لـ "فاو"، "إن سكان العالم يشهدون نمواً مستمراً من المتوقع أن يصل إلى 9.6 مليار نسمة في عام 2050 مقابل أكثر من سبعة مليارات اليوم، وإنه يستلزم زيادة إنتاج الأغذية العالمي بنحو 70 في المائة لإطعام هذه المليارات العشرة، تقريباً، من السكان".
وإلا، تُحذِّر اللجنة، فإن الاحترار العالمي سيفرض بقوة مزيداً من أوجه عدم اليقين في مجال الزراعة، والغذاء، وبالتالي، على سبل عيش السكان الأكثر ضعفاً، خاصة أن الزراعة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوبي شرق آسيا هي مصدر رزق 80 في المائة من السكان.
ولتلبية هذا الطلب، قال تقرير للجنة تلقت "الاقتصادية" نسخة منه، "إنه يتعين على النُظم الغذائية أن تتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وأن تصبح أكثر قدرة على الصمود والاستدامة والإنتاجية، باعتماد ممارسات مستدامة تجعل من الممكن إنتاج مزيد من الأغذية من مساحة الأرض نفسها، باستخدام الموارد الطبيعية بحكمة".
ويهدد تغير المناخ أيضاً استقرار أسعار المواد الغذائية. ويمكن ترجمة عدم انتظام هطول الأمطار، ودرجات الحرارة، والظواهر الجوية شديدة التطرف، في نهاية القرن الماضي، إلى انخفاض حاد في الغلات خاصة ما يتعلق بالمحاصيل الرئيسة "الذرة، القمح، الأرز وفول الصويا"، مع ما يترتب على ذلك من آثار واسعة النطاق في أسعار الأغذية، وفي النتيجة إلى إمكانية الوصول إلى الغذاء.
وقالت بيانات اللجنة "إنه بدون تغيير المناخ، شريطة أن يستمر التقدم الاقتصادي، فإن معظم المناطق ستشهد انخفاضا في عدد الأشخاص المعرضين للجوع من الآن حتى عام 2050. لكن مع تغير المناخ، واستمرار التقدم الاقتصادي بالوتيرة نفسها، فان ما بين 35 و122 مليون شخص إضافي يمكن أن يعيش في فقر من الآن حتى 2030". هذا ما كتبته لجنة الأمن الغذائي التابعة لـ "فاو"، في أحدث تقرير رفعته للمنظمة يبين، بين أمور أخرى "التهديد الشديد" الذي يمثله تغير المناخ لغذاء الكوكب.
ووفقاً لواضعي التقرير، فإن تغير المناخ سيعرّض البلدان النامية، في المناطق الحضرية والريفية على السواء، لزيادة أسعار المواد الغذائية.
ووفقا لهؤلاء، "فإن تغير المناخ سيضر بتوافر الأغذية بما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية المحاصيل، والمواشي، والأسماك [...] والإضرار بمعيشة ملايين من سكان الريف الذين يعيشون اعتمادا على الزراعة".
وتذكر منظمه الأغذية والزراعة أيضاً، أن الزراعة هي القطاع الأول الذي يؤدي إلى تفاقم الاحترار العالمي، وبالعكس في حال تراجعها أو تقدمها، ودعت إلى "إجراء تحويل عميق للنظم الغذائية والزراعية في السنوات المقبلة".
وقالت اللجنة "إن التغييرات المناخية سيكون لها أثر في جميع جوانب الأمن الغذائي، بدءًا بكمية الأغذية المنتجة. وبدون أي جهد حقيقي لوقف هذه التغيرات، يمكن أن تنخفض غلة المحاصيل الكبيرة "القمح، الأرز، والذرة...".
هذه الانخفاضات في الإنتاجية، التي بدأت تكون محسوسة حتى في المناطق المعتدلة، ستكون أشد حدة في المناطق المدارية، وهي الأكثر تعرضاً لتغير المناخ وهي في الأصل تُعاني انعدام الأمن الغذائي.
وفي تفاصيل انخفاض غلة ثلاثة من المحاصيل الزراعية الرئيسة الأربعة في العالم للخطر، توقعت منظمة غير حكومية متخصصة في دراسات الأمن الغذائي مقرها الأرجنتين، أن يعاني الإنتاج العالمي عجزا في القمح بنسبة 14 في المائة، مقارنة بمتوسط الطلب في السنوات العشر الماضية، وعجزا بنسبة 11 في المائة للأرز، و9 في المائة للذرة، في حين سيشهد فول الصويا فقط زيادة في الإنتاج، إذ سيظهر فائضاً بنسبة 5 في المائة على الطلب في 2020.
ووفقا لتوقعات منظمة "يونيفيرسال إيكولوجيكال فند"، فإن "المياه والمناخ، وهما عنصران أساسيان في إنتاج الأغذية، سيتأثران بشكل خاص بالاحترار العالمي". ومن شأن ذلك أن يُحدث آثاراً سلبية في المناطق الأكثر جفافاً، وإيجابية في المناطق الرطبة والأدفأ.
في أوروبا، علي سبيل المثال، ستستفيد البلدان الشمالية، مثل السويد أو النرويج، من الاحترار حيث ستشهد زيادة غلة القمح من 3 إلى 4 في المائة بحلول 2020. وستعاني البلدان الأوربية في حوض البحر الأبيض المتوسط، بما فيها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، انخفاضا بنسبة 10 في المائة في جميع محاصيلها.
وتتوقع المنظمة أن تشهد الصين، وهي أكبر مُنتج للأرز، والقمح، والثانية في العالم في الذرة، زيادة في الإنتاج بنسبة 20 في المائة.
وفي أمريكا الشمالية، تتنبأ المنظمة بحدوث زيادة معينة في غلة القمح في السهول الكبرى، لكنها تتنبأ بانخفاض محاصيل الذرة وفول الصويا في "حزام الذرة الأمريكي". وأخيرا، ينبغي أن ترى إفريقيا أن ثلثي أراضيها الصالحة للزراعة تختفي بحلول 2025 بسبب الجفاف.
وفي عودة مرة أخرى إلى لجنة الأمن الغذائي في "فاو"، فإن مخاطر نقص الأغذية أكثر خطورة، إذ تؤكد أن معظم الأراضي الصالحة للزراعة في العالم هي مُستَغَلَّة بالفعل.
وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الأرض 1.41 مليار هكتار، منها 576.2 مليون هكتار "41 في المائة" في البلدان المتقدمة، و834.9 مليون هكتار "59 في المائة" في البلدان النامية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية