Author

الجندي المجهول

|

العنوان عسكري لكن صدقوني الموضوع طبي صرف، لكن لعلي متأثر بما هو حولي من أجواء الحروب وحدنا الجنوبي وجنودنا المجهولين عندنا والمعروفين عند ربنا أسأل الله لهم الثبات والنصر.
كثيرا ما يستحوذ الطبيب على نصيب الأسد من الشكر والتقدير القولي أو حتى المادي من الهدايا من بعض المرضى شكرا له على مجهوده في تشخيص مرض وعلاجه طبيا أو جراحيا، وينسى المريض من هم حول الطبيب ممن قد يكونون حقيقة هم الذين شخصوا المرض فهو طاقم طبي وليس طبيبا فيجب ألا نختزل ذلك المجهود في الطبيب فقط.
فابتداء من موظف الاستقبال الذي نسق المواعيد وهو كثيرا ما عانى جلافة بعض المراجعين وتحجيم بعض المرضى لمسؤوليته بقول أحدهم: "تراك مثل الحاجب أو البواب للطبيب".
ونسي أو تناسى أن موظف الاستقبال هو موظف جامعي تمرس في علم الإدارة والعلاقات العامة، ولو وضع الطبيب في مثل هذا المكان لفشل في فن استقبال المرضى والتعامل معهم.
أما الممرضة فكثيرا ما تلام عند تأخير المواعيد التي هي بسبب الطبيب غالبا، وعجمية لسانها تحول دون الدفاع عن نفسها، ومن حولها يقولها "سستر ليش إنت فيه تأخير إنت ما في كويس" التشخيص المرضي ليس نابعا من تفكير الطبيب فقط إنما هو عمل جماعي، فقد يكون الذي شخص المرض هو طبيب في المختبر وقسم الأشعة بقراءة نسيجية وأشعة تتم بوساطتها التشخيص 100 في المائة فالعاملون في قسم المختبرات والأشعة حقيقة هم الذين يشخصون الحالات ولكنهم يعملون خلف الكواليس.
وأما إذا أراد أن يقدم الطبيب بعمله فإن نجاح أكثر العمليات قائم على طبيب التخدير الذي دائما ينسى حظه من الشكر إذا نجحت العملية. ليس هدفي في هذه المقالة هو التقليل من حجم الطبيب "فأنا طبيب أولا وأخيرا" ولكن يقولون الطبيب أخذ حقه وزيادة من الاحتفاء والتقدير، ولكن الذي أقصده هنا هو تسليط الضوء على الجنود المجهولين خلف نجاحات كل طبيب.
الطب هو منظومة صحية متكاملة يعجز أحدها أن ينفرد بالنجاح، فهل تتخيل تشخيصا صحيحا دون مختبر وأشعة. أكيد مستحيل. كم تمنيت أي برنامج صحي يدعم غير الطبيب في نجاح أي تشخيص أو علاج يسهل للمريض معرفة أسماء هؤلاء الجنود المجهولين، ويكون هناك آلية لتواصل المريض معهم لشكرهم وتشجيعهم بالرفع من معنويات كثير منهم، ما قد يعوض إحساس بعضهم بالظلم المادي والمعنوي.
اسمحوا لي إخواني وأخواتي الممرضين والممرضات ويا منسوبي المختبرات والأشعة وغيرهم من الطاقم الطبي "المجهول" بأن أشكركم باسم جميع زملائي على ما أسهمتم به من نجاحنا وإدخال السرور على مرضانا.
وإذا كان المثل يقول "خلف كل رجل عظيم امرأة" فأنا أقول "خلف كل طبيب ناجح مختبر وأشعة وتخدير".
أخيرا: أرجو من كل من تسول له نفسه إهداء الطبيب هدية ألا ينسى الحاشية.

إنشرها