FINANCIAL TIMES

«ذا صن» توظف وسائل التواصل الاجتماعي لتفعيل ريادة الصحافة الورقية

«ذا صن» توظف وسائل التواصل الاجتماعي لتفعيل ريادة الصحافة الورقية

تقول كارولين أوليفر وهي تشرب الشاي خارج متنزه: "أحصل عليها كل يوم جمعة وسبت. على أنه متى ما كان الأمر يتعلق بالسياسة فلا أهتم بذلك في الواقع. لا يُمكنك دائماً الوثوق بما تقرأه".
مع متوسط توزيع يومي يبلغ 1.5 مليون، صحيفة ذا صان هي الصحيفة الأكثر مبيعاً في المملكة المتحدة، التي اشتهرت بالتورية في الكلمات التي تتصدر العناوين الرئيسة، علاوة على الشائعات عن المشاهير وصور لفتيات ساحرات.
منذ أن اشترى روبرت ميردوك الصحيفة عام 1969، وهي تتمتع بسمعة تشكيل الطقس السياسي البريطاني، حيث تباهت على نحو معروف على صفحتها الأولى بعد الانتخابات العامة لعام 1992، بأن "سواليف ذا صن هي من فازت بها".
تصويت العام الماضي على خروج بريطانيا كان يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه انتصار أكبر بكثير للصحافة اليمينية.
رئيس تحرير صحيفة ذا صن، توني جالاجر، أخبر صحيفة جارديان بعد التصويت: "انتهت خرافة القوة المتضائلة لوسائل الإعلام المطبوعة".
في الانتخابات العامة هذا العام، حملة الصحيفة الصارمة ضد زعيم حزب العمال جيرمي كوربين بدا أن لها تأثيرا أقل. وفقاً لوكالة يوجوف، فإن 52 في المائة من قرّاء الصحيفة لم يهتموا بالتصويت، ما دفع بعض النقاد إلى الإعلان عن نهاية عصر الهيمنة السياسية للصحف الشعبية.
كتب رئيس تحرير صحيفة جارديان السابق آلان روسبريدجر تغريدة قال فيها: "الصفحات الأولى المزعجة تثير نفور الناخبين. لم تعُد لعبة بعد الآن. يجب النضوج والقيام ببعض الصحافة الحقيقية".
يقول أحد المسؤولين التنفيذيين في صحيفة ذا صن إن الصحيفة لا تزال "تدفع ثمناً باهظاً" لتلك الصفحة الأولى من عام 1992، لكنه أضاف أن المديرين شعروا بالصدمة من نتائج وكالة يوجوف. يقول المسؤول التنفيذي: "لقد شعرت بالرعب. وشعرت بالإحباط أن 52 في المائة لم يصوّتوا.
ماذا كانت تقدم تيريزا ماي فعلاً لقرّاء صحيفة ذا صن؟ نحن لم نُخطئ في قراءة الانتخابات. لقد كانت حملة فاشلة".
في حين أن ميردوك مُتّهم بمحاولة استغلال صحيفة ذا صن للتأثير في السياسيين، إلا أن بعض الصحافيين فيها يرفضون فكرة أن ما يكتبونه يُمكن أن يؤثر في الانتخابات. ويصرّون على أن الهدف الرئيس للصحيفة هو التعبير عن وجهات نظر القرّاء، وليس تشكيلها. بالنسبة لمحرري صحيفة ذا صان، وجهات نظر الناس في جزيرة كانفي مهمة. حيث تُباع نسخ من الصحيفة لكل شخص في هذا الجزء من الجنوب الشرقي، أكثر من أي جزء آخر في بريطانيا.
بهافيش أوديدارا، مدير وكالة نيسا نيوز للأنباء في الجزيرة، يقول إن مبيعات صحيفة ذا صن تتجاوز أقرب منافسيها، أي صحيفة دايلي ميل، بمعدل 2.5 مرة في متجره.
تقع جزيرة كانفي في الدائرة الانتخابية كاسيل بوينت، حيث صوّت 72.2 في المائة من الناخبين لمصلحة خروج بريطانيا في استفتاء العام الماضي، وعضوة البرلمان من حزب المحافظين، ريبيكا هاريس، زادت غالبيتها في حزيران (يونيو) الماضي، لكن كثيرا من الناس الذين تحدثت معهم صحيفة فاينانشيال تايمز في المدينة الأسبوع الماضي قالوا إن نهج صحيفة ذا صن المؤيد لحزب المحافظين والمناهض للتكامل الأوروبي بقوة لم يجد صدى له.
قال معظم الناس إنهم يشترون الصحيفة من أجل أخبار الرياضة والتلفزيون فيها وتغطية العروض الفنية، وليس من أجل أخبارها السياسية.
يقول موريس ريتشموند، المراسل السابق لصحيفة الجزيرة "كانفي إيكو": "سكان جزيرة كانفي لا يتأثرون بسهولة عندما يتعلق الأمر بالسياسة، فهم يرون أنفسهم سكان جزيرة، وهم مستقلون جداً ويعرفون ما يريدون. ولا يرون صحيفة ذا صن كأنها الكتاب المقدس".
في حين أن عددا قليلا من سكان جزيرة كانفي يعترفون بأنهم يتأثرون بصحيفة ذا صن، إلا أن كثيرا منهم يُعبّرون عن وجهات نظر بشأن خروج بريطانيا وتجاه كوربين تتماشى بشكل وثيق مع وجهات نظر الصحيفة.
يقول ديفيد أودي، مهندس صيانة متقاعد كان قد اشترى للتو صحيفة ذا صن من الشارع الرئيس في المدينة: "كنت أحب التصويت لحزب العمال، لكن كوربين أحمق".
هناك دلائل أخرى على أن الصحف التقليدية لم تفقد هيمنتها السياسية. استطلاع للرأي أجرته يوجوف نُشر الأسبوع الماضي توّصل إلى أن 45 في المائة من الشعب البريطاني لا يزال يجمع أخباره السياسية خلال الحملة الانتخابية من إحدى الصحف.
7 في المائة من المشاركين في الاستطلاع قالوا إن صحيفة ذا صن قد أثّرت في خيار تصويتهم، بينما قال 8 في المائة إن صحيفة ميل أقنعتهم كيف يصوّتون.
يُجادل بعض خبراء الصناعة أن صحيفتي ذا صن وميل هما أكثر قوة مما توحي به استطلاعات الرأي - وأن رسالتهما القوية المناهضة لكوربين أدت إلى نتائج عكسية في حزيران (يونيو) الماضي، ما شجّع اليساريين على التصويت في تحدّ لوسائل الإعلام الرئيسة.
يقول جورج باسكو واتسون، المحرر السياسي السابق في صحيفة ذا صن والآن كبير المستشارين في شركة العلاقات العامة بورتلاند: "كلما انقلبت صحيفتا ذا صن، ذا ميل وغيرهما على جيرمي كوربين، أصبح شخصية مناهضة للمؤسسة أكثر. جعلوا حجته في الواقع أكثر جاذبية لمؤيدي كوربين".
المشكلة الأكثر إلحاحاً لصحيفة ذا صن وغيرها من الصحف هي أنه من الأرجح أن يحصل الشباب على أخبارهم من الإنترنت. وفقاً لبحث وكالة يوجوف الأسبوع الماضي، فإن نصف الذين تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً قالوا إن وسائل الإعلام الاجتماعية كانت مؤثرة في الانتخابات. 15 في المائة فقط قالوا الشيء نفسه عن الصحف.
صحيفة ذا صن، التي زادت جمهورها على الإنترنت من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً بمقدار 1.4 مليون، ليُصبح 4.5 مليون في العام الماضي، كما تقول شركة تحليل وسائل الإعلام كومسكور، بدأت في إنتاج تغطية سياسية خصيصاً لمنصات وسائل الإعلام، مثل فيسبوك وسناب شات.
تقول الصحيفة إنها غير قادرة على إصدار البيانات لمحتواها على سناب شات، لكنها تقول إنها تملك "مشاركة عالية جداً".
تشارلي بيكيت، أستاذ الإعلام في كلية لندن للاقتصاد، يقول: "عندما تنشر ذا صن صفحة أولى، تعرف أنها تُسيطر على ما يقرأه الناس في جزيرة كانفي وأماكن أخرى".
"عندما تفعل ذا صن شيئا سياسيا، فهي لا تملك سيطرة حقيقية على كيفية مشاركة ذلك. إذا أرادت الحصول على تأثير أكبر، خاصة في بيئة وسائل الإعلام الاجتماعية حيث هناك كثير من الناس الصاخبين، فإنها يجب أن تُصبح أكثر صخباً بكثير على الإنترنت".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES