FINANCIAL TIMES

مكانس فراغية ذكية تحل محل الجاسوس في المنازل

مكانس فراغية ذكية تحل محل الجاسوس في المنازل

عندما تبين في عام 2015 أن التلفزيونات الذكية من شركة سامسونج تلتقط الأصوات في غرف الجلوس وتُشارك المعلومات مع أطراف ثالثة، شعر نشطاء حماية البيانات بأن ذلك شبيه بما يجري في رواية "1984" التي تصور عالما بائسا من الرقابة الشاملة على الناس.
اضطرت الشركة إلى تحديث صياغة بيان الخصوصية الخاص بها قبل أن يهدأ النقاش حول المراقبة ومشاركة البيانات.
بعد مرور عامين، ثارت المخاوف مرة أخرى بعد أن قالت شركة iRobot لتصنيع المكانس الكهربائية التي تتمتع بذكاء اصطناعي، إنها ستُشارك وربما ستبيع بيانات الزبائن التي تلتقطها، جنباً إلى جنب مع الأوساخ، في الوقت الذي تتحرك فيه آلاتها في أنحاء المنزل كافة.
بعد سلسلة من التعليقات المتناقضة من قِبل شركة iRobot الشهر الماضي، فإن كريستيان سيردا، كبير الإداريين التشغيليين، أكد لصحيفة فاينانشيال تايمز أن الشركة القائمة في ماساتشيوستس، "لا تستبعد" بيع البيانات مثل مخططات المساكن المُستمدة من المعلومات التي تجمعها مكانسها الكهربائية المعروفة باسم رومبا.
وقال إن الشركة لديها خطة لمدة ثلاثة أعوام لاستخدام بياناتها بطرق أكثر ابتكاراً؛ على سبيل المثال، لإخبار مُساعدي المنازل الأذكياء إذا كانت الأنوار مُضاءة في الغرف الفارغة أو لتحذير مزوّدي الإنترنت اللاسلكي بشأن الاتصال الضعيف.
على الرغم من أنها لا تبيع البيانات حالياً، إلا أنها ستفعل طالما كان ذلك بموافقة الزبائن.
"المكنسة الكهربائية الذكية جداً على شكل روبوت يُمكن أن تعرف تخطيط المنزل - يُمكنك استخدام خريطة المنزل للتفاعل مع بقية المنزل الذكي"، كما قال، ومن ثم "في مكان ما في خدمة السحابة سيكون هناك طلب لإجراء تبادل بالتحويل من شركة iRobot إلى شركة أمازون".
وأضاف: "لا أستبعد أن شركة iRobot يُمكن أن تحصل على بعض القيمة المُضافة من هذا. كيف تفعل ذلك بدون أن تخون ثقة المستهلكين؟ تلك الأسئلة هي ما يجب علينا حلّه أثناء تقدّمنا بتطوير المنتجات".
هناك أسئلة أكثر تُسأل. في الوقت الذي يضع فيه المستثمرون المال في الذكاء الاصطناعي، والروبوتات تتسلل أعمق إلى منازل الناس، زادت المخاوف من أن مشاركة البيانات بين مجموعات التكنولوجيا يُمكن أن تفتح المجال أمام انتهاكات خصوصية لا يُمكن معرفتها ولا يُمكن السيطرة عليها.
مصدر القلق هو أن التقدم التكنولوجي تجاوز كثيراً التطورات البطيئة في قوانين وتنظيمات الخصوصية، ما يسمح للشركات بتحقيق الدخل من المعلومات الأكثر حميمية حول الطريقة التي يعيش بها الناس ومنح الحكومات مزيدا من الفرص للمراقبة.
يذكر أن شركة iRobot باعت 18 مليون روبوت منزلي في أنحاء العالم كافة ومكانسها الكهربائية رومبا تتصل مع المساعدين الأذكياء من شركتي أمازون وجوجل حتى يتمكن الزبائن من التحكّم بها من خلال الأوامر الصوتية.
وعلى الرغم من أنها لا تبيع البيانات، إلا أن الخطط للقيام بذلك في المستقبل يُمكن أن توجد مصادر دخل جديدة كبيرة.
على أن تصريحات iRobot وسياستها بشأن الخصوصية، التي تنص على أنها قد تنقل البيانات إلى الحكومات وشركات أخرى، أثارت الاستياء في أوروبا، حيث تأمل الشركة زيادة المبيعات، على الرغم من وجود خطط لقواعد جديدة لحماية البيانات.
وقالت صوفي إنت فيلد، عضوة البرلمان الأوروبي الهولندية التي تعمل في لجنة الحريات المدنية التي تراجع إصلاحاته فيما يتعلق بالبيانات: "أنا شخصياً لن أوافق على أن تقوم شركات تصنيع المكانس الكهربائية المذكورة باستخدام بياناتي، على الرغم من أن آخرين قد يفعلون ذلك.
وأضافت: ما يجعلني أشعر بقلق أكبر بعد تسريبات إدوارد سنودِن هو أن كل هذه البيانات متاحة لأجهزة المخابرات - نحن نُنشئ وحشاً".
زاد احتمال التصادم بين مجموعات التكنولوجيا والمنظمين الأوروبيين في الوقت الذي يتخذ فيه الاتحاد الأوروبي إجراءات حاسمة لحماية بيانات المواطنين.
اعتباراً من أيار (مايو) المُقبل، هناك قواعد جديدة معروفة باسم التنظيم العام لحماية البيانات سوف تُقيّد بشدة الطريقة التي تستطيع فيها الشركات استخدام ومشاركة بيانات الزبائن، مع غرامات تصل إلى 4 في المائة من قيمة المبيعات السنوية، أو 20 مليون يورو، للانتهاكات.
على صعيد متصل، نشرت الحكومة البريطانية "بيان النوايا" الخاص بها لتنفيذ التنظيم العام لحماية البيانات.
سوف يتعيّن على مجموعات التكنولوجيا أن تطلب الموافقة بلغة أبسط بكثير، ما يُثير احتمال حدوث رد فعل عنيف للشركات التي تختبئ خلف بيانات إفصاح خصوصية طويلة يستغلق فهمها على الناس.
كما سيملك المستهلكون الحق بأن يُنسوا ويسحبون موافقتهم، الأمر الذي يُمكن أن يُعقّد الأمور بالنسبة للمجموعات التي تريد مشاركة البيانات مع أطراف ثالثة.
قال أوليفر ياروس، محامي المُلكية الفكرية في مكتب ماير وبراون: "على الرغم من أن حالات الاستخدام مُثيرة للغاية والميل هو أن تعرف الشركات ما هي البيانات التي تستطيع الحصول عليها واختبار الطريقة التي تستخدمها بها بأكبر عدد ممكن من الطرق.. إلا أنها يجب أن تكون حذرة جداً أنها توجد منتجات وحالات استخدام لمشاركة البيانات مع أخذ الخصوصية في الاعتبار الآن. كما سيملك الأفراد الحق بسحب موافقتهم - هناك قضايا تتعلق بالبيانات التي سترغب المنظمات بتنظيمها ومشاركتها لإضافة قيمة".
مقترحات خصوصية منفصلة تناقش حالياً في البرلمان الأوروبي يُمكن أن تضع مزيدا من التنظيم للاتصال بين الآلات.
يقول لوكاس أوليجنيك، مستشار مستقل للأمن والخصوصية: "حتى لو انتهى الأمر أن يوضع بند المصلحة المشروعة الموجود في ePrivacy ضمن القانون التنظيمي - ستظل بحاجة إلى سؤال نفسك سؤالا حول ما إذا كان بيع خرائط المنازل هو مصلحة مشروعة لمكنسة كهربائية".
"الآلات والأجهزة المنزلية الذكية هي في وضع متميز لأنها تُوضع في منزل الشخص. هذه الأجهزة مُجهّزة بشكل متزايد بأجهزة استشعار الحركة، والإطار البيئي، مع القدرة على التواصل مع خوادم بعيدة أو أجهزة أخرى - هناك قدر كبير من مخاطر الخصوصية التي يجب التعامل معها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES