الطاقة- النفط

"شيب آند بونكر": تقديرات "وكالة الطاقة" بشأن تعافي الأسواق متناقضة

"شيب آند بونكر": تقديرات "وكالة الطاقة" بشأن تعافي الأسواق متناقضة

انتقد تقرير "شيب آند بونكر" النفطي الدولي ما سماه التقديرات المتناقضة لوكالة الطاقة الدولية، حيث أعلنت الوكالة أن سوق النفط ستعود إلى حالة التوازن وستهبط المخزونات إلى المستوى المتوسط في خمس سنوات بحلول أوائل العام المقبل، وبعد فترة وجيزة قالت الوكالة إن مهمة منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" صعبة للغاية في التخلص من تخمة المعروض في السوق وأنها لا ترى مدى زمنيا قريبا للوصول إلى هذا الهدف.
وأفاد التقرير بأن تقديرات الوكالة الإيجابية أكثر دقة وموضوعية خاصة ما أطلقته أخيرا من توقعات بشأن النمو الجيد في مستويات الطلب على النفط سواء في العام الحالي أو العام المقبل كما أنها رصدت سحبا سريعا في المخزونات النفطية في احتياطيات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بما يبشر بتوازن قريب في السوق بحلول العام المقبل.
ونقل التقرير عن مراقبين في السوق أن منظمة أوبك إذا أرادت أن تحافظ على مستوى أسعار النفط مستقرا في المدى ما بين 50 و60 دولارا يجب ألا تغمض العين عن مستويات المعروض النفطي وأن تتمسك بسياسات تقييد الإنتاج ربما لعدة سنوات مقبلة.
في سياق متصل، مالت أسعار النفط أمس إلى الارتفاع مجددا بدعم من انخفاض المخزونات النفطية الأمريكية إلا أن تخمة المعروض لازالت تهيمن على مجريات السوق خاصة بعد تعافي الإنتاج الليبي وعودة حقل شرارة لعمله بشكل طبيعي.
وتترقب السوق اجتماعا فنيا جديدا في فيينا الإثنين المقبل بمشاركة خبراء وتقنيين من دول "أوبك" وخارجها ويبحث سبل تفعيل اتفاق خفض الإنتاج واستمرار جهود دعم استعادة استقرار السوق وتحسين مستويات الامتثال لاتفاق خفض الإنتاج.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، يوهان جيرفنبي مدير شركة "إيلينا" للطاقة في فنلندا، أن منظمة أوبك تواجه موقفا حساسا ومعقدا في سوق النفط، فهى مطالبة دوما باتخاذ إجراءات أكثر فاعلية لإنجاح عمل المنتجين وتخفيف حدة تخمة المعروض في السوق وتحثها على هذه الإجراءات وكالة الطاقة الدولية وغيرها من المنظمات المهمة المعنية بمتابعة وتقييم أداء سوق النفط.
وأضاف جيرفنبي أنه من المؤكد أن تخفيضات جديدة وتعميقا أوسع لحصص الخفض التي أقرها اتفاق فيينا ستؤدي إلى طفرة سعرية للنفط الخام ولكنها ستكون في المقابل الفرصة الذهبية لمنتجي النفط الصخري الأمريكي الذين سيسارعون في رفع مستويات الإنتاج وتعويض هذه التخفيضات بزيادة مستويات امداداتهم وبالتالي سرعان ما سوف تعود السوق مرة أخرى إلى تخمة المعروض وانخفاض الأسعار مجددا.
من جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، تي يتينج مدير التعدين في شركة "أي إيه سنجابور" إن دول أوبك تضحى بالفعل بعائدات ضخمة نتيجة تمسكهم والتزامهم بخفض الإنتاج، ولكن عيون أوبك تنظر إلى مستقبل الصناعة وليس إلى مكاسب وقتية ستتقلص تدريجيا بسبب حالة التسابق الإنتاجي وحرق الأسعار التي كانت مهيمنة على السوق في السنوات الماضية وربما تعود مرة أخرى إذا غابت جهود التعاون والتنسيق المشترك.
وأشارت يتينج إلى أن الإنتاج الأمريكي يتربص بتخفيضات "أوبك" ويستفيد من أى انتعاشة ولو محدودة في الأسعار، وما زاد الضغوط على "أوبك" نجاح منتجي الولايات المتحدة في خفض تكاليف الإنتاج والتوازن في ظل مستويات سريعة منخفضة بما يمكنهم من الاستمرار في الإنتاج والبقاء في المنافسة.
وتوقعت مد العمل بتخفيضات الإنتاج لدول "أوبك" والمستقلين التي ستنتهي في آذار (مارس) المقبل مشيرة إلى عودة المنتجين للإنتاج بأقصى طاقاتهم ليس في مصلحة السوق في المدى القصير وسيجدد حالة تخمة المعروض بشكل أكثر سوء خاصة في ضوء البيانات الاخيرة عن تراجع طلب مصافي النفط في الصين بنحو نصف مليون برميل في يوليو الماضي وهو خفض مرشح للاتساع في التراجع في الأشهر المقبلة.
من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر المختص في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إنه في تقديره لو أقدم المنتجون على رفع مستوى خفض الإنتاج إلى ثلاثة ملايين برميل يوميا بدلا من المستوى الحالي – 1.8 مليون برميل يوميا - فسيؤدي ذلك إلى طفرة واسعة وصعود جيد في مستوى الأسعار.
وأضاف هوبر أنه من أجل ضمان الامتثال التام للخفض المقترح، فمن الأفضل كما هو متبع أن تتحمل السعودية وروسيا الحصة الرئيسة من التخفيضات وأن تكون على استعداد دوما لإجراء خفض أعمق لتعويض ضعف التزام بعض المنتجين الذين قد يجدون أنفسهم غير قادرين على الامتثال الجيد.
وأشار هوبر إلى أنه من المؤكد أنه لا توجد خيارات سهلة في عالم النفط اليوم وأن كبار المنتجين عادة ما يتحملون العبء الأكبر ولكن ذلك يجب ألا يغني عن العمل على توافق وتكامل جهود المنتجين وحث الجميع على الاستجابة للعمل في منظومة مشتركة تعزز السوق وتدفع الصناعة إلى الاستقرار والنمو المستدام.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط أمس بدعم من انخفاض مخزونات الخام الأمريكية إلا أن فائض الإمدادات ما زال يكبح الأسواق.
وبحسب "رويترز"، فقد ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت إلى 51.14 دولار للبرميل بزيادة 34 سنتا أو ما يعادل 0.66 في المائة عن سعر الإغلاق السابق، وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 47.82 دولار للبرميل بارتفاع 27 سنتا أو ما يعادل 0.56 في المائة.
وقال معهد البترول الأمريكي أمس إن مخزونات النفط الأمريكية انخفضت 9.2 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 11 آب (أغسطس) إلى 469.2 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 3.1 مليون برميل، لكن مخزونات البنزين زادت 301 ألف برميل مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 1.1 مليون برميل.
وأظهرت البيانات زيادة استهلاك الخام بمصافي التكرير سبعة آلاف برميل يوميا، وارتفعت مخزونات البنزين 301 ألف برميل بينما توقع المحللون انخفاضها 1.1 مليون برميل.
وأفادت أرقام معهد البترول بانخفاض مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 2.2 مليون برميل مقارنة بتوقعات كانت لانخفاض قدره 572 ألف برميل، وانخفضت واردات الولايات المتحدة من الخام 24 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي إلى 7.6 مليون برميل يوميا.
وقال فؤاد رزق زادة المحلل في "فوركس دوت كوم" للسمسرة في العقود الآجلة: "الإمدادات الزائدة لا تزال تضغط على أسعار النفط .. لم يتغير الكثير رغم جهود "أوبك" وروسيا في الآونة الأخيرة. حاول هؤلاء المنتجون تقييد إنتاج النفط لكن النفط الصخري الأمريكي يواصل الصعود".
وتعهدت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجون مستقلون مثل روسيا بخفض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا في الفترة بين كانون الثاني (يناير) من العام الحالي وآذار (مارس) 2018، لكن ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي الذي زاد بنحو 12 في المائة منذ منتصف 2016 إلى 9.42 مليون برميل يوميا يبدد أثر معظم هذا الخفض.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط