Author

البريد .. إعادة التنظيم والتنافسية

|
كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد الدور التنافسي المهم لسوق البريد وشركات الشحن السريع في التنمية الاقتصادية وصناعة فرص العمل وجودة الخدمة، ولكن هذا القطاع المهم ما زال مكبلا بعوائق كثيرة جعلت منه قطاعا مشوها وعبئا على الدولة وعلى المستفيدين من خدماته الذين يعانون سوء الخدمة وغياب الشفافية واللوائح التي تحفظ لهم حقوقهم. الحاجة ملحة في نظري إلى وجود هيئة خاصة بشركات البريد تعيد تنظيم القطاع على أساس تنافسي يضمن لنا جودة الخدمة وتوطين الوظائف وزيادة الإيرادات للدولة. أولى هذه الخطوات إعادة هيكلة "مؤسسة البريد السعودي" التي تعاني بطء الأداء وسوء الخدمة وعدم قدرتها بوضعها الحالي على استثمار الفرص المتاحة في السوق السعودية. رغم أنها تحتكر معظم خدمات البريد الحكومي وخدمات الشركات الأخرى الكبيرة. مازالت المؤسسة تعمل بروح المؤسسات الحكومية حيث الرتابة في الأداء وعدم الرغبة في التطوير والبحث عن الفرص، وتحقيق النجاحات، وإهمال متطلبات العملاء. وقد مررت شخصيا بأكثر من تجربة خلال الشهرين السابقين كشفت لي أن مؤسسة البريد مازالت خارج الزمن فمن يصدق أن هذه المؤسسة تغلق فروعها قبل الخامسة عصرا وتتجاهل خدمات بقية النهار الذي لا تتثاءب فيه شركات البريد الأخرى. حين اضطررت لتسلُّم إقامة العاملين لدي عبر البريد ودفعت الرسوم الخاصة بالبريد انتظرت لأكثر من خمسة أيام ولم تصلني، اتصلت بالهاتف المجاني وكنت أنتظر بالساعات دون رد. أما الموقع الإلكتروني فهو متواضع جدا ولا يليق بمؤسسة تدير خدمات البريد في المملكة. وهذا التواضع في الأداء نتيجة طبيعية لغياب التنافسية والعمل في بيئات تفتقد الرقابة والتشريع المنظم للحقوق والواجبات. أما شركات البريد الأخرى فالتنافس يكاد ينحصر بين شركتين أجنبيتين وهي تعمل في السوق منذ سنوات وتمتلك الشركتان ما يزيد على 240 فرعا، ومع الأسف معظم فرص العمل فيها يحتكرها وافدون كذلك القيادات الإدارية وقد استغلت الشركتان الثغرات في الأنظمة وغياب الرقابة ولم تهتم بتدريب وتوظيف السعوديين أسوة بالشركات الأجنبية الأخرى. أما لوائح حقوق العملاء فهي معدومة ولا تستطيع أن تطالب الشركتين بشيء في ظل غياب المحاسبة والشفافية. إن هذا التخبط لا يليق بسوق واعدة وقوية لشركات البريد، ولا يمكن أن تترك دون تطوير خاصة إذا ما عرفنا أن حجم هذه السوق تتجاوز في الوقت الحالي ثلاثة مليارات دولار ويمكن أن تحقق أكثر من سبعة آلاف فرصة عمل سنويا. كلي أمل أن يتدخل المجلس الاقتصادي الأعلى لوضع هذا القطاع على المسار الصحيح في مسار التنمية الاقتصادية.
إنشرها