أخبار اقتصادية- محلية

الساعات والعطورات المغشوشة .. «منجم ذهب» لمقلدي العلامات التجارية في الأسواق السعودية

الساعات والعطورات المغشوشة .. «منجم ذهب» لمقلدي العلامات التجارية في الأسواق السعودية

الساعات والعطورات المغشوشة .. «منجم ذهب» لمقلدي العلامات التجارية في الأسواق السعودية

الساعات والعطورات المغشوشة .. «منجم ذهب» لمقلدي العلامات التجارية في الأسواق السعودية

رغم أن الغش التجاري وتقليد العلامات التجارية قضية دولية وتنتشر كظاهرة في عديد من دول العالم، حيث تقدر بعض التقارير الصحافية حجم خسائرها بنحو 780 مليار دولار سنويا، مشكّلة نسبة تراوح بين 5 و10 في المائة من قيمة التداول التجاري العالمي.
كما تخطت قيمتها في الدول العربية وفق تلك التقارير نحو 50 مليار دولار، تمثّلت في الأضرار المترتبة على عملية الغش التجاري والتقليد على مستوى المستهلك، وأثره في الاقتصاد الوطني، المتمثل في زيادة البطالة، نتيجة خسائر الشركات التي تتعرض منتجاتها للغش والتقليد، وضعف العدالة والتنافسية في السوق.
إلا أن هذه الظاهرة لها خصوصيتها في أسواق المملكة، فهي لا تحارب بالقدر الكافي الذي يجعل منها جريمة، وتلقى تأييدا كبيرا من جمهور واسع من المستهلكين، كما أنها تحقق أرباحا طائلة لمئات الآلاف من العمالة الوافدة والتجار المتداولين للسلع المغشوشة والمقلدة، ما شكل منجم ذهب حقيقيا لمقلدي العلامات التجارية، وخصوصا في سوقي العطورات والساعات.
"الاقتصادية"، في جولة ميدانية على أسواق العاصمة الرياض، رصدت انتشارا كبيرا لمحال بيع العطور والساعات، التي تقدم لك أشهر العلامات التجارية العالمية على أنها الأصلية، وفي أضعف الإيمان يؤكد لك البائع أنها الأصلية نفسها.
عطور تراوح قيمتها الأصلية في أسواق أخرى بين 400 ريال وألف ريال تجدها في تلك المحال بالشكل والرائحة نفسها بنصف السعر وقد يبيعك إياها بالسعر نفسه، كما تجد أشهر علامات الساعات التجارية العالمية، تباع حتى على الطرقات وبين الأزقة.
يقول أحد المشترين للعطور تحدث لـ "الاقتصادية"، "أيادي الغشاشين طالت الروائح العطرة ليصبح هناك خليط يصعب اكتشافه من قبل التجار أنفسهم خاصة أن البعض يستخدم تقنيات عالية جدا في التقليد يصعب معها اكتشاف العبوة المقلدة من الأصلية".
عمر المترك، أحد أصحاب محال العطورات يقول من ناحيته إن السوق مليئة بالعطورات المقلدة والمغشوشة سواء الشرقية منها أو الغربية لاسيما تلك العطورات التي يتم تسويقها على الأرصفة وأمام المطاعم وغيرها فهذه النوعية من العطور تتم تعبئتها محليا بإضافة قليل من الماء وبعض الزيوت النباتية التي تزيد من كميتها وتحافظ على رائحتها لكن بنسبة أقل.
ويلجأ البعض إلى حيل مختلفة وفق بعض الباعة، حيث يتعمد بائع هذه النوعية من العطورات تعطير الزبائن بعطر مركز يختلف عن المعروض للبيع وهو أسلوب مخادع يلجأ إليه كثير من بائعي العطور لجذب الزبائن والتغرير بهم.
وأضاف المترك "التقليد لم يقتصر على العطورات فحسب بل كثير من السلع التجارية طالها التقليد، مشيرا إلى أن الأضرار الناتجة عن تقليد بعض السلع أخف وطأة من التقليد في العطور والمستحضرات التجميلية لأنها متعلقة بصحة الإنسان ويمكن أن تؤدي إلى أمراض كثيرة. نحن كأصحاب المحال نعاني هذا الغش، ومن الصعب علينا التمييز بينهما لما فيها دقة في التقليد واجبنا هو إيضاح الصورة للمستهلك بالمنتج.
صخب الغش في سوق الساعات لا يقل عن نظيره في سوق العطور، إلا أن مكاسبه أكثر بكثير. وهنا يقول رجب صلاح، أحد الباعة في الساعات الأصلية والعلا مات التجارية، أن كثرة العمالة الجائلة بالساعات المقلدة في الشوارع وانتشار بيعها سبب ضررا فادحا في سوق الساعات الأصلية في المملكة، مشيرا إلى أن هناك ساعات تبدأ أسعارها من 70 ريالا حتى 300 ريال وهي تشبة الساعات الأصلية، ويشتريها الشخص بأسعار غالية متوقعا أنها أصلية ويكتشف فيما بعد أنها مقلدة.

يقول محمد شراحيلي، أحد المهتمين بساعات اليد، إن اقتناء مثل هذه الساعات المقلدة بأسعار أقل هي فرصة للمستهلكين غير المقتدرين على شراء ساعات تحمل علامات تجارية شهيرة ومعروفة وتكون أصلية، ويصل سعر بعضها إلى عشرات الآلاف من الريالات. ويضيف" إن كانت بالشكل نفسه ولكن أقل جودة فما المانع".
كما لاحظت "الاقتصادية" في جولتها انتشار بيع العطورات والساعات اليدوية على الأرصفة وأمام المحال التجارية التي تشهد إقبالا كبيرا من المواطنين والمقيمين عليها، ما يؤكد أن وعي المستهلكين هو أحد أهم أسباب انتشار هذه الظاهرة بهذا الحجم في أسواق السعودية.
وزارة التجارة والاستثمار من جانبها تؤكد أنها تقوم بمهامها في الكشف عن حالات الغش التجاري عبر تنفيذ جولات رقابية مستمرة وطوال السنة على المستودعات والأسواق ومنافذ البيع في مختلف مناطق المملكة ومباشرة بلاغات المستهلكين، للتأكد من جودة المنتجات المعروضة، والتزام المنشآت التجارية بعدم عرض أي منتجات مخالفة لنظام مكافحة الغش التجاري.
وأكد لـ "الاقتصادية" عبدالرحمن الحسين المتحدث الرسمي باسم وزارة التجارة والاستثمار أن الوزارة تولي اهتماما كبيرا للتعاون
مع المستهلكين وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي حالة غش تجاري من خلال الاتصال بمركز البلاغات في الوزارة على الرقم 1900، أو عبر تطبيق "بلاغ تجاري".
وفيما يتعلق بضبط العطور المقلدة والمغشوشة بين الحسين أن الفرق الرقابية للوزارة قامت خلال الشهرين الماضيين بضبط ومصادرة 43 ألف كيلوجرام من العطور الزيتية لسوء التخزين، كما صادرت أكثر من 500 ألف عبوة عطور غير صالحة للاستخدام ومنتهية الصلاحية في عدد من مناطق المملكة.
وأضاف" كما ضبطت الوزارة أيضا عمالة مخالفة تستغل شقة سكنية بمدينة الرياض استغلت لإعادة تعبئة العطور المقلدة وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال أصحاب المنشآت المخالفة وإحالتهم للجهات ذات الاختصاص لتطبيق العقوبات النظامية بحقهم.
ويعد عرض أي منتجات مخالفة لنظام مكافحة الغش التجاري يعرض المخالف إلى عقوبات صارمة بإيقاع غرامة مالية قد تصل إلى مليون ريال أو السجن مدة لا تزيد على سنتين أو بهما معا.
من جانبها، قالت جمعية حماية المستهلك إن الساعات والعطور من أكثر المنتجات المقلدة انتشارا في المملكة، ويعزى ذلك لعدة أسباب من أهمها ضعف التنسيق بين القطاعات المعنية بهذا الشأن، وإقبال المستهلكين على شرائها وضعف الإبلاغ عن المخالفين.
وأوضح لـ "الاقتصادية" الدكتور عبدالرحمن القحطاني الأمين العام للجمعية أنه بلا شك إضافة إلى انتشار بيع تلك المنتجات المغشوشة عبر "مواقع التواصل الاجتماعي".
ويكمن الضرر في العطور المقلدة إلى أنه يستخدم في تركيبها مواد ضارة قد تؤثر في هرمونات الجسم والجهاز العصبي وتهدد سلامة وصحة المستهلك.
وتابع القحطاني يقول" نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي أن عديدا من العطور المقلدة تحتوي على مواد ضارة منها مواد يحتمل أنها تسبب السرطان والحساسية، إضافة إلى أن بعض تلك المنتجات تحتوي على البول. ومن الأضرار أيضا التأثير في اقتصاد البلد، وأن بيع وشراء المنتجات المغشوشة والمقلدة يساند الجريمة المنظمة، كما تعتبر دعما للأنشطة غير القانونية.
وبين القحطاني أن التقليد يختلف من نوع لآخر، فبعض أنواع التقليد يصعب تمييزها، ولكن في المجمل توجد بعض المؤشرات التي تساعد المستهلك على معرفة بعض أنواع العطور والساعات المقلدة، مثل السعر المخفض بشكل مبالغ فيه، أيضا من خلال سوء تصنيع علبة المنتج المقلد أو عدم تغليفه، أو انخفاض جودة التغليف واختلاف ألوانها عن المنتج الأصلي، كذلك البيع من دون فواتير، وعدم وجود ضمان أو رقم تسلسلي للمنتج، وهي جميعها مؤشرات بأن المنتج مغشوش، ومع ذلك فبعض المنتجات المقلدة يصعب تمييزها عن الأصلية.
وأكد القحطاني أن تكاتف المستهلكين في إبلاغ الجمعية والقطاعات الحكومية المختصة عن أي حالة اشتباه بالغش يسهم بشكل فعلي في الحد من تلك المنتجات، وكذلك يجب التأكد عند شراء تلك المنتجات من الحصول على فواتير شراء موضح فيها نوع المنتج وتاريخ الشراء، كذلك الحصول على بطاقة الضمان للساعات ووجود الرقم التسلسلي، داعيا إلى أنه عند شراء العطور والساعات من منافذ البيع الإلكترونية ومنصات الإعلام الجديد يجب التأكد من أنها موثوقة من خلال برنامج "معروف" حيث تتوافر بأسعار مناسبة، محذرا في الوقت نفسه من الشراء من الباعة المتجولين وتجنب شراء المنتجات ذات السعر المخفض بشكل لا يمكن تصديقه.
وبين القحطاني أن من أهم سياسات مكافحة الغش والتقليد، العمل على مراجعة أسعارها من قبل الوكلاء، خصوصا أننا نشهد تباينا واضحا في أسعار بعض العطور العالمية بين السوق السعودية وبعض الأسواق العالمية، داعيا إلى ضرورة تعزيز دور الرقابة من قبل القطاعات الحكومية المعنية بمكافحة الغش، وإجراء ما يسمى بتتبع المنتج المغشوش traceability وهل هو منتج مستورد أم مصنع داخليا، والتعرف على المؤسسة أو الشركة التي قامت بإدخال هذا المنتج، وكذلك منشأها وكيف تمكنت من إدخاله للسوق السعودية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- محلية