ثقافة وفنون

«برج الظلام» .. أنت لا تقتل بمسدسك أنت تقتل بقلبك

«برج الظلام» .. أنت لا تقتل بمسدسك أنت تقتل بقلبك

«برج الظلام» .. أنت لا تقتل بمسدسك أنت تقتل بقلبك

"أنت لا تقتل بمسدسك، فمن يقتل بمسدسه قد نسي وجه والده. أنت تقتل بقلبك"، إنها عبارة مذهلة، غنية بمعانيها وتأويلاتها، بقي صداها يطن في أذني بعد سماعها عدة مرات على لسان نجمي فيلم "ذا دارك تاور" أو "برج الظلام".
وما زلت حتى هذه اللحظة أحاول سبر أغوار تلك الجملة التي شكلت المحور الرئيسي لذلك الفيلم المأخوذ عن سلسلة روايات The Dark Tower لكاتب الرعب المتميز ستيفن كينج. واستوقفتني طويلا أمام عمقها الوجداني المثقل بالمثل الإنسانية ومشاعرها المختلفة. فهل فعلا الكره والحقد أشد إيلاما من جرح الرصاص؟ وهل حقا عندما يمتلئ قلب الإنسان بالكره يسقط إلى أسفل الدركين؟ وينسى كل ما هو جميل في حياته، بما فيه أهله؟ هل هذه حقيقة؟ أم مجرد شعارات طنانة لإضفاء مزيد من الإثارة على السياق الدرامي للفيلم؟

فانتازيا الخيال

تدور أحداث الفيلم في إطار الفنتازيا والخيال العلمي حول حامل السلاح رولاند ديستشاين، يقوم بدوره الممثل إدريس إلبا، الواقع في حربٍ أبدية ضد الرجل المتشح بالسواد والتر أوديم، يؤدي دوره الممثل ماثيو ماكونهي "الحاصل على أوسكار أفضل ممثل رئيسي"، بسبب رغبته في تدمير برج الظلام، الذي يربط الكون ببعضه، ووسيلة رولاند الوحيدة للدفاع عن البرج هي الانتصار في معركة أخيرة يخوضها ضد أوديم. وتنطلق أحداث الفيلم بديستشاين وهو يطوف معالم الغرب القديم بحثًا عن برج الظلام وآملا منه في بلوغ هذا البرج، ظنا منه أنه سيحافظ على عالمه المتهاوي، لكنه في المقابل يدخل في حالة صراع مع الرجل المتشح بالسواد.
أعاد فيلم The Dark Tower المستوحى من سلسلة روائية مكوّنة من ثماني روايات، الكاتب ستيفن كينج إلى الضوء من جديد، وأعاد معه النجم ماثيو ماكونهي إلى الواجهة الهوليودية من خلال ظهوره السينمائي الأول خلال هذا العام، مع بعض الفوارق أبرزها أن أحداث الرواية تجري في الفترة بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي، فيما تنطلق أحداث الفيلم في وقتنا الحاضر، ويمزج بين العالم الواقعي والخيالي، لذلك وصفته الصحف الأجنبية بأنه يشبه مسلسل Westworld، الذي تعرضه شبكة HBO.

قتل "الإثارة"

ويلاحظ المشاهد أن قصة الفيلم مربكة وغير منظمة إلى حد كبير، فطيلة الـ 95 دقيقة التي يمتد عليها، تسير أحداثه على وتيرة سريعة للغاية من دون أي شرح لخلفية قصة العالم وسكانه قبل لحظة مواجهتهم. أما الطامة الكبرى في المشهدية السينمائية الضعيفة التي وصلت إلى حد الاستهزاء بذكاء المشاهد، فهي تظهر في المرات القليلة التي تخف فيها وتيرة الأحداث، ويتخللها حوار بكلمات معدودة، حيث يسهل توقع المشهد التالي من الفيلم بشكل ساذج، ويقضي ذلك على فرصة الإثارة والحيرة والغموض التي يسعى إليها ويحبذها المشاهد، كما أن ذلك الأسلوب الإخراجي الضعيف أطاح بفرصة ذهبية أمام الشخصيات لكي تعبر عن نفسها وتعكس قصصها أمام عيني المشاهد.
وعلى الرغم من أنه تسهل متابعة وفهم الأحداث التي تجري، لكن ينتاب المشاهد الشعور بالارتباك بشكل مستمر منذ الدقائق الأولى حتى النهاية، فهو يحاول عبثاً فهم ما تقوم به الشخصيات الظاهرة على الشاشة، ويحاول جاهدا الإجابة عن بعض الأسئلة البديهية، فعلى سبيل المثال لماذا يركز رولاند ديشيان، ذلك الرجل الدموي فقط على الانتقام من الرجل المتشح بالسواد، ألم يكن هنا أجدر بالمخرج أن يمنح المشاهد فرصة لمعرفة الماضي النبيل للبطل وانهياره المأساوي، لكي يتضح للمشاهد السبب الذي أودى به إلى ما هو عليه الأن!
كما يقف المشاهد مذهولا عن السبب الذي دفع بوالتر إلى استغلال جيك شامبرز، الذي يلعب دوره الممثل توم تايلور، وقدرات الطفل الآخر الروحانية ليدمر البرج وينهي كل الوجود، وخلفية ذلك الرجل المدمر، ما يدفع بالمشاهد الى التسليم بأن ذلك الرجل هو مجرد شرير من دون معرفة السبب وراء هذا الشر.
إن وجود هذه الثغرات قللت من القيمة الفنية للفيلم، حيث فشل المخرج نيكولاس أرجيل في نقل الرواية إلى فيلم ناجح خاصة أنه استغرق وقتا طويلا في التحضيرات له التي بدأت قبل عشر سنوات، وذلك منذ إعلان شركة سوني عن تحويل النص الأدبي إلى فيلم في عام 2007. ويعود سبب التأخير إلى تغيير فريق العمل أكثر من مرة، فقد ترشح المخرج جاي جاي أبرامز، ومن بعده رون هاورد، حتى استقرت الشركة على نيكولاس أرجيل.
مؤثرات لافتة

وعلى الرغم من أنه لا تحتوي معظم مشاهد الفيلم على كثير من العمق، إلا أنها جميلة من الناحية البصرية. حيث يقوم المخرج بعمل جيد في الجمع بين مدينة نيويورك الصاخبة في العصر الحديث التي يوجد فيها جيك، مع الأرض القافرة القاسية في منتصف العالم التي يوجد فيها كل من رولاند ووالتر. وبشكل مشابه تبدو مخلوقات الـ Low Men، التي ترتدي جلود البشر كما لو أنها بذة ذات قياس أكبر منهم بكثير، مخيفة للغاية في المرات القليلة التي نراها فيها تخدم والتر. إضافة إلى براعة تصوير البرج الغامض نفسه الذي يمتد عالياً وصولاً إلى الغيوم، فيمتلك تأثيراً مرهقاً وقوياً كما يجب أن يكون مركز الكون.

سرقة أدبية

يعتبر الكاتب الأمريكي الشهير ستيفن كينج، صاحب روايات "برج الظلام" روائيا شهيرا، تحوّل عدد كبير من أعماله إلى أفلام سينمائية، من بينها The Shining ،The Shawshank Redemption ،The Green Mile وThe Mist. لكنه يتعرض لاتهامات بالسرقة الأدبية من الكاتب ستيفن جرانت الذي يطالبه بدفع 500 مليون دولار غرامة على انتحاله شخصية رواياته الرئيسية. يقول جرانت "إن بطل كتب كينج المسمى رولاند ديسكاين نسخة عن بطل قصصه المصورة ريستين داين"، وقد رفع جرانت دعوى أمام المحكمة على ستيفن كينج، مشيرا فيها إلى أن الشخصية "المسروقة" تظهر في قصصه المصورة من 1977 حتى 1983م.
مع الإشارة الى أن "برج الظلام" هي سلسلة من ثمانية كتب تشمل مواضيع متعددة من بينها الخيال العلمي، والرعب والخيال الغربي وغيرها، حيث صدر الكتاب الأول عام 1982 والكتاب الأخير عام 2012. وكانت الرواية قد تحولت إلى فيلم تلفزيوني مكون من جزأين عام 1990، لكن النسخة السينمائية التي تعرض حالياً تم إنتاجها بصبغة أكثر حداثة وبتقنيات بصرية مطورة.

إيرادات بملايين

حقق الفيلم الذي تم تصويره بين نيويورك ولندن إيرادات وصلت إلى ما يقارب ثمانية ملايين دولار أمريكي، وأكد المخرج أنه من الممكن أن يكون الفيلم نقطة انطلاق لسلسلة أفلام جديدة، إذا استطاع تحقيق إيرادات عالية في شباك التذاكر. وأضاف في حواره مع موقع Indiewire أن الفيلم المقبل سيحمل اسم the Drawing of the Three وسيتنقل بين ثلاثة أزمنة مختلفة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون