Author

هل أصبحت البطاقات الائتمانية ضرورة؟

|

ناقشت قبل عدة سنوات موضوع البطاقات الائتمانية، وكان تركيزي على الأضرار المترتبة على استخدامها، عرضت خلالها الطرق التي تلجأ إليها الشركات عندما تغري مستهلكيها باقتناء البطاقات الائتمانية، وكيف أن بعض الشركات تحفز حامليها على التبضع بالبطاقات الائتمانية بدلا من الدفع النقدي. وقد خلصنا إلى أن المستهلك ينبغي له أن يحاول ما استطاع تجنب التعامل بالبطاقات الائتمانية، وأن يدفع قيمة مشترياته بالنقد مباشرة حاضرا بحاضر، وأن يكف عن السعي وراء المؤسسات المالية كي تجود عليه ببطاقة ائتمانية، كما يجب عليه أن يكف عن تسجيل قيمة مشترياته عند الباعة وأصحاب التموينات الصغيرة، أو أي طريقة أخرى تؤدي إلى تأجيل الدفع دون مبرر.
فهناك أضرار من إمكانية استخدام البطاقات الائتمانية من قبل طرف آخر، أو من قبل بعض الجهات التي سبق أن تعامل معها حامل البطاقة، خصوصا شركات تأجير السيارات والفنادق والجهات التي تتطلب دفع عضوية، بحيث تخصم المبلغ من حسابك عن طريق البطاقة الائتمانية دون الرجوع إليك، ومن الصعب مطالبة هذه الجهات بإعادة المبالغ لأن هذا يتطلب وقتا طويلا، وبعضها جهات في دول أخرى.
إلا أن التطور المذهل في توظيف التقنية في النواحي المالية أظهر لنا عدة منافع مالية زادت من الثقة بالبطاقات الائتمانية، ناهيك عن سهولة حملها مقارنة بالنقود، فيمكنك شراء كافة احتياجاتك اليومية والدورية بالبطاقات الدائنة أو المدينة، ولو استمر الوضع بهذا التطور السريع فستصبح البطاقات أكثر أمانا، وقد نستغني بالفعل عن حمل النقود. كما أنها أصبحت ضرورة في الحجوزات والمطارات والسفريات، فهي وثيقة معترف بها دوليا، وتعترف بها غالبية - إن لم تكن - جميع الجهات والمؤسسات والدول أيضا أكثر من اعترافها بالنقود. فقد تعدت البطاقات الائتمانية حدود الدول، ولم تقيد حركتها الخلافات السياسية أو المقاطعات الاقتصادية أو الصراعات الطائفية والعرقية. فالفرد في أي مكان من عالمنا هذا يمكنه بالبطاقة الائتمانية أن ينهي احتياجاته الاستهلاكية والتجارية في أي دولة، وإن كانت تلك الدولة لها علاقات فاترة بدولة منشأ البطاقة، ولو وصل الوضع إلى حد المقاطعة، أو دخلت الدولتان في حرب، أو وصل الأمر إلى حد عدم اعتراف الدولة بعملة الدولة الأخرى، وعدم السماح بتداولها.
ورغم أنها أصبحت ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها خصوصا في السفر والتنقل والتسوق الإلكتروني فإن مختصي المال ينشرون بين الوقت والآخر بعض الإرشادات التي يتعين على حامل البطاقة الائتمانية أن يعرفها وأن يتقيد بها إذا أراد أن يستفيد من بطاقته ويخفف الأضرار الناجمة عن استخدامها. أول نصيحة للمستفيد من البطاقات الائتمانية ألا يحمل عليها جميع النفقات والمصروفات، لأن استخدامها بهذا الشكل يعتبر دينا سيئا، لكن تستخدم كداعمة للبطاقات الدائنة أو النقد، ولو أن استخدام النقد انخفض كثيرا، وقد يتطور الوضع بأن يلغى التعامل بالعملات في السنوات القليلة المقبلة، ويصبح التعامل بالبطاقات بشكل عام المدينة والدائنة هو السائد.
ينبغي كذلك تسديد المبلغ إذا حان وقت سداده، حتى لا تعطي المصرف فرصة الاستفادة من التأخير وفرض رسوم تأخير. كما ينبغي تسديد المبلغ بالكامل دون تجزئته لأن التسديد على دفعات سيحول الأمر إلى قرض بفائدة، وهذا ما تسعى إليه المؤسسات المالية. بطبيعة الحال هناك مؤسسات مالية تصدر بطاقات ائتمانية وتعطي فترة سماح طويلة نسبيا ولا تفرض رسوم تأخير، ويصعب ذكر أسماء هذه المؤسسات حتى لا يأخذ المقال صبغة ترويجية، لكن هي بالفعل موجودة ويمكن للمستفيد أن يتأخر عدة أيام دون أن تفرض عليه رسوما، ويمكنه كذلك أن يجزئ المبلغ دون أي رسوم أو فوائد إذا كان الشراء بالبطاقة، لكن الأمر يختلف عند السحب نقدا من جهاز الصراف، فهذا يفرض عليه رسوما على كل عملية، لذا ينصح مختصو المال إذا أراد حامل البطاقة الائتمانية أن يستخدمها للحصول على نقد أن يسحب المبلغ الذي يحتاج إليه مرة واحدة دون تكرار عملية السحب عدة مرات، لأن كل عملية تُفرض عليها رسوم سواء تم سحب ألف ريال أو عشرة آلاف ريال.
النصيحة الثالثة التأكد من سعر الصرف عند القيام بالشراء خارج نطاق الدولة، والأفضل الشراء بالعملة المحلية "عملة البلد الذي صدرت منه البطاقة"، تجنبا لأي عملية استغلال لسعر الصرف. عند الشراء بالبطاقة الائتمانية عادة ما يتم سؤال حاملها: هل يرغب في الدفع بالعملة المحلية أو بعملة البلد المضيف؟ فالأفضل هنا الدفع بالعملة المحلية، إلا إذا تم التأكد من عدالة سعر الصرف.
آخر نصيحة في التعامل بالبطاقات الائتمانية تتمثل في تغيير البطاقات الائتمانية عند العودة من السفر أو عند التعامل مع عدة جهات في بلدك، لأن هناك استغلالا للبطاقة الائتمانية من بعض الجهات دون علمك كما سبق وبينّا في مقدمة المقال. بعض المؤسسات والشركات تخصم من بطاقتك الائتمانية دون الرجوع إليك من أجل تسوية مالية أو رسوم عضوية، ولكي تقطع عليهم هذا العمل اللا أخلاقي فما عليك سوى إيقاف البطاقة وإصدار بطاقة جديدة. وعليك ألا تنتظر حتى يتم استغلالك، بل عند عودتك مباشرة قم بإيقاف البطاقة وطلب بطاقة جديدة برقم جديد، ولو تطلب ذلك دفع رسوم، فبعض المصارف تصدرها مجانا، والبعض الآخر يفرض رسوما، لكن ينبغي عمل ذلك تفاديا لأي محاولة استغلال مستقبلا.
هذه بعض النصائح والإرشادات من قبل بعض المختصين في مجال التعامل مع البطاقات الائتمانية، التي أصبحت ضرورة العصر، ولا غنى عن استخدامها، وقد تصبح بديلا عن النقد.

إنشرها