أخبار اقتصادية- عالمية

مختصون لـ "الاقتصادية" : الإنتاج العالمي من الغذاء يكفي لإطعام 10 مليارات نسمة

مختصون لـ "الاقتصادية" : الإنتاج العالمي من الغذاء يكفي لإطعام 10 مليارات نسمة

أكد مختصون أن المخاوف من أزمة غذاء عالمية مرجعها عدم العدالة في توزيع الثروة على المستوى الدولي، مشيرين إلى أن معدل الإنتاج العالمي يكفي لإطعام عشرة مليارات شخص، وهو عدد سكان كوكب الأرض عام 2050.
وعلى مدار الأشهر الثلاثة الماضية واصلت أسعار السلع الغذائية العالمية ارتفاعها، يحركها في ذلك الزيادة في أسعار الحبوب والسكر ومنتجات الألبان. وعلى الرغم من أن ارتفاع الأسعار لا يزال ضمن النطاق المقبول والممكن التحكم فيه، فإن ذلك لم يمنع عديد من الخبراء من الإعراب عن قلقهم من تلك التطورات.
وخلال الشهر الماضي بلغ مؤشر الفاو لأسعار الغذاء أعلى معدل له منذ يناير عام 2015، وبارتفاع 10 في المائة عن مستواه العام الماضي.
وإذا كانت البلدان الثرية يمكنها استيعاب تلك الزيادة السعرية، فإن الأمر لا يبدو بتلك السهولة بالنسبة للاقتصادات النامية، إذ تترجم الزيادة في أسعار السلع الغذائية إلى مزيد من العجز في الميزانية العامة، وتوجيه حصص أكبر من احتياطيات النقد الأجنبي المحدود إلى الاستهلاك الغذائي بدلا من التنمية. وهو ما يطرح تساؤلات حول تأثير الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية في قضية الأمن الغذائي العالمي.
يقول لـ"الاقتصادية" البروفيسور ديفيد هاريس أستاذ التجارة الدولية في جامعة ليدز، "يعتمد الأمن الغذائي العالمي على التجارة الدولية في أربع محاصيل رئيسة: الذرة والقمح والأرز وفول الصويا، وتمثل المحاصيل الثلاثة الأولى 60 في المائة من استهلاك الطاقة الغذائية في العالم، أما فول الصويا فهو أكبر مصدر في العالم لتغذية الماشية، ولهذا يمثل نحو 65 في المائة من الإمداد العالمي من الأعلاف البروتينية".
وأكد أن المحاصيل الأربعة يتركز إنتاجها في حفنة من البلدان المصدرة وتحديدا الولايات المتحدة والبرازيل ومنطقة البحر الأسود، وخلال الفترة ما بين عامي 2000-2015 نمت تجارة الأغذية العالمية بنسبة 127 في المائة لتصل إلى 2.2 مليار طن متري.
وتابع "هذا النمط الاحتكاري في التجارة الدولية يجعل الأسواق العالمية رهنا بالأوضاع الداخلية في تلك البلدان أو بالسياسات الزراعية التي تتبناها، أو بالتغيرات المناخية فيها، ما يوجد ضغوطا اقتصادية على البلدان الفقيرة أو محدودة الموارد".
وكان مؤشر «فاو» لأسعار الحبوب قد واصل الارتفاع خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وفي شهر يوليو الماضي زاد بنحو 5.1 من جراء الزيادة في أسعار القمح والأرز، وكانت الزيادة الأكبر في أسعار القمح، إذ أدت الأحوال الجوية السيئة والمتقلبة إلى تراجع الإنتاج في كل من كندا والولايات المتحدة.
يعتقد الباحث الاقتصادي سام بارتون، أن هناك مخاطر وتحديات حقيقية تحيط بسوق الغذاء العالمي، مبينا أن مواصلة ارتفاع الأسعار قد يوجد أزمة غذائية دولية على الأمد المتوسط.
ويضيف لـ"الاقتصادية"، "إذا طرحنا سيناريو تشاؤميا تم فيه تدمير محصول القمح الروسي من جراء الجفاف، وواجه المنتجون الرئيسون مثل الولايات المتحدة صراعات مع الطقس القاسي، أو موسم من الفيضانات، فإن الأمن الغذائي العالمي سيكون في خطر شديد، وسيزداد الأمر خطورة إذ تعرض إنتاج البرازيل الذي يبلغ 17 في المائة من الصادرات العالمية من القمح والذرة والأرز وفول الصويا للخطر من جراء تساقط الأمطار أو حتى إغلاق طرق النقل الرئيسة، فحدوث مثل هذا السيناريو - وهو سيناريو واقعي قابل للتحقق بسب التغيرات الراهنة في المناخ العالمي - يعني أننا سنواجه نقصا حادا في الغذاء على مستوى العالم، وسيترافق ذلك مع أعمال شغب وعدم استقرار سياسي، خاصة في المناطق التي تعتمد على الواردات".
ولكن الدكتورة لورين سميث ترى أن مشكلة الغذاء على المستوى الدولي تعكس في حقيقة الأمر حالة من عدم العدالة في توزيع الغذاء، سواء على المستوى الدولي أو المحلي أكثر من كونها تعبيرا عن حالة من نقص في الإنتاج الغذائي.
وتؤكد لـ"الاقتصادية"، أن الأمن الغذائي يحدث عندما يتمكن جميع الناس من الحصول على ما يكفي من الغذاء المأمون والمغذي لتلبية احتياجاتهم من أجل حياة صحية.
وتوضح أن الأمن الغذائي يواجه عددا من التحديات في كل من الإنتاج والاستهلاك، وحاليا تواجه عديد من البلدان العبء المزدوج للجوع ونقص التغذية جنبا إلى جنب مع مشاكل صحية في زيادة الوزن والبدانة، وفي الوقت الراهن يعاني واحد من كل ثلاثة أشخاص من مشاكل سوء التغذية على مستوى العالم، وبينما يواجه نحو 795 مليون شخص خطر المجاعة، ويفتقر أكثر من ملياري شخص إلى المغذيات الحيوية، ما يؤثر في صحتهم وفي متوسط العمر المتوقع لهم.
وتقول "يحيق الخطر بربع أطفال العالم دون الخامسة الذين يعانون خطر التقزم وتقلص القدرات البدنية والعقلية، ونجد أن التكلفة المقدرة للاقتصاد العالمي للمرض والوفاة من جراء زيادة الوزن والبدانة 2 تريليون دولار سنويا".
وتذكر أن الإنتاج العالمي من الغذاء في الوقت الراهن يكفي لسد احتياجات البشرية، ولكن هناك سوء استخدام مفرط من قبل البلدان الثرية والطبقات الاجتماعية المترفة لكميات الغذاء المتاحة، كما أن الإفراط في عمليات التصنيع والتلوث البيئي والتغيرات المناخية نتيجة سلوك الإنسان، يتوقع أن تؤدي إلى خسارة 25 في المائة من الإنتاج الزراعي بحلول عام 2050.
وتشير إلى أن المخاوف من أزمة غذاء عالمية، والأعداد الهائلة من الجوعى في العالم مرجعها الفقر وعدم العدالة في توزيع الثروة على المستوى الدولي، فخلال العقدين الماضيين كان معدل زيادة الإنتاج العالمي من الغذاء أكبر من معدل الزيادة السكانية، والكرة الأرضية تنتج حاليا أكثر بمرة ونصف من احتياجاتها الغذائية، أي ما يكفي لإطعام عشرة مليارات شخص، وهو عدد سكان كوكب الأرض عام 2050.
ويعتقد الدكتور الن بارتون الاستشاري السابق في منظمة الأغذية والزراعة "فاو" أن البشرية لديها القدرة على مواجهة تحديات الغذاء بشكل جذري، وتحقيق أمن غذائي لعقود طويلة مقبلة، إذا أحسنت استخدام الموارد الزراعية المتاحة لديها، وتبنت سياسات زراعية ترمي إلى تحقيق التوازن بين الاحتياجات الإنسانية والبيئية.
ويقول لـ"الاقتصادية" إن الارتفاع الراهن في أسعار الحبوب، رغم أنه لا يزال في إطار يمكن السيطرة عليه، يحمل في طياته مخاطر مستقبلية بتدهور الوضع وانفجاره ،إذا لم يتم وضع سياسات كونية جماعية عبر المؤسسات الدولية، لمواجهة أي مخاطر تنجم عن ارتفاع الأسعار لمعدلات لا يمكن للدول الفقيرة تحملها، فالسلوك الدولي الراهن لمواجهة أزمة الغذاء يسهم في بعض جوانبه في تفاقم المشكلة أكثر من حلها.
ويضيف "فعلى سبيل المثال كلما كنا في حاجة إلى مزيد من السلع الغذائية قامت الحكومات أو المجموعات الريفية بقطع الغابات، أو حرث الأراضي العشبية لزيادة مساحة الأراضي القابلة للزراعة، هذا السلوك يؤدي إلى الإخلال بتوازن النظام الأيكولوجي، كما أن العائد من المحاصيل الزراعية من الغابات التي قطعت وتم تحويلها إلى أراض زراعية عائد منخفض للغاية، ومعظم تلك الأراضي التي تم تطهيرها في المناطق المدرية لا تسهم في الأمن الغذائي".
ويؤكد أنه حان الوقت لتركيز الاهتمام على زيادة الغلة في الأراضي الزراعية الأقل إنتاجية ولاسيما في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية، حيث توجد فجوات واسعة بين مستويات الإنتاج الحالية، وتلك الممكنة من ممارسة الزراعة المحسنة، ولا شك أن هذا سيسهم في زيادة الإنتاج العالمي من الغذاء إلى مستويات تضمن انخفاضا في أسعار المواد الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي العالمي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية