Author

الجوازات .. وتحديات «رؤية 2030»

|

قبل أيام بدأت "الإدارة العامة للجوازات" تحصيل رسوم الوافدين التي تم تنفيذها وفق حزمة إصلاحات اقتصادية ضمن "رؤية 2030"، وفي "الرؤية" هنا توجه واضح ومعلن للاستفادة من الوافدين ماليا وعلميا وتنمويا لتغيير الوضع الحالي الذي تحول معه ملايين الوافدين إلى مستنزفين لثروات الوطن دون مردود، وهذا "التحول الوطني" في "الرؤية" لن ينجح دون تحويل "إدارة الجوازات" إلى هيئة أو مؤسسة تعنى بشؤون الوافدين فقط، تتعامل بمهنية واحترافية في تقديم خدماتها لـ12 مليون وافد يقيمون بيننا لكن زيارة لي لـ"جوازات الطائف" الأسبوع الماضي جعلتني أبدو قلقا على تحقيق التغيير المطلوب لهذا الجهاز ليكون كما نتمنى.
ما زال الجهاز بطيئا وغير فاعل في تنفيذ التحديات ولعل هيكلة الجهاز تتطلب: فصل إصدار الجوازات لتكون تابعة "للأحوال المدنية" حيث لا تشكل الآن مع وجود نظام "أبشر" سوى 1 في المائة من مهام الجهاز، وقد قرأت في بعض الصحف سابقا أن "أجهزة الأحوال المدنية" بدأت في تجهيز أقسام خاصة لمنسوبي "الجوازات" المختصين بإصدار "جوازات السفر" تمهيدا لدمجها مع أقسام "الأحوال المدنية" الأخرى إلا أن الأمر توقف دون مبررات واضحة. وفي حال خروج قسم إصدار "الجوازات" ستكون كامل عمليات الجهاز مختصة بالوافدين بدءا من دخوله المملكة حتى خروجه منها وما يتبعه من إصدار الوثائق اللازمة، والتأمين الطبي، وتأشيرات الخروج والعودة، وتأشيرات الزيارة وإقامة المرافقين، وتعقب المخالفين وغيرها من الإجراءات المعتادة.
جهاز الجوازات يقوم حاليا بكل هذه الإجراءات ولكن هناك معاناة وجملة من الملاحظات أهمها:
أولا: الزحام الشديد الذي تكتظ به مقار الجوازات في معظم المناطق رغم وجود نظام تقني يغطي عمليات كثيرة، ولكن إصرار الجهاز على مراجعة المواطنين في إجراءات أخرى لا تتناسب مع متطلبات المرحلة التي يفترض فيها الاستغناء تماما عن مراجعة الجهاز في ظل وجود التقنية واستخدام البصمة. ومن يراجع صالات الجوازات حاليا يستغرب ساعات الانتظار الطويلة وقلة الموظفين واستياء المراجعين من ساعات الانتظار وغيرها. وقد أخبرني أحد الزملاء أنه بقي أياما يراجع الجوازات من أجل إصدار تأشيرة خروج لعامل وافد وقد تعطل الإجراء بسبب تشابه الأسماء رغم وجود نظام البصمة واختلاف أرقام الإقامات.
ثانيا: في حال هيكلة الجهاز وتحوله إلى هيئة تعنى "بشؤون الوافدين" لا أرى مبررا لمنع الوافدين من مراجعتها وإنهاء ما يخصهم من أمور الوثائق وغيرها. وهذا الإجراء معمول به في أغلب دول العالم وقد شاهدت بنفسي معاملات ووثائق تتعطل بالشهور لمواطنين مسنين أو أصحاب أمراض صعبة منعتهم ظروفهم من مراجعة الجهاز وإنهاء إجراءات مكفوليهم.
ثالثا: ربما تسهم "هيئة الوافدين المنتظرة" في تغيير الفكر القائم الذي يرى في كثير من العمالة الوافدة مجرد مخالفين ومتهربين من الأنظمة وغيرها، حيث تكون النظرة للوافد أكثر إيجابية باعتباره فردا عاملا محركا للتنمية الاقتصادية، وبالتالي التسويق لكثير من فرص العمل والإقامة واستقطاب الكفاءات التي نحتاج إليها وتستفيد منها الدولة والوافد القادم إليها كما تفعل إدارات الهجرة في بلدان العالم التي تسوق للآخرين أحلام فرص العمل والهجرة إليها.
رابعا: من المناسب لهيئة الوافدين أن يكون لديها حزمة حوافز لكثير من الوافدين سواء فيما يتعلق ببعض المهن التي تثري التنمية الاجتماعية لدينا أو ما يخص المستثمرين وغيرها من الأفكار، وعلى سبيل المثال يمكن أن تمنح الهيئة إقامة مجانية لفترة معينة لبعض العلماء والباحثين في جامعاتنا، أو تمنح إقامة مجانية لعائلة بعض الأطباء البارعين وغيرها من الأفكار الجذابة التي تشعر الوافد بإنسانيته وانتمائه لمكان إقامته.

إنشرها