FINANCIAL TIMES

ملابس مشاهير الكُتّاب لا تجري حسب قواعد الأزياء

ملابس مشاهير الكُتّاب لا تجري حسب قواعد الأزياء

ملابس مشاهير الكُتّاب لا تجري حسب قواعد الأزياء

الكُتّاب لا يشتهرون عموماً باهتمامهم بالملابس. أي شخص في حفل إطلاق كتاب، سيعرف أنهم غالباً ما يرتدون خليطا من الخيوط، وليس الأزياء الراقية.
مع ذلك، هناك استثناءات ملحوظة، وعندما تلتقي الموضة والخيال، تصبح مزيجاً قوياً.
لنأخذ كارل أوف كنوسجور. كان يُدعى بروست النرويج، لكن مع شعره الطويل الغزير، السترات الجلدية وسترات الكتان المجعدة.
هو أيضاً قليل من براد بيت الاسكندنافي مع اندفاعة من ذروة بون جوفي.
مارلون جيمس صنع أسلوب الشوارع الذي يعود إلى السبعينيات: عادةً مع قميص ضيق، وسترة جلدية وحذاء رياضي من ريترو. وهناك القليل من الصور لمطابقة صورة جوليان واسر في عام 1968 لصورة جوان ديديون، وهي تميل على كورفيت ستينجراي، رداؤها الأصغر والترتيب الهندسي للسيجارة في يديها تعكس الخطوط الأنيقة للسيارة.
هذا يُساعد على تمجيدها كرمز ثقافي، ملكة الأناقة العقلية. صورتها تتردد كثيراً مع المصممة فيبي فيلو لسيلين، بحيث إنها وضعت ديديون في حملة إعلانية في عام 2015.
ديديون وكنوسجور هما من بين 50 كاتبا يتم استكشاف أسلوبهما في كتاب جديد جذاب "المؤلفون الأسطوريون والملابس التي يرتدونها" من تأليف تيري نيومان، وتهدف فيه إلى "ربط القيمة الكبيرة لصاموئيل بيكيت، مثلاً، مع مناقشة حقيقة أنه كان يرتدي أحذية كلاركس والابي".
كما لم يكُن خائفاً من إغراء حقيبة اليد الرجالية، حيث هناك لقطة مفاجئة من عام 1971 للكاتب المسرحي المخادع في جينوا مع "حقيبة هوبو" من جوتشي معلقة على كتفه.
تجد نيومان أن الملابس هي شكل ذو قيمة من أشكال التعبير عن الذات: نظرة قوية يُمكن أن تأخذ المؤلف أبعد بكثير عن الحدود الثقافية لرف الكتب.
وكما تشمل السمات المميزة للنثر الفردية، الشجاعة والاقتناع، ربما لا ينبغي أن يكون من المفاجئ أن عددا كبيرا للغاية من الكُتّاب العظماء لديهم هويات ملابس مميزة.
سكوت وزيلدا فتزجيرالد كانا زوجين أدبيين من الواضح أنهما اهتما بأحدث الموضات واستخدما الملابس لتعزيز أسطورة شباب عصر الجاز.
تروي نيومان كيف شعر سكوت بالوعي بشكل خاص حول كيف كانت زوجته الجديدة تبدو بسيطة عندما وصلت إلى نيويورك في عام 1920 من مونتجومري، ألاباما، مع حقيبة من الفساتين المزركشة وسراويل مخملية.
خوفا من أنها ستنحرف عن صورتهما كزوجين عالميين، طلب من صديقته ماري هيرسي أخذها إلى التسوق، وذهبتا إلى المصمم الفرنسي جان باتو واشترتا لزيلدا بدلة أكثر حداثة.
كانت رحلة التسوق بمنزلة بداية تحوّل زيلدا إلى فتاة حفلات جين ريكي التي قفزت ذات مرة إلى نوافير ساحة الاتحاد - "أول شابة متمردة أمريكية" كما وصفها سكوت.
سرّحت شعرها القصير بتمويج مارسل، ارتدت الفساتين التي فوق الركبة وجمعت الصدار، والخرز والفراء، بينما سكوت فتزجيرالد كان يرتدي باستمرار بدلات صوفية مع صدرية، ومنديل جيب ويسرّح شعره إلى الخلف مع فرق من الوسط. بريقهما (المصيري في نهاية المطاف) أضاف القوة إلى السحر الذي ألقياه على الموضة.
في عام 2011، فستان الزفاف والخاتم لكيت موس كانا مستوحيان من زيلدا، بينما حفلة عيد ميلادها الثلاثين في عام 2004 كان موضوعها "الجميلة والملعون".
ويشمل كتّاب آخرون مع اهتمام علني بالملابس اللافتة للنظر على البوهيميين أوسكار وايلد، وإديث سيتويل وجيرترود شتاين.
وايلد، الذي أعلن أنك "مهما حاولت لا يُمكنك أن تبالغ في ارتداء الملابس أو تكون مثقفا بشكل مبالغ فيه"، كان من المتأنقين الذين ارتدوا السترات المخملية، والكابات، والمعاطف المطوّقة بالفراء، والبناطيل القصيرة والأحذية الجلدية اللامعة.
ربما بشكل غير متوقع أكثر، كما أخبرتني نيومان، "أنه أيضاً كان عضواً في جمعية الملابس العقلانية"، التي تدعو أن الملابس ينبغي أن تكون عملية وجذابة وتُحرر النساء من الضغط الاجتماعي في ارتداء الملابس المُقيّدة.
جيرترود شتاين، التي رسمها بيكاسو في كاب مخملي، أنفقت بعض العوائد من "السيرة الذاتية لأليس بي توكلاس" على (كما تكشف في "السيرة الذاتية للجميع" في عام 1937) "المعطف الأكثر كلفة الذي صُنع حسب الطلب من قِبل شركة هيرمس وجهّزه الرجل الذي يصنع الأغطية لخيول السباق". كانت شتاين تُعتبر مشهد أزياء مزدهر يدل على أمّة صحية.
الكاتبة والشاعرة إديث سيتويل كانت تملك أسلوبا طليعيا غامضا أقرب إلى ساحرات العصور الوسطى، يتكون من قبعات على غرار بلانتاجينيت، أثواب فخمة مصنوعة من الأقمشة الشبيهة بالستائر، وخواتم مع جواهر بحجم البيضة، وقلائد صلبان ضخمة.
قبل عقود من رقصات مادونا حول إحدى الكنائس في ملابس قصيرة، كانت سيتويل قد وصفتها المؤلفة إليزابيث بوين بأنها مثل "هيكل عال يتحرك".
سيتويل رفضت عمداً اتجاهات الموضة للسير على طريقتها، كما فعلت سيمون دي بوفوار، التي كانت ترتدي العمامة العملية التي اعتمدتها كثير من النساء في فرنسا المحتلة، بعد فترة طويلة من انتهاء الحرب.
العمامات فضلاً عن التنانير الكاملة والفساتين المصممة خصيصاً في المطبوعات الإفريقية، هي أيضاً توقيع للمؤلفة النسوية تشيماندا نجوزي أديشي، التي تستخدم الملابس للتعبير عن فكرة سياسية.
في أيار (مايو) الماضي، أعلنت أنها سترتدي ملابس صناعة نيجيرية من أجل الظهور العام لتعزيز اقتصاد وطنها. زادي سميث أيضاً غالباً ما تضع على شعرها لفة مع نظارات جينزبيرج الأنيقة وفساتين زاهية مستوحاة من الأربعينيات، تعتمد طريقة ارتداء الملابس بأناقة، مع التعبير عن عدم الراحة من الموضة السائدة. تقول نيومان: "واحدة من النقاط التي أردت إثارتها كانت أن كثيرا من هؤلاء الكُتّاب لم يكونوا وليسوا حسب الموضة على هذا النحو، لقد ارتدوا الملابس التي أحبوها وانجذبوا نحوها. إنها هوية فنية مع الملابس، منفصلة عن نظام الموضة، وليست عبدة للموضة".
أن تبدو مميزاً لا يجب أن يعني الاختلاف. كثير من الكُتّاب جعلوا البذلات بمنزلة علامتهم المميزة، وكان لهذا تأثير بالغ: هناك شيء مميز بشكل رائع بشأن الكاتب، مثل إدوارد سانت أوبين وجوناثان فرانزين، الذي يرتدي بذلة عندما لا يكون هناك نمط معين للالتزام به.
ليس فقط الرجال من يفضلونها، المؤلفة الأمريكية فران ليبويتز تعرض مظهر رسمي عن طريق الخياطة من أندرسون أند شيبراد، بينما دونا تارت تصقل سمعتها الغامضة بسترات سوداء حادة، وقمصان بيضاء بدائية، وقصّة شعر أنيقة جداً تجعل شعر آنا وينتور يبدو أشعثاً.
تُشير نيومان إلى أن مارك توين كان يأخذ ملابسه على محمل الجد، حيث أعلن في عام 1905 أنه "لا توجد قوة دون ملابس. إنها القوة التي تحكم الجنس البشري". لونه المفضل كان الأبيض، فغالباً ما كان يُشاهد في بذلة باللون العاجي من ثلاث قطع، وبعمر 70 عاماً كتب في سيرته الذاتية، "شيئاً فشيئاً آمل أن أستجمع ما يكفي من الشجاعة لارتداء ملابس بيضاء طوال فصل الشتاء، في نيويورك".
ملك البدلات البيضاء من ثلاث قطع هو توم وولف، الذي دخل إلى وضعه الملائم في الخياطة الرجالية في عام 1962 بعد أن حصل على وظيفة في صحيفة هيرالد تريبيون. الصحافيون فضّلوا البذلات، لذلك اشترى نسخة بيضاء صوفية حريرية لأنها كانت رائجة خلال الصيف في بلدته ريتشموند، فيرجينيا.
بسبب عدم قدرته على تحمّل تكلفة نسخة شتوية، خالف التقليد (لا للون الأبيض بعد يوم العمال) وواصل ارتداءها في الخريف.
وأخبر مجلة رولينج ستون في وقت لاحق أن رد الفعل على هذا الانفصال عن التقليد "كان مذهلاً تماماً.. العداء نحو التغييرات الصغيرة في الأسلوب كانت رائعاً تماماً".
وولف، الذي يتوه في ارتداء الظلال مثل اللون الأخضر الشاحب والأزرق الداكن، يُحذّر من الملابس غير الرسمية والعرضية المخيفة.
وقال أخيرا: "اليوم، يميل الرجال للاعتقاد أنهم إذا ارتدوا ملابس بشكل يُظهرهم أصغر سناً، فسوف يبدون أصغر سناً، لكنهم لا يبدون أصغر سنا، إنه التأثير المعاكس".
غير المعجب بالرجال الكبار في سيليكون فالي الذين يرتدون البلايز والقمصان ليبدو "صغاراً مع أولادهم"، يحثّهم على "تغطية عنقك، بمجرد أن تتجاوز عمر 35 عاماً، فإنها تتعرض للبلى".
هناك كتّاب آخرون في حركة الصحافيين الجديدة كان لديهم ذوق مماثل: قفطان ديديون الطويل والتنانير البسيطة أو المرقعة أكدت شخصيتها التقريبية وكانت تبدو إلى حد ما ذات ثقافة رفيعة، وليست هيبية؛ جاي تاليس لديه احترام وثني للخياطة المفصلة، المتحدة مع ربطات العنق، ومربعات الجيوب والقبعات المنخفضة.
هنتر تومسبون، كاتب المقالات غير الموضوعية، كان مظهره مذهلا بشكل غريب تماما: هو يشبه سائحا أمريكيا في رحلة سفاري وهو يشبه كأسا من الكوكتيل. ملابسه في السبعينيات كانت بشكل عام تتألف من بناطيل قصيرة، وأحذية ذات نعال مطاطية، وقمصان ذات ألوان متمردة، وجاكيتات صيد – وكلها مزودة بسخاء بقبعات سفاري، ومقبض سجائر، ونظارات شمسية من طراز راي بان كاليكروم شوتر، وبندقية.
هذا ما يفعله الشخص غريب الأطوار. لم تكن ملابسه أنيقة بشكل تقليدي، لكن كتابة المقالات الشخصية غير الموضوعية هو أمر يتعلق بالشخصية وليس بالموضوعية، وروح تومبسون المتمردة أعطت مظهره طابعا مثل شخص متبختر مجنون بذكورته.
ربما هذه هي العبرة الأرحب لهذه القصة الخاصة. أسلوب اللباس الذي لا ينسى، مثل الكتابة النثرية، هو حول الطابع الفردي الشاذ وليس حول صناعة الأزياء.
كوينتين كريسب، الغندور المتهندم الذي كان يرتدي العباءة المخملية، كتب في سن التسعين: "عليك أولا أن تعثر على نفسك. ثم عليك بعد ذلك أن تكون مثلما هي بجنون".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES