default Author

تعافي الاقتصاد يزداد قوة «2 من 2»

|
لا تزال ضغوط التضخم الأساس منخفضة في الاقتصادات المتقدمة ولا تشير مقاييس التوقعات التضخمية الأطول أجلا إلى اتجاه صعودي يتجاوز المستهدف، ومن ثم ينبغي للبنوك المركزية أن تواصل التقدم بحذر استنادا إلى ما يرِد من بيانات اقتصادية، بما يخفف مخاطر تشديد الأوضاع المالية على نحو سابق لأوانه. وفي الصين، أدت السياسة الداعمة إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة في الآونة الأخيرة، وقد رفعنا تنبؤاتنا لعامي 2017 و2018 بنسبة 0.1 و0.2 نقطة مئوية على الترتيب، لتصل إلى 6.7 في المائة و6.4 في المائة. ولكن ارتفاع النمو يأتي بتكلفة هي استمرار التوسع الائتماني السريع وما يفرضه من مخاطر على الاستقرار المالي. ولذلك يجدر الترحيب بالتحركات الأخيرة التي بادرت بها الصين لمعالجة القروض المتعثرة وتنسيق الرقابة المالية. وأخيرا، لا يزال خطر الإجراءات الحمائية وردود الأفعال تجاهها ملمحا بارزا على المديين القصير والمتوسط، وهو ما ينطبق بالمثل على المخاطر الجغرافية -السياسية. الأفق الزمني الأطول ورغم الآفاق الحالية الأفضل، فإن تنبؤات النمو على المدى الأطول لا تزال خافتة مقارنة بالمستويات التاريخية، كما أن النمو الفاتر على المدى الأطول ينطوي على مخاطر أيضا. ففي الاقتصادات المتقدمة، شهدت الدخول الحقيقية الوسيطة حالة من الركود وزاد عدم المساواة عبر عدة عقود. وفي الوقت الذي تواصل فيه البطالة الانخفاض، لا يزال نمو الأجور ضعيفا. وهكذا، فإن استمرار النمو البطيء لا يعوق تحسن المستويات المعيشية وحسب، بل ينطوي أيضا على مخاطر تفاقم التوترات الاجتماعية التي أدت بالفعل إلى دفع بعض الناخبين في اتجاه السياسات الاقتصادية الأكثر انغلاقا. أما في الاقتصادات الصاعدة، فرغم مستوى عدم المساواة الأعلى بشكل عام من المشاهد في الاقتصادات المتقدمة، نجد أن زيادة كبيرة في الدخل قد تحققت حتى للمصنفين في المستويات المنخفضة على منحنى توزيع الدخل. ويتيح الانتعاش الدوري الجاري فرصة مثالية لصناع السياسات كي يعالجوا بعض القوى طويلة الأجل التي تقف وراء تباطؤ النمو الأساسي. ويمكن أن تؤدي الإصلاحات الهيكلية المناسبة إلى رفع الناتج الممكن لكل البلدان، خاصة إذا دعمتها سياسات مالية مواتية للنمو، بما في ذلك الاستثمار المنتج في البنية التحتية، شريطة وجود حيز كاف في الموازنة الحكومية. وإضافة إلى ذلك، يمثل الاستثمار البشري مطلبا حيويا - سواء من خلال التعليم الأساسي أو التدريب الوظيفي أو برامج المهارات الجديدة. وستؤدي مثل هذه المهارات إلى تعزيز صلابة أسواق العمل أمام التحول الاقتصادي ورفع الناتج الممكن. وإجراءات السياسة نفسها التي يمكن أن تساعد الاقتصادات على التكيف مع العولمة -كما يصفها التقرير الأخير الذي اشتركنا في إعداده مع البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية- ضرورية بشكل أعم لمواجهة تحديات التكنولوجيا والتحول إلى النظم الآلية. ويعتبر تعزيز التعاون متعدد الأطراف عاملا أساسا آخر لتحقيق الرخاء، في مجموعة من المجالات المختلفة، ومنها التجارة وسياسة الاستقرار المالي، وضرائب الشركات، والمناخ، والصحة، والإغاثة من المجاعات. وحيثما يكون للتطورات القومية تأثير دولي قوي، تصبح السياسات القائمة على منهج ضيق يركز على المكاسب المحلية سياسات مفتقرة إلى الكفاءة على أفضل تقدير وشديدة الإضرار بالجميع على أسوأ تقدير.
إنشرها